اقتحام سجن رومية و"ساعة الصفر"
مستفزة تصريحات وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، حول عملية اقتحام المبنى "ب" في سجن رومية، بعكس الصورة التي يتم فرضها، اليوم، بإدراج العملية في سجل إنجازاته.
"ساعة الصفر" كانت بتوقيته هو وبتوقيت مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع الذي كلفه، وليس بتوقيت كاميرات عاينت الزنزانات، وإعلام سلط الضوء على أوضاعها الإنسانية والقضائية، ومطالبات بمحاكمات عادلة لبعض النزلاء الموقوفين منذ سنوات. ولا بتوقيت المواطن اللبناني، حين تحكم موقوفون ومتهمون وسجناء بأمنه وطرقاته وحياته، فتشكلت خلايا إرهابية، وأخرى كانت أوراق تفاوض.
كانت العملية لتكون إجراءً طبيعيّاً وسط هذه المخاطر والمطالب، لكن عرض المشنوق أمام جلسة مجلس الوزراء كان لوجستيّاً، فقد أبلغهم "أن وزارة الداخلية لم تعد تتحمل بقاء وضع السجون على حالها (تغص بحوالي ثمانية آلاف موقوف، بينما قدرتها الاستيعابية لا تتجاوز 2500)". ثم طالب بتوفير 60 مليون دولار! لإنجاز خطة السجون. وأخيراً طرح، بمسؤولية، أن تتولى الحكومة رصد نصف هذا المبلغ، ويتولى هو شخصيّاً، بسخاء يستحق الشكر، عبر علاقاته تأمين المبلغ المتبقي! لتكون المرحلة الثانية من العملية تأهيل السجن في ثلاثة أشهر، وجعله "مطابقاً للمواصفات الإنسانية". إذن، هل هو سباق للوزراء لإظهار اهتمامهم بالفساد، يطرحون حملة المواصفات الإنسانية والعالمية، وعليها يحددون تطابقاً أو غير تطابق!
لا يمكن عزل هذه العملية عن الحالة السائدة في مجلس الوزراء، من فتح ملفات الفساد من الغذاء حتى النفايات، وصولاً إلى الأمن، حيث يضع الوزراء أيديهم على المشكلات من دون أن تكون هناك إجراءات عقابية أو حلول، بل تأجيل وتمديد للحالة القائمة وخلافات بين الوزراء، وهذا ما بشرنا به وزير الداخلية، حين قال: "لاحقاً، نتخانق مع بعضنا".
ولا يمكن، أيضاً، عزل القرار عن المفاوضات الجارية لتحرير العسكريين المختطفين، حيث يعتبر المبنى "ب" بمثابة سنترال للتواصل مع الخاطفين، أو مراقبة اتصالاتهم (من المفترض)، فيما الوزير نهاد المشنوق يقطع أملاً جديداً لأهالي العسكريين بتحرير أبنائهم، خصوصاً بعد تهديد جبهة النصرة، بعد ساعات من بدء العملية الأمنية عن "مفاجآت حول مصير أسرى الحرب لديها"، موضحة أن العسكريين سيدفعون الثمن!
وأخيراً، يقول وزير الداخلية "سيتم قص رأس الضابط أو العسكري المسؤول عن إدخال جهاز هاتف واحد إلى المبنى الجديد للموقوفين، ولن نسمح، بعد الآن، بتكرار تجاوزات أدت إلى ما وصلنا إليه"، فالوزير يعلم حجم التجاوزات من دون إجراءات عقابية. والعجز واضح في المقابل، سواء في التشويش على اتصالات الإرهابيين، ومراقبتها داخل السجن، أو في حماية أي مواطن (أهالي العسكريين مثلا) أو عسكري حين يضطر أن يتعامل مع "الأمراء" داخل المبنى "ب"، وهم يملكون ما يملكون من نفوذ، والحل، من جهته، عقاب بقطع الرأس على طريقة داعش!