اعترافان تاريخيّان

28 نوفمبر 2015
"افتتان"، تيمور دوفاتز/ روسيا
+ الخط -

ينسب المؤرخ الفرنسي هنري لورنس أبوّة مفهوم الهوية القومية العربية في معناه الحديث إلى المدرسة الاستشراقية الفرنسية. في نهاية القرن الثامن عشر، أخذ المستشرق الفرنسي كوندورسيه بالتركيز على دور العرب كأمة عظيمة نقلت نتاجها الحضاري إلى الغرب قبل أن تدخل في عصر الإنحطاط بسبب الغزو التركي.

ترسّخت هذه الأطروحة لاحقاً لدى مستشرقي القرن التاسع عشر لأنها ترافقت وتكاملت مع اختراع الهوية القومية الفرنسية أو إعادة صياغتها إبان الثورة.

لدى منظري الثورة، صار الشعب الفرنسي من أبناء العامة هم أحفاد أمة الغاليين الرومان وصار النبلاء أحفاد الغزاة الجرمان المسؤولين عن الانحطاط، وتم إسقاط هذه الخرافة القومية المستحدثة على الإمبراطورية العثمانية، فغدا العرب نوعاً ما فرنسيي هذه الإمبراطورية في منظور المستشرقين. إلى أن تبين بسرعة، وفي غضون حملة نابليون على مصر، أن ذلك الطرح الهوياتي لم يكن له أثر لدى المعنيين.

من جهة أخرى، لا يسع أحد إنكار أن كتاب ألف ليلة وليلة كان موضع إهمال وازدراء في العالم العربي قبل أن يكتشفه المستشرق الفرنسي أنطوان غالان. بالطبع، ليس المقصود هنا تجاهل أن المدرسة الاستشراقية عملت غالباً في خدمة البروباغاندا الاستعمارية العنصرية والشوفانية.

إلا أنه قد يكون لزاماً علينا الاعتراف بأن نتاج المستشرقين والمستعربين هو جزء لا يتجزأ من هويتنا ونظرتنا إلى أنفسنا، بقدر ما هو لازم على الغرب الاعتراف بأن نتاج الحضارات الإسلامية العلمي والأدبي جزء لا يتجزأ من موروثه وهويته.


اقرأ أيضاً: شعبية التنوير "الإسلاموفوبي"

المساهمون