نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع انتفاضة القدس الحالية التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، 250 حالة اعتقال بحق الفلسطينيين بذريعة "التحريض على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك"، بهدف وأد تلك الانتفاضة، وفق ما أكد تقرير لمركز أسرى فلسطين للدراسات.
وأوضح المركز في تقرير، أمس السبت، أن من بين تلك الاعتقالات ما نفذ بحق نساء وأطفال، منهم من تم تحويله إلى الاعتقال الإداري (بلا تهمة)، وبعضهم فرضت عليه محاكم الاحتلال أحكاما فعلية بالسجن".
وفي تعقيب له على حجم هذا العدد من الاعتقالات بتهم التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي خلال العام الأول من انتفاضة القدس، قال الكاتب والباحث في شؤون الأسرى الفلسطينيين، ثامر سباعنة لـ"العربي الجديد": إن "سلطات الاحتلال لجأت إلى هذه السياسة وخاصة مع مطلع الانتفاضة الحالية، بهدف تكميم الأفواه، لما لمواقع التواصل من الاجتماعي من تأثير في استمرارية الانتفاضة".
ولفت سباعنة إلى أن هذه السياسة لم تستطع إخماد الانتفاضة الحالية، ما يدلل على تخبط قوات الاحتلال في سياساتها التي تمارسها بحق الفلسطينيين، ويثبت إفلاسا واضحا لهذه السياسات.
مركز أسرى فلسطين للدراسات لفت، في تقريره، إلى أن ما يتم من اعتقالات بتهم التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم بناء على كلمات عادية جداً ومستخدمة بكثرة في المجتمع الفلسطيني وتعتبرها قوات الاحتلال "تحريضية". وتم اعتقال من نشرها على صفحاته الشخصية مثل كلمة (الانتفاضة، شهيد، مقاومة حرية)، وقدمت في لائحة اتهام خاصة بهذا الأسير.
ووجهت سلطات الاحتلال لـ35 امرأة وفتاة تهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حول منهن 8 إلى الاعتقال الإداري، وأطلق سراح 6 منهن. ولا تزال تخضع امرأتان للاعتقال الإداري، كما وجهت تهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يزيد عن (27) طفلاً ما دون الثامنة عشرة من أعمارهم.
وتقوم مخابرات الاحتلال بعد اعتقال الفلسطينيين المتهمين بالتحريض ويحولون إلى التحقيق، بطباعة تلك المشاركات والآراء الشخصية عن الصفحات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديمها كدليل في لائحة الاتهام. وبناء عليها، تطالب النيابة العسكرية الإسرائيلية بفرض أحكام بالسجن بحقهم. وبالفعلن يستجيب قضاة محاكم الاحتلال لهذا التوجيه وأصدروا أوامر اعتقال إدارية، وفعلية بحق العشرات من الأسرى والأسيرات الفلسطينيات.
وتطرق المركز الحقوقي إلى ما أصدرته محكمة عوفر العسكرية الإسرائيلية من حكم بالسجن الفعلي لمدة 14 شهراً على الشاب بهاء الدين تيسير عبد الحق (23 عاما) من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، بتهمة التحريض بالكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحته الشخصية. وأحضر ممثل النيابة الإسرائيلية إلى قاعة المحكمة بعض الأوراق التي قال إنها "دليل على إدانة الشاب عبد الحق بكتابات تحريضية على الاحتلال، وقد طبعت من صفحته".
من جانبه، قال المتحدث الإعلامي باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات رياض الأشقر، إن "سياسة الاحتلال بقمع حرية الرأي والتعبير عنه، تخالف كافة المواثيق الدولية والاتفاقيات والمعاهدات التي تتيح للإنسان حرية التعبير عن رأيه ومعتقداته بأي طريقة يراها مناسبة، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1966، والميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان سنة 1950". وطالب المجتمع الدولي الذي وقع على تلك الاتفاقيات والنصوص أن يتدخل لحمايتها من الانتهاك من قبل الاحتلال دون رادع.