استمرار ملاحقة السوريين المخالفين بتركيا... ووعود بتسوية الأوضاع

21 يوليو 2019
سوريون بانتظار إنجاز معاملاتهم في اسطنبول (نيكولاس إيكونومو/Getty)
+ الخط -
أكد رئيس الجالية السورية في إسطنبول، نزار خراط، اليوم الأحد، استمرار الحملة التركية بملاحقة اللاجئين السوريين المخالفين، في حين لم يصدر بيان من أي جهة تركية رسمية، يؤكد توقف الحملة أو التعهد بإعادة المرحلين ظلماً.

وقال الخراط لـ"العربي الجديد"، "تناقلت بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أمس السبت، خبر إيقاف ترحيل السوريين في إسطنبول وولايات أخرى، إلا أن مصدر الخبر، وهو منبر الجمعيات السورية، عاد ونفاه، طالباً من المخالفين تصحيح أوضاعهم".

وعن أعداد الذين تم ترحيلهم إلى المناطق المحررة شمال غرب سورية (إدلب ودرع الفرات) اكتفى خراط بالقول: "لا يوجد إحصاء دقيق لأن الحملة مستمرة، وتم بالأمس وفق مصادرنا، ترحيل 400 سوري إلى محافظة إدلب، لعدم امتلاكهم بطاقات حماية مؤقتة (كيمليك) أو مخالفتهم في أمور أخرى كإقامتهم في ولاية مغايرة للولاية التي استخرجوا منها البطاقة، أو تنقلهم بين الولايات بدون إذن سفر. ولكن وصل العدد الاجمالي وفق ما وصلنا، نحو 6 آلاف سوري تم ترحيلهم خلال الحملة الأخيرة".

ونفى رئيس الجالية خراط بشكل قاطع ما نُسب على لسان رئيس منبر الجمعيات السورية، مهدي داود، أمس السبت، بأن إدارة الهجرة في ولاية اسطنبول أصدرت قرارًا بوقف ترحيل جميع اللاجئين السوريين المخالفين من المدينة.

وعن التنسيق بين الجالية أو منبر الجمعيات مع المسؤولين الأتراك، كشف خراط أن "التواصل مستمر مع أكثر من جهة تركية، ولدينا تواصل مع مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، ومن المتوقع عقد لقاء قريب جداً لحل أزمة اللاجئين والترحيل القسري لغير المخالفين".

وكان مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، قد وعد أمس السبت بإجراء مشاورات مع القيادات السورية في مدينة إسطنبول، للبحث عن حل لأزمة اللاجئين، معترفاً بوجود إهمال في تنظيم اللاجئين السوريين في إسطنبول.

وأضاف المستشار أقطاي خلال كلمة ألقاها في ندوة نظمتها "أكاديمية تواصل"، في صالون المنطق الثقافي بمنطقة "جوزال يورت" في إسطنبول إن "الحزب المعارض في كل دول العالم يعتبر حزباً يسارياً، ويكون دوماً مع حقوق اللاجئين، لكن في تركيا وقفت الأحزاب المعارضة ضد اللاجئين، وحرضوا الناس بطريقة شعبوية ضدهم، وفي النهاية نحن دولة ديمقراطية تلتزم بآراء شعبها".

أكد أقطاي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يتنازل عن حقوق "المهاجرين والأنصار" وهذه هي سياسته الأصلية في تركيا، وشدد على إيقاف الإجراءات المتشددة بحق اللاجئين السوريين، لإعادة النظر في الموضوع وحل المشاكل بطريقة موضوعية وواقعية، بما يتوافق مع مبادئ الدولة التركية. لكنه أشار إلى أن "عدد اللاجئين السوريين زاد في إسطنبول إلى حدّ كبير، ويمارسون أعمالهم عشوائياً، ما أثار حفيظة الشعب التركي، خاصة بعد زيادة نسبة البطالة بين الأتراك، ما جعلهم يوجهون اتهامات للاجئين السوريين".

بالمقابل، أكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن مدير الهجرة بإسطنبول، رجب باتو، اتصل هاتفياً بـ"شرطة منطقة اسينيورت" بناءً على اتصال من رئيس منبر الجمعيات، مهدي داود، طالباً عدم الترحيل لمن يمتلك "كيمليك" أو أجرى معاملة البصمة بإسطنبول أو بولاية أخرى، ومنح مهلة أسبوعين ليتدبر المرحلون إلى ولايات أخرى أمورهم، كتصفية الملكية وتسليم المنازل المستأجرة ونقل أسرهم.

