اطلبوا الصحة ولو في تونس

07 فبراير 2017
تعاني المستشفيات في الجزائر من الإهمال(فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -
شيئاً فشيئاً يتحول وزير الصحة في الجزائر إلى ظاهرة أشبه ما تكون بظاهرة مراكز التدريب على التنمية البشرية والبرمجة العصبية التي تقول لك "أغمض عينيك وتخيل أنك أسد". تصريحان للوزير أحدثا صخباً في الجزائر، وجعلا كثيراً من الجزائريين يضربون أخماساً في أسداس. قال الوزير عبد المالك بوضياف إن "مستشفيات الجزائر أفضل من مستشفيات أوروبا وأميركا وتضم أفضل المعدات". وعلى فرض أن الوزير في الحكومة الجزائرية كان يقول الصدق، فلماذا يعالج الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مستشفيات أوروبا ويجري الفحوصات والمراقبة الطبية في مستشفيات أوروبا، ولماذا يطلب الوزراء والمسؤولون الجزائريون علاجهم في مستشفيات أوروبا وأميركا؟
زيارة واحدة إلى المصحات الخاصة في العاصمة تونس، سيكون اللافت فيها العدد الكبير للسيارات الجزائرية الرابضة أمامها، ما يدعو إلى التساؤل عن تدفق المرضى الجزائريين للعلاج في تونس.
يؤكد رئيس نقابة المصحات الخاصة في تونس، أبو بكر زخامة، أن 250 ألف جزائري، ربع مليون، يعالجون في المصحات الخاصة التونسية، يتحملون مشقة السفر التي تزيد عن الألف كيلومتر للوصول إلى العلاج، فهل يعقل أن يغادر هؤلاء مصحات ومستشفيات الحكومة في الجزائر، وفيها أفضل مما هو موجود في مستشفيات أميركا وأوروبا؟
لا ينتهي الغبش الحكومي في الجزائر عند تناقضات كهذه، لكنها - والحال أن أسعار النفط انهارت إلى حد خسرت معه الجزائر 50 مليار دولار من مداخيلها في غضون السنة الماضية ـ باتت تتسول صدقات المحسنين. وزير الصحة الجزائري قال إن الجزائريين الذين يعرف عنهم بذل الصدقات والمساهمات المالية لبناء المساجد، يجب أن يحولوا صدقاتهم الجارية إلى المستشفيات. سيكون من الواجب الاعتذار للشاعر الذي كتب "لا تنه عن خلق وتأتي مثله" لنقل محمول شعره إلى "لا تأمر بخلق وأنت لا تأتي مثله"، ذلك أن الحكومة التي تبحث عن المجد بدلاً عن خدمة الناس وتطلب من الجزائريين تحويل صدقاتهم من بناء المساجد إلى بناء المستشفيات، فضلت أن تبني مسجداً كبيراً وأطول مئذنة في أفريقيا وسط العاصمة استهلك ملايين الدولارات حتى الآن، فيما البلد كان أحوج ما يحتاج إلى مستشفى يعالج فيه الناس، الرئيس والوزير والغفير، بدلاً من أن يطلب الناس علاجهم في تونس، ويطلب الرئيس والوزراء علاجهم في أوروبا.

المساهمون