05 مارس 2023
اعتقال شاريبوف إنجازاً أمنياً تركياً
كانت عملية المداهمة، واعتقال الأوزبكي عبد القادر شاريبوف، منفذ الهجوم على مطعم وملهى رينا في إسطنبول ليلة رأس السنة، والذي أودى بحياة 39 بريئاً، غالبيتهم من الدول العربية، كانت ناجحة بجميع المقاييس، أعدت ونفذت باحتراف كاملين. وسيؤدي هذا الإنجاز إلى رد الصاع صاعين على الجهة الإرهابية الفاعلة، وهو ما كانت تحتاج له الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التركية، وتريده الحكومة أيضاً، وهي التي سارعت إلى وصف العملية انتصاراً مهماً على الإرهاب، لرفع المعنويات والرد على الانتقادات الكثيرة الموجّهة إلى السلطات الأمنية والسياسية، بعد أكثر من هجوم إرهابي وعملية انتحار استهدفت مدناً تركية أخيراً.
حصلت الشرطة التركية التي قبضت على شاريبوف، في مداهمة شقةٍ كان يختبئ فيها في مجمع سكني فاخر في حي أسان يورت غرب إسطنبول، على صيد ثمين أيضاً، هو اعتقالها في المكان نفسه شاباً عراقيا وثلاث نساء قيل إنهن مصرية وصومالية وسنغالية، سيساعدون بشكل كبير في الكشف عن مزيد من المعلومات بشأن تحركات التنظيم الإرهابي الذي يتبعونه وطريقة عمله واتصالاته وطرق التخفّي والتخطيط.
ليس معروفاً ما إذا ما كانت منظمات حقوق الإنسان ستتحرك للدفاع عن الإرهابيين الموقوفين في المكان، بعد الصور الموزعة لعملية الدهم التي تُظهر رجل أمن يضع حذاءه على رأس أحد المعتقلين، وكذلك ظهور شاريبوف وعلى وجهه آثار كدمات ودماء، وهو من يتحمل مسؤولية قتل 39 شخصاً بدم بارد، ومن دون أي تردّد، في مجزرةٍ يرتكبها ليلة رأس السنة في اسطنبول، ويبدو أنه فوجئ بعملية الدهم، ولم يتمكّن من الوصول إلى سلاحه، كما تقول إحدى الروايات. وحسب روايةٍ أخرى، استسلم الإرهابي بعد عراك بالأيدي انتهى بشكل سريع، وأخذ يصرخ بعد تطويقه إنه سيستسلم، وأن لا يطلقوا النار عليه. هذا السيناريو إذا ما كان صحيحاً، فإنه لا يتطابق مع سيناريوهات عن سلوكيات عناصر "داعش" في مواقف من هذا النوع، ما يفتح الطريق أوسع أمام تحرّكه، بناء على أوامر أجهزة استخباراتية ينسق معها.
"أبو محمد المهاجر"، وهذا لقب هذا الإرهابي الذي اعترف بجريمته، بعد العثور عليه مختبئاً، قاتل محترف يجيد أربع لغات، تم تدريبه وتجهيزه بشكل مميز بدنياً وعسكرياً في مخيمات
"القاعدة" و"داعش" في مربع باكستان وأفغانستان وسورية والعراق، وهو إذا ما تعاون مع المحققين فقد يساهم في الكشف عن تفاصيل مهمة في تنقلاته واتصالاته وأماكن وجوده، تقدّم معلومات مهمة بشأن احتمالات وجود أجهزة استخباراتية أجنبية نفّذت العملية وأدارتها عن بعد.
أنجزت العملية في عشرين دقيقة، ضبط خلالها مسدسان وهواتف نقالة وأوراق تحمل عبارات مشفرة، كما عثر على مبلغ 180 ألف دولار أميركي مخبأ خلال عملية التفتيش، ما يحمل معه تفسيراً أمنياً يعتبر أن المكان نقطة تجمع وتوزيع مهمة لتنظيم داعش في إسطنبول. ومع غياب أي مواد في المنزل تدل على التوجه الديني، توجد أدوات زينة وأطعمة جاهزة ومشروبات غازية إلى جانب رسائل غرامية مكتوبة بالإنكليزية كانت لإبعاد كل شبهات سكان المجمع الفاخر عن الموجودين في المكان.
