تشهد مدينة الصخيرات الساحلية بالمغرب، اليوم الإثنين، مؤتمرا وطنيا كبيرا، هو الأول من نوعه، من أجل إيجاد آليات من شأنها تعزيز الحماية الاجتماعية وتقليص الفوارق، في البلد الذي تظهر مؤشرات رسمية فيه محدودية معاشات المتقاعدين وعدم شمول نسبة كبيرة من السكان بتغطية صحية واجتماعية.
وتؤكد وزارة الشؤون العامة والحكامة، التي تشرف على تنظيم المؤتمر، أن نظام الحماية الاجتماعية الحالي يواجه العديد من المخاطر والتحديات.
وأفضت الاختلالات التي تعتري نظام الحماية الاجتماعية، إلى تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بالموازاة مع إطلاق دراسة لتشخيص وضع النظام وآليات تحسينه.
ووفق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة استشارية مستقلة، فإن 40% من السكان لا يتمتعون بتغطية صحية، كما لا يحظى ثلثا المواطنين بتغطية تؤمن لهم الحصول على تقاعد.
وسنت الحكومة مؤخرا نظاما للتغطية الصحية لفائدة الأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص، الذين يمثلون حوالي 60% من النشيطين، غير أن ذلك ما زال ينتظر بلورة آليات للتطبيق.
وتظهر بيانات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التي اطلعت عليها "العربي الجديد" أن 40% من البالغين هم فوق 60 عاما، غير أن 70% من المسنين يحصلون على معاش يقل عن الحد الأدنى للأجور.
ويشير المجلس، الذي يتولى تقديم آراء للحكومة حول قضايا اقتصادية واجتماعية، إلى أن العاملين في القطاع غير الرسمي، لا يستفيدون من أي تأمين اجتماعي، كما أن 1% فقط من العاطلين يستفيدون من التعويض عن فقدان العمل.
وسيشهد مؤتمر الصخيرات اليوم ورشات عمل تتناول نظام الحماية الخاص بالأطفال والشباب والمسنين والموظفين وأجراء القطاع الخاص (العمال).
ويؤكد محمد الهاكش، العضو السابق في اللجنة الفنية لإصلاح أنظمة التقاعد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه يتوجب على المؤتمر الذي يأتي بتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، بلورة تصور للحماية الاجتماعية يقوم على مبدأ الإنصاف لفائدة جميع الفئات.
ويوجه المغرب 6 مليارات دولار، أي حوالي 6% من الناتج الإجمالي المحلي، للرعاية الاجتماعية، وهو سقف دون المستوى الذي يمكن من تلبية انتظارات مختلف الفئات المستحقة للحماية، وفق المؤشرات الرسمية.
وترى وزارة الشؤون العامة والحكامة في تقرير حصلت عليه "العربي الجديد"، أن المغرب ما زال بعيدا عن بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والبلدان الصاعدة، التي ترصد على التوالي 15% و20% من الناتج الإجمالي المحلي للتغطية الاجتماعية.
وينتظر أن تستحوذ مسألة تمويل الحماية الاجتماعية، عند السعي إلى شمولها لمختلف الفئات المستحقة لها، ما يطرح مسألة زيادة المساهمات الضريبية للممولين.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، قد قال يوم الخميس الماضي، إن تمويل النفقات الاجتماعية، يقتضى تدبير حوالي 3 مليارات دولار إضافية في موازنة العام المقبل 2019.
وتعتزم الحكومة وفق مشروع موازنة 2019، إلزام الشركات الكبيرة بضريبة بنسبة 2% يوجه عائدها إلى صندوق التماسك الاجتماعي، من أجل مساعدة الفقراء في الدولة، وهو ما كان مطبقا في فترات سابقة، غير أنه تم التخلي عن هذه الفكرة قبل نحو أربع سنوات.