اعتقال صحافي يفضح حكومة بشار الأسد

09 سبتمبر 2020
فساد في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية (Getty)
+ الخط -

اضطرت النيابة العامة في مدينة طرطوس الساحلية السورية، قبل أيام، إلى إطلاق سراح الصحافي كنان وقاف، وإلزام قائد شرطة طرطوس، موسى الجاسم، أن يتقدم إلى الإعلامي وقاف بالاعتذار الشخصي عن الخطأ.

تكشف مصادر إعلامية أن "حكومة بشار الأسد وقعت في أزمة ولم تعرف كيف تخرّج الكذبة بعد أن تورطت باعتقال الصحافي جراء شكوى وتحريض من رجل الأعمال مازن حماد". إذ وبحسب تلك المصادر، تقدّم رجل الأعمال بشكوى، إثر إعادة وقاف نشر تحقيق صحافي على صفحته الشخصية "فيسبوك" يتعلق بفساد في عقود توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، تعود لرجل الأعمال حماد ذي السطوة والنفوذ في محافظة طرطوس.

وأخذ توقيف الصحافي السوري أبعاداً وصلت بحسب مصادر خاصة "لأعلى المستويات" بعد أن أبلغ وزير الإعلام بنظام الأسد، عماد سارة، مستشارة رئيس النظام، لونا الشبل، التي وجهت بـ"الإفراج عن الصحافي فوراً ويكفي مسخرة". وقال وزير الإعلام سارة: "يجب تطبيق قانون الإعلام عند التعامل مع أي قضية إعلامية، ولن يجري توقيف أي صحافي قبل أن تطّلع وزارة الإعلام على أسباب التوقيف"، مضيفاً خلال تصريحات لجريدة "الوطن" السورية العائدة لابن خال الأسد، رامي مخلوف: "وزير العدل تواصل مع القضاة وأكد ضرورة عدم اعتقال أي صحافي قبل الرجوع إليه، ثم التنسيق مع وزارة الإعلام للوقوف على أسباب الاعتقال وموجباته". وعبّر سارة عن أسفه جراء ما حصل للصحافي من دون الرجوع إلى قانون الإعلام، كاشفاً تواصله مع وزير الداخلية أيضاً، لتسريع الإفراج عن الصحافي.

وتقول مصادر سورية إنّ اعتقال الصحافي كنان وقاف "هزّ أركان حكومة الأسد الجديدة" بعد تعرية السبب الحقيقي للتوقيف وهو "تحريض رجل مال ذي سطوة" وزيف الادعاءات التي روجت مرة أن التوقيف حصل بسبب تشابه أسماء بين كنان وقاف وخليل وقاف، ومرة أخرى أن الصحافي وقاف متخلف عن خدمة الجندية، رغم أن زوجته، سميحة علام أكدت أن زوجها وحيد بعد موت أخيه، مما يجعله معفيّاً من خدمة العلم، كما أنه لا يجيد قيادة السيارة، رداً على إحدى التهم بأنه كان يقود سيارة مهربة وغير مسجلة بقيود وزارة النقل.
ورداً على ما قيل في الأوساط الإعلامية بنظام الأسد، وأن "الصحافيين محصنون، ولم يسبق أن سُجن إعلامي"، تقول نائبة رئيس رابطة الصحافيين السابق، مزن مرشد: طرح عدم توقيف أو سجن أي صحافي بسورية، يشبه أي ترويج سخيف ومضحك، كمثل أن نظام الأسد ممانع أو يكافح الفساد. وتضيف مرشد لـ"العربي الجديد": "بالدرجة الأولى علينا التذكير بأن تصنيف سورية يأتي بالمرتبة 174 من أصل 180 دولة حول العالم، وفق قائمة حرية الصحافة في منظمة "مراسلون بلا حدود" هذا طبعاً إن قلنا أن هناك حرية أصلاً أو إعلام يخرج عن منظومة إعلام النظام" الإعلام بسورية وبكليته، مملوك أو موجه كما يمليه عليه النظام، وكلمة إعلام حكومي أو إعلام وطني أو خاص، هي للتضليل، هناك إعلام أسدي وكل من يشذ يلفظ ولا يجد له مكاناً".

أما عن كذبة "لم يسبق أن سجن أو أوقف صحافي"، تتابع مرشد: "كلنا يذكر سجن الزميل إبراهيم حميدي عندما كان مدير مكتب جريدة "الحياة" بدمشق ولأشهر طويلة. وإن لم نتكلم عن إعلام وصحافيين قبل الثورة، فلدينا أمثلة مؤلمة عن قتل عشرات الصحافيين والناشطين الإعلاميين بطيران الأسد، وليس سجنهم. وأمثلة أخرى على توقيف وسجن صحافيين موالين للأسد، جراء هفوة أو محاولة لقول الحقيقة، فمثلاً توقيف الإعلامي وسام الطير، مدير موقع "دمشق الآن" الموالي للأسد، وبطريقة المداهمة الأمنية، رغم أن صفحة "دمشق الآن" والاعلامي الطير تحديداً، قادا حملات إعلامية بأكملها لمصلحة نظام الأسد، لعل أكثرها وقاحة حملات التسوية والتوبة للعودة لحضن النظام. وأيضاً توقيف مدير موقع "هاشتاغ سوريا" محمد هرشو فقط لنشره خبراً حول زيادة أسعار البنزين، قيل إنه كاذب لأنه سبق القرار بيومين فقط، وهنا لا نتكلم عن اعتقال الصحافيين الأجانب أو قتلهم أو منعهم من دخول سورية لتغطية جرائم النظام.. فعن أي حريات يتحدثون وكيف يزورون التاريخ ويقولون لم يسبق لعهد الأسد أن سجن صحافياً؟".
وترى مرشد أن المحاسبة ضرورية لكل من يخطئ، سواء كان صحافياً أو وزيراً، فالقانون مظلة الجميع ويجب أن يطاول الجميع، ولكن على ألا يؤخذ القانون وسيلة لتصفية الأصوات المحقة والساعين وراء الحقيقة، ففي سورية مثلاً ومنذ مطلع الثورة عام 2011، يستغل النظام ما ورد في قانون جرائم المعلوماتية ضمن قانون الإعلام الإلكتروني رقم 26 لعام 2011 ليلوّح على الدوام بعصا العقوبات لكل من يخرج عن الجوقة وينشز بصوته عن بروباغندا ممانعة الأسد ومقاومته، حتى ولو عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

المساهمون