لم يكشف محافظ إسطنبول واصف شاهين عن طبيعة الاستعدادات التي اتخذها الأمن في أثناء عملية الدهم، واكتفى بالقول إن العثور على مخبأ الإرهابي تحقق بعد تحرياتٍ دقيقة ومراقبة صور المارة ومعلومات تبرع بها مواطنون، لكن المسرب من التحقيقات الأولية يفيد بأن الإرهابي شاريبوف كان يخطط لمهاجمة مكان آخر في ميدان تقسيم، غير أنه بدّل خطته بعد أوامر تلقاها من أحد أمراء التنظيم المرتبط بهم من داخل سورية، ونفذ عمليته في ملهى رينا.
وكانت تعليمات رئيس شرطة إسطنبول، مصطفى شالشكان، واضحة قبل ساعة من إعطاء الأوامر إلى الفريق المختار بعناية للقيام بالمهمة الصعبة والخطرة. كان يريد الإرهابي حياً مهما كان الثمن، وذلك بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت لشرطة أنقرة التي قتلت منفذ الهجوم ضد السفير الروسي، بدل أن تعتقله لاستجوابه.
وقال شاهين إن الإرهابي الأوزبكي تسلل إلى تركيا، ودخلها بطريقة غير شرعية عبر الحدود الشرقية. هل هذه إشارة إلى إيران، ودعوة إليها لتتعاون مع تركيا إذا ما ثبت دخوله عبر أراضيها فعلاً، أم أنها رسالة ضمنية أبعد من ذلك حول احتمال وجود أصابع إيرانية، بسبب التوتر التركي الإيراني في المواقف من ملفات سياسية وأمنية كثيرة، أولها الحرب على التنظيمات الإرهابية واتهام الإعلام الإيراني الدائم لأنقرة بدعم تنظيم داعش أو التغاضي عن تحركاته في المناطق الحدودية بين تركيا وسورية؟
اعتقال منفذ هجوم رينا حياً إنجاز مهم لجهاز الأمن التركي، لأن ذلك سيساعد حتما في الكشف عن خيوط ونقاط كثيرة متعلقة بالهوية الحقيقية للجهة الفاعلة التي تقف وراء الجريمة،
خصوصاً أن مسؤولين سياسيين في السلطة تحدّثوا عن احتمال وجود أصابع لأجهزة استخباراتية دولية في هذا العمل. وكانت خطة رجال الأمن والاستخبارات التركية تقوم على تضييق الخناق عليه، ومنع تنقله لكي لا يتمكّن من مغادرة الأراضي التركية، وهذا ما نجحت في تحقيقه، حيث دهمت أكثر من 150 مكانا في البلاد لأشخاص مشتبه بهم، وأوقفت 50 شخصاً إلى جانب اعتقال مهربين في المناطق الحدودية، بعد اتصالات أجروها مع أشخاص بهدف نقلهم إلى سورية.
آخر ما حاول القاتل فعله كان التوجه إلى مدينة قونيا، بعدما أجرى اتصالات مع عناصر التنظيم هناك، نجحت الشرطة التركية في تثبيتها، وتحديد أماكنها، ما أوصلها إلى الخيط الرفيع الذي حدّد مكان إقامته. في اليومين الأخيرين قبل تنفيذ العملية، كانت الأجهزة الأمنية قد حسمت قرارها بوجوده في الشقة المداهمة، بعد رصد مباشر في المجمع السكني لأعضاء المجموعة.
نقطة ضعف أخرى تقود إلى علامة استفهام جديدة بشأن علاقة المنفذ بتنظيم الدولة الإسلامية، هي تمسّكه بأسرته وإبقاؤها معه في تنقلاته. هي ربما كانت حجر عثرة سهلت الوصول إليه واعتقاله، لكنها تقول أيضا إن ما فعله هو ليس من المتعارف عليه، أو المقبول في صفوف عناصر هذا التنظيم الذين يدخلون في الولاء الكامل لأميرهم وقائدهم، متخلين عن أسرهم وأهلهم.
