الأخطاء الطبيّة تهدّد صحة السعوديين

25 نوفمبر 2015
"وزارة الصحة تشدد رقابتها على المستشفيات" (فرانس برس)
+ الخط -
تزايدت في الفترة الأخيرة الأخطاء الطبية في السعودية، وقد أقرّت وزارة الصحة بجملة من الأخطاء الفادحة خلال الشهر الماضي، من بينها تأخّر أحد أطباء الطوارئ في العاصمة الرياض في فحص طفلة مصابة بالاختناق جراء الغرق، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. وقبل الإهمال الذي أودى بحياة الطفلة، اشتكى أهالي أحد المرضى في الطائف (غرب) من إهمال المستشفى لقدمه المصابة، حتى ساءت حالها وعُطبت. وفي النماص (جنوب)، توفيت طفلة بعدما حُقنت بدواء مضاد للالتهاب منتهي الصلاحية.

ولا يقتصر الأمر على الأخطاء التي يرتكبها الطاقم الطبي، بل يتجاوزه ليطال أخطاء الإداريين. فقبل نحو شهر على سبيل المثال، أعفى وزير الصحة السعودي، المهندس خالد الفالح، مدير مستشفى الملك فيصل في مكة (غرب)، من مهامه، وكذلك مدير الخدمات الطبية، ومدير الخدمات المساندة، ومدير قسم الطوارئ في المستشفى، على خلفية العثور على جثة فتاة في الثانية عشرة من عمرها متعفنة في إحدى غرف الطوارئ في المستشفى. وقد جرى نسيانها ميتة لمدة خمسة أيام.

وما زال السعوديون يتذكرون الخطأ الطبي الذي تسبب في إصابة طفلة في الثانية عشرة من عمرها، بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) بعدما نقل لها أطباء مستشفى الملك فهد، في جازان (جنوب غرب)، دماً ملوّثاً بالفيروس. وبعد أشهر قليلة من الحادثة، التي أثارت سخط الرأي العام السعودي حينها، تكرّر الخطأ القاتل في خميس مشيط (جنوب غرب).

ونظراً لما يسجَّل أخيراً، يتوقع خبراء في الشأن الصحي السعودي أن تزيد الأخطاء الطبية في العام الجاري عن تلك التي سجلت في عام 2014، والتي تجاوزت 3704 أخطاء. فبحسب تقرير رسمي أصدرته وزارة الصحة، ارتكب 1759 طبيباً و1945 ممارساً للرعاية الصحية أخطاء طبية في عام 2014. وثمّة أكثر من 2400 قضية رُفِعت أمام اللجنة الطبية المختصة، فيما بلغت الأخطاء الطبية التي هددت حياة المرضى في العام الماضي نحو 315 خطأ طبياً.

يوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، الدكتور خالد مرغلاني، أن الوزارة تشدد رقابتها على المستشفيات، قائلاً لـ"العربي الجديد": "نحن لا نتهاون مع الأخطاء، مهما كانت. ونحوّل كل القضايا التي يرفعها المواطنون إلى الهيئة الشرعية التي تحدد المتسبب في الخطأ، فيُحاسَب وفق الأنظمة مرعية الإجراء". لكنه يشدّد على أن "ليس كل ما يتعرّض له المريض من مضاعفات خطأ طبيّ".

وبحسب تقرير رسمي للوزارة، صُرِف أكثر من 12 مليون ريال سعودي (ثلاثة ملايين و200 ألف دولار أميركي) كتعويضات، بمتوسط 38 ألفاً (10 آلاف ومائة دولار) للخطأ الواحد. كذلك، أكثر من 214 قضية ما زالت مرفوعة، وقد تتجاوز قيمة التعويضات فيها عشرة ملايين ريال (مليونين و700 ألف دولار).

تجدر الإشارة إلى أن المشهد الصحي في السعودية يعاني بشكل عام من مشاكل كثيرة، لم يفلح أربعة من الوزراء الذين عُيّنوا في أقل من عامَين في إصلاحه، على الرغم من تجاوز ميزانية الوزارة 217 مليار ريال (57 ملياراً و800 مليون دولار) في العام.

ويشير طبيب القلب في المستشفى العسكري، الدكتور سعد الشتري، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المشكلة الكبرى التي تتسبب في ارتفاع عدد الأخطاء الطبية في السعودية هي ضعف الرقابة وتواضع قيمة الغرامات التي تفرضها الوزارة، فيستهتر الأطباء في عملهم"، مضيفاً أن "أربعة وزراء تغيّروا في أقل من عامين، ومع ذلك لم يتغيّر شيء. ما زالت الأخطاء قائمة، إذ تعاني الوزارة من المركزية الطاغية وسوء الإدارة".

وتقول دكتورة النساء والولادة سميرة (طلبت عدم ذكر اسمها الأخير)، لـ"العربي الجديد": "الأخطاء كبيرة، وخاصة أن العقوبات ضعيفة، ولا تقلق الطبيب"، وتضيف: "لا توجد رغبة حقيقية من مدراء المستشفيات في علاج الخلل، والوزارة عاجزة عن مراجعة كل شيء بنفسها".

حرب المدراء
"ثمّة حرب يشنّها بعض المدراء على الأطباء الأكفاء، الأمر الذي يتسبب في تسرّب الكوادر الجيّدة"، بحسب الطبيبة المختصة في الأورام د. منى باعود. تضيف: "مشكلة المشهد الصحي في انقسامه. المستشفيات الحكومية تخضع لوزارة الصحة، بينما تلك الجامعية تخضع لوزارة التعليم، وتتوزّع العسكرية منها على القطاعات العسكرية".

إقرأ أيضاً: الأولوية للأمن والصحة
المساهمون