الأحزاب والديمقراطية التشاركية

27 فبراير 2018
+ الخط -
نص الدستور المغربي لسنة 2011، ولأول مرة على حق المواطنين في تقديم الملتمسات، وكذا العرائض، إلى السلطات العمومية، بحيث تعمل هذه السلطات على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعليين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها، وذلك حسب الفصول "13، 14، 15" من دستور 2011. فالديمقراطية التشاركية آلية من آليات محاسبة مؤسسات الدولة والمنتخبين حول المشاريع التي لم تنجز بعد، وحول مطلب من المطالب المشروعة للساكنة، والتي تكون عريضة يوقعها ما لا يقل عن 25000 مواطن ومواطنة، ينتمون إلى ثلث الجهات على الأقل، وذلك حسب القانون التنظيمي رقم 44.4. لكن الإشكال الذي يثار هنا، هو هذا الشرط أو عدد الموقعين الذي تم تقييده بضرورة أن يكون الموقعون مسجلين في اللوائح الانتخابية، ما يدفع إلى السؤال: ماذا عن الجهات التي ليس فيها عدد كاف مسجل في اللوائح الانتخابية؟ أليس من حقها أن تقدم عريضة من أجل المطالبة بأحد الحقوق، خصوصا أن المغرب يعيش في زمان المقاطعة الانتخابية أو الانتقام السياسي؟
الديمقراطية التشاركية، كما سبق، آلية من أجل تحقيق المطالب المشروعة دستوريا ومحاسبة المنتخبين على عدم الوفاء بوعودهم، فعلى الرغم من التنصيص الدستوري عليها، ووجود قوانين تنظيمية تتعلق بهذه الآلية الدستورية، إلا أن الأمر لا يدفع المواطنين إلى تقديم العرائض إلى السلطات العمومية أو تقديم الملتمسات، أو حضور الجلسات العمومية للمجالس الجماعية التي تمثل الساكنة.
والخلل هنا في غياب تكوين والتأطير للمواطنين في هذا المجال، والذي يبقى على عاتق الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، فالأحزاب هي من لها الحق في تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة السياسية والاجتماعية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية، وذلك وفق ما نص عليه دستور المملكة في فصلة السابع، فغياب هذا التأطير والتكوين للمواطنين في ميدان الديمقراطية التشاركية مرده أن الأحزاب والمنتخبين يريدون أن يبقى المواطن المغربي، بعيدا عنهم ولا يحاسبهم ولا يطالب بحقوقه الدستورية، وكذلك الوعود التي سبق أن تلقاها من المنتخبين في الحملات الانتخابية، سواء البرلمانية أو الانتخابات الجهوية والجماعية.
45754589-9CE2-4D27-9413-147BB8F46B0E
45754589-9CE2-4D27-9413-147BB8F46B0E
هشام عميري (المغرب)
هشام عميري (المغرب)