بدأ بعضهم، منذ الآن، يكرّر أن تركيا تدفع ثمن سياسة فتح الحدود ورفع التأشيرات أمام الوافدين من دول الجوار، وعواصم غربية عديدة، ما سهل دخول مئات من المرتبطين بهذه التنظيمات الإرهابية. التشدّد الأمني مطلب لا يمكن التخلي عنه، خصوصا أن الداخل التركي مستهدف اليوم من أربعة تنظيمات إرهابية أعلنت تركيا الحرب عليها، لكن سياسة غلق الأبواب وإلغاء التأشيرات قد لا تكون الحل الأنسب للرد على الإرهابيين وهجماتهم من خلال التخلي عن السياسة الانفتاحية الإقليمية التي بدأتها تركيا في الأعوام الأخيرة، ولاقت الترحيب والرد الإيجابي والتشجيع من شعوب المنطقة ودولها.
حصلت الشرطة التركية التي قبضت على شاريبوف، في مداهمة شقةٍ كان يختبئ فيها في مجمع سكني فاخر في حي أسان يورت غرب إسطنبول، على صيد ثمين أيضاً، هو اعتقالها في المكان نفسه شاباً عراقيا وثلاث نساء قيل إنهن مصرية وصومالية وسنغالية، سيساعدون بشكل كبير في الكشف عن مزيد من المعلومات بشأن تحركات التنظيم الإرهابي الذي يتبعونه وطريقة عمله واتصالاته وطرق التخفّي والتخطيط.
ليس معروفاً ما إذا ما كانت منظمات حقوق الإنسان ستتحرك للدفاع عن الإرهابيين الموقوفين في المكان، بعد الصور الموزعة لعملية الدهم التي تُظهر رجل أمن يضع حذاءه على رأس أحد المعتقلين، وكذلك ظهور شاريبوف وعلى وجهه آثار كدمات ودماء، وهو من يتحمل مسؤولية قتل 39 شخصاً بدم بارد، ومن دون أي تردّد، في مجزرةٍ يرتكبها ليلة رأس السنة في اسطنبول، ويبدو أنه فوجئ بعملية الدهم، ولم يتمكّن من الوصول إلى سلاحه، كما تقول إحدى الروايات. وحسب روايةٍ أخرى، استسلم الإرهابي بعد عراك بالأيدي انتهى بشكل سريع، وأخذ يصرخ بعد تطويقه إنه سيستسلم، وأن لا يطلقوا النار عليه. هذا السيناريو إذا ما كان صحيحاً، فإنه لا يتطابق مع سيناريوهات عن سلوكيات عناصر "داعش" في مواقف من هذا النوع، ما يفتح الطريق أوسع أمام تحرّكه، بناء على أوامر أجهزة استخباراتية ينسق معها.
"أبو محمد المهاجر"، وهذا لقب هذا الإرهابي الذي اعترف بجريمته، بعد العثور عليه مختبئاً، قاتل محترف يجيد أربع لغات، تم تدريبه وتجهيزه بشكل مميز بدنياً وعسكرياً في مخيمات
أنجزت العملية في عشرين دقيقة، ضبط خلالها مسدسان وهواتف نقالة وأوراق تحمل عبارات مشفرة، كما عثر على مبلغ 180 ألف دولار أميركي مخبأ خلال عملية التفتيش، ما يحمل معه تفسيراً أمنياً يعتبر أن المكان نقطة تجمع وتوزيع مهمة لتنظيم داعش في إسطنبول. ومع غياب أي مواد في المنزل تدل على التوجه الديني، توجد أدوات زينة وأطعمة جاهزة ومشروبات غازية إلى جانب رسائل غرامية مكتوبة بالإنكليزية كانت لإبعاد كل شبهات سكان المجمع الفاخر عن الموجودين في المكان.
