اقتصاد اليانصيب

06 نوفمبر 2015
حكومة الأسد تصدر ورق اليانصيب وتغلق المصانع(فرانس برس)
+ الخط -

أظهرت مبيعات مؤسسة المعارض والأسواق الدولية بدمشق من ورق اليانصيب، التي بلغت 1.5 مليار ليرة حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، والتوقعات بوصولها إلى 1.8 مليار ليرة حتى نهاية العام، أي أكثر من قيمة بيع أنشطة اقتصادية عدة، أن ذلك مؤشر يمكن قراءته على وجوه عدة، لا سيما في ظل واقع التراجع الكبير للقدرة الشرائية للسوريين.

لعل أول الوجوه أن السوريين الذين فقدوا الأمل بأي مصدر رزق، بعد فصلهم من العمل أو عدم وجوده للعاطلين، دفعهم للأمل عبر "ضربة الحظ" علها تنشلهم من واقع الفقر والعوز الذي وضعهم فيه نظام الممانعة.

كما يمكن قراءة شراء السوريين لورقة اليانصيب بسعر رسمي 600 ليرة للبطاقة يصل قبل السحوبات الكبرى إلى 700 أو 800 ليرة، وتفضيلهم اليانصيب على السلع الأساسية، على أنه مؤشر يأس وتواكل لفّ من بقيّ صامداً بالداخل السوري في واقع التجويع وقلة فرص العمل.

أما أن تؤثر حكومة الأسد على إصدار ورق اليانصيب، وتغلق معامل الأغذية والأدوية بالمناطق التي تسيطر عليها، وتقصف المنشآت الواقعة بمناطق المعارضة، ففي هذه القراءة استكمالاً لنهج السعي للموارد من جيوب السوريين، في واقع توقف موارد الخزينة الكلاسيكية، من نفط وضرائب وفوائض مؤسسات القطاع الحكومي.

وربما، في هذه القراءة ما يثير الشهية للتعمق، حول أي حرص على تحسين واقع المعيشة تتشدق به حكومة الأسد خلال اجتماعاتها الدورية، ففي واقع الحرص على طباعة اليانصيب، تعلن الحكومة أنها بواقع حرب ولا بد من ضغط النفقات الجارية ورفع الأسعار مرات عدة، بما فيها الخبز، وإبقاء راتب الموظف أقل من 100 دولار.

ولو خطر لصاحب وسواس أن يقسم 1.8 مليار ليرة على 600 ليرة، ليعرف عدد البطاقات المباعة بسورية، وتابع بحسب وسوسته، أن اليانصيب يباع فقط بمناطق سيطرة نظام الأسد، ليس لاعتبار "التحريم" فحسب، بل لعدم وجود فروع لمؤسسة المعارض والأسواق الدولية لتصرف له الجائزة، فربما يصل إلى نتيجة مفادها أن كل أسرة سورية في مناطق الأسد، اشترت بطاقتين أو أكثر، قياساً بعدد السكان المتناقص، بعد حالات القتل وموجات الهروب والهجرة.

نهاية القول: يقول السوريون بأمثالهم "الغريق يتمسك بقشة" وربما هذا هو التفسير الوحيد للإقبال على شراء اليانصيب، بواقع قطع جميع السبل أمام إيجاد العمل وتحصيل الرزق، وما التعويل على دواليب الحظ، سوى إحدى الطرق، بعد بيع المنازل والممتلكات.

اقرأ أيضا: المعارضة السورية تمنع تداول الليرة بالمناطق المحررة

المساهمون