الآلية المالية... تقاعس أوروبي ورهان إيراني

04 فبراير 2019
عراقجي: القناة المالية تتيح حركة الصادرات والواردات (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -


لم يُنه إعلان الأطراف الأوروبية عن الآلية المالية، السجال حول ماهية الامتيازات التي كان من المفترض منحها لطهران لكي تبقى ملتزمة بالاتفاق النووي عقب انسحاب واشنطن. فالمشروع الذي أطلق عليه اسم "أداة دعم المبادلات التجارية" أو "أنستيكس"، سُجّل في فرنسا، وستديره ألمانيا، ورأس ماله مشترك مع بريطانيا، ومن المفترض أن يسمح بتبادل البضائع مع إيران والالتفاف على العقوبات الأميركية.

لكن تصريحات الأوروبيين لم تُلبّ طموح الإيرانيين، رغم إشادة من أشرفوا على المباحثات بإقرار الآلية. فـ"أنستيكس" ستدعم تجارة أوروبية مشروعة مع طهران، وستؤمّن في مراحلها الأولى بضائع محددة، من قبيل الأدوية والأجهزة الطبية وبعض السلع الغذائية، وهو ما قال عنه محافظو الداخل الإيراني إنه لا يحل المسألة، فهذه بضائع لا تخضع للعقوبات، وهو ما يعني استمرار التقاعس الأوروبي ومحاولة شراء الوقت، لضمان عدم انسحاب طهران من الاتفاق، أو اتخاذها قرار استئناف التخصيب بنسب عليا.

لكن مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي خاض بنفسه مباحثات مع الأوروبيين، أوضح أن القناة المالية تتيح حركة الصادرات والواردات من إيران وإليها، معتبراً أن العمل بها يتطلب إنشاء هيكل موازٍ في إيران نفسها. وهذا بحد ذاته يعني أن العملية لن تبدأ قريباً بحسب المنتقدين. وتنتظر طهران أيضاً أن تنضم لهذه الآلية شركات وأطراف غير أوروبية. ووفقاً لعراقجي، فإن الإعلان عن تأسيس المشروع يعني إنهاء أولى المراحل وحسب، والشروع في مباحثات جديدة، معترفاً أنه تم تأسيسها لتبادل البضائع المحظورة على إيران، وهو ما لم يتم تحديد آلياته بعد، إلى جانب أن ما منحه الأوروبيون لطهران يشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وليس بالضرورة أن يشمل كل أطراف الاتحاد الأوروبي.

كل ذلك يعني أن أوروبا لا تريد إنهاء حياة الاتفاق، لكن ما تفعله فتح الباب أمام رهانات إيرانية داخلية تتوزع على ضفتين؛ الأولى خاصة بأولئك الذين يحاولون مجاراة أوروبا حتى النهاية، لتحقيق مكتسبات سياسية، وللحفاظ على صورة إيران الساعية لعدم تخريب الاتفاق أمام المجتمع الدولي، وأمام الشارع المحلي الممتعض من عودة العقوبات. وعلى الضفة الثانية، يراهن منتقدو حكومة الاعتدال على فشلها، من خلال تركيزهم على عدم جدوى الآلية، فما الفائدة إن لم تشمل السلع غير المحظورة، أو لم تحدد آلية بيع النفط مثلاً، ناهيك عن حديث هؤلاء عن اشتراط انضمام إيران لكل مقررات مجموعة العمل المالي لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال "فاتف" لكي يتم تفعيل "أنستيكس" عملياً، وهو ما بدأ البعض في الداخل بوصفه بمحاولة ابتزاز طهران.