لم يكشف محافظ إسطنبول واصف شاهين عن طبيعة الاستعدادات التي اتخذها الأمن في أثناء عملية الدهم، واكتفى بالقول إن العثور على مخبأ الإرهابي تحقق بعد تحرياتٍ دقيقة ومراقبة صور المارة ومعلومات تبرع بها مواطنون، لكن المسرب من التحقيقات الأولية يفيد بأن الإرهابي شاريبوف كان يخطط لمهاجمة مكان آخر في ميدان تقسيم، غير أنه بدّل خطته بعد أوامر تلقاها من أحد أمراء التنظيم المرتبط بهم من داخل سورية، ونفذ عمليته في ملهى رينا.
وكانت تعليمات رئيس شرطة إسطنبول، مصطفى شالشكان، واضحة قبل ساعة من إعطاء الأوامر إلى الفريق المختار بعناية للقيام بالمهمة الصعبة والخطرة. كان يريد الإرهابي حياً مهما كان الثمن، وذلك بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت لشرطة أنقرة التي قتلت منفذ الهجوم ضد السفير الروسي، بدل أن تعتقله لاستجوابه.
وقال شاهين إن الإرهابي الأوزبكي تسلل إلى تركيا، ودخلها بطريقة غير شرعية عبر الحدود الشرقية. هل هذه إشارة إلى إيران، ودعوة إليها لتتعاون مع تركيا إذا ما ثبت دخوله عبر أراضيها فعلاً، أم أنها رسالة ضمنية أبعد من ذلك حول احتمال وجود أصابع إيرانية، بسبب التوتر التركي الإيراني في المواقف من ملفات سياسية وأمنية كثيرة، أولها الحرب على التنظيمات الإرهابية واتهام الإعلام الإيراني الدائم لأنقرة بدعم تنظيم داعش أو التغاضي عن تحركاته في المناطق الحدودية بين تركيا وسورية؟
اعتقال منفذ هجوم رينا حياً إنجاز مهم لجهاز الأمن التركي، لأن ذلك سيساعد حتما في الكشف عن خيوط ونقاط كثيرة متعلقة بالهوية الحقيقية للجهة الفاعلة التي تقف وراء الجريمة،
آخر ما حاول القاتل فعله كان التوجه إلى مدينة قونيا، بعدما أجرى اتصالات مع عناصر التنظيم هناك، نجحت الشرطة التركية في تثبيتها، وتحديد أماكنها، ما أوصلها إلى الخيط الرفيع الذي حدّد مكان إقامته. في اليومين الأخيرين قبل تنفيذ العملية، كانت الأجهزة الأمنية قد حسمت قرارها بوجوده في الشقة المداهمة، بعد رصد مباشر في المجمع السكني لأعضاء المجموعة.
نقطة ضعف أخرى تقود إلى علامة استفهام جديدة بشأن علاقة المنفذ بتنظيم الدولة الإسلامية، هي تمسّكه بأسرته وإبقاؤها معه في تنقلاته. هي ربما كانت حجر عثرة سهلت الوصول إليه واعتقاله، لكنها تقول أيضا إن ما فعله هو ليس من المتعارف عليه، أو المقبول في صفوف عناصر هذا التنظيم الذين يدخلون في الولاء الكامل لأميرهم وقائدهم، متخلين عن أسرهم وأهلهم.
بدأ بعضهم، منذ الآن، يكرّر أن تركيا تدفع ثمن سياسة فتح الحدود ورفع التأشيرات أمام الوافدين من دول الجوار، وعواصم غربية عديدة، ما سهل دخول مئات من المرتبطين بهذه التنظيمات الإرهابية. التشدّد الأمني مطلب لا يمكن التخلي عنه، خصوصا أن الداخل التركي مستهدف اليوم من أربعة تنظيمات إرهابية أعلنت تركيا الحرب عليها، لكن سياسة غلق الأبواب وإلغاء التأشيرات قد لا تكون الحل الأنسب للرد على الإرهابيين وهجماتهم من خلال التخلي عن السياسة الانفتاحية الإقليمية التي بدأتها تركيا في الأعوام الأخيرة، ولاقت الترحيب والرد الإيجابي والتشجيع من شعوب المنطقة ودولها.