لكن المصادر بينت لـ"العربي الجديد" أن شيئاً مكتوباً بهذا الخصوص لم يصدر عن مدير الهجرة، لأن تعليماته الهاتفية صدرت بعد نقل الصورة من رئيس منبر الجمعيات، عن ترحيل 264 سورياً من منطقة اسينيورت فقط.

وكشفت المصادر التركية الخاصة وفق ما وصفته "خبراً جديداً" أن المركز الاجتماعي بجميع الولايات التركية، سيبدأ غداً الإثنين، وبمساعدة الهلال الأحمر التركي، استصدار إذن عمل وبالمجان لأي عامل سوري يحضر ورب عمله إلى المركز الاجتماعي، بل وسيتم المساعدة بالحصول على الأوراق المطلوبة لذلك، دون جهد وروتين أو لقاء رسم مالي.

وكانت حملة أمنية مشددة لملاحقة السوريين المخالفين بتركيا، قد بدأت قبل عشرة أيام بعد تحذير والي إسطنبول علي يرلي كايا، السوريين المقيمين في الولاية بطريقة غير قانونية، من البقاء في إسطنبول.

وأعلن الوالي يرلي كايا أنّه بالتعاون مع وزارة الداخلية، بدأ العمل بالتشديد على كل من يقيم في الولاية بصورة مخالفة، موجهاً نداء للسوريين بالعودة إلى الولايات التي حصلوا منها على بطاقات الحماية المؤقتة، مشيراً إلى أنّ كل من لا توجد لديه قيود لدى الحكومة التركية سواء أكان سورياً أم غير سوري، سيتم العمل على ترحيله.

وأدت الحملة بحسب رئيس تجمع المحامين السوريين بتركيا، غزوان قرنفل، إلى بعض التعسف والظلم، إذ وجد البعض إعلان الوالي، فرصة لترحيل السوريين إلى المناطق المحررة، حتى ولو بصموا بتركيا ويحملون بطاقات حماية من ولايات أخرى.

وأضاف المحامي قرنفل لـ"العربي الجديد" أن الحملة مستمرة حتى اليوم الأحد، وأن تجمع المحامين بصدد إصدار بيان ومخاطبة الجهات التركية المعنية، لأن "كل من هو على الأراضي التركية لا يجوز ترحيله، لأنه دخل طالباً الحماية وليس اللجوء، وطلب الحماية لمن تشهد بلدانهم حروباً، سارٍ وفق القانون العرفي الدولي حتى لو لم تكن الدولة المستقبلة لطلاب الحماية، موقعة على اتفاقات دولية".

ولفت قرنفل إلى أن ثمة مخالفات جسيمة يرتكبها "البوليس" التركي قبل ترحيل السوريين إلى المناطق المحررة، وهي إجبارهم على التوقيع على وثيقة "عودة طوعية"، معبراً أن ثمة أدواراً وواجبات على الدولة التركية، كتسهيل الحصول على إذن العمل وبطاقة الحماية المؤقتة. وقال "السوري اليوم واقع بِحيرة، حتى من يريد مغادرة إسطنبول يذهب إلى مراكز الانطلاق لولايته التي حصل منها على الكيمليك، فيطلب منه إذن سفر، وربما إن ذهب للحصول على إذن السفر يتم ترحيله إلى خارج تركيا" وتابع متسائلاً: ما هو مبرر تأخير إصدار إذن العمل أو الكيمليك عدة أشهر؟.

وختم بالقول: "نقر لتركيا كل ما قدمته للسوريين خلال سنوات الثورة، ونعترف اليوم أن لديها أسبابها ومبرراتها بتوزيع اللاجئين السوريين على الولايات، كي لا يشكلوا خطراً أو خللاً ديموغرافياً، ولكن ليس بين ليلة وضحاها ترحل السوريين إلى مناطق الحرب". وسأل: هل من مشكلة إن أعطت تركيا مهلة ليسوي السوري أمره قبل نقله لولاية أخرى؟

وتعتبر مصادر سورية بتركيا، أن الحملة الأخيرة بإسطنبول، أحدثت خللاً أسرياً واجتماعياً بأوساط اللاجئين السوريين، بسبب النقل الفوري لولايات أخرى حتى دون السماح بنقل الأسر أو تسوية أوضاع الممتلكات والمنازل. وتبدي المصادر مخاوفها، وتقول: من يضمن عدم زيادة التشديد على السوريين بتركيا، بعد وصول الأحزاب المعارضة لرئاسة البلديات الكبرى، كنا مهاجرين واليوم تتم ملاحقتنا على الكيمليك، من يضمن غداً عدم طردنا وتسليمنا لمناطق النظام كما يحدث ببلدان اللجوء الأخرى؟

ويعتبر رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة "ابن خلدون" في إسطنبول، رجب شان تورك، أن من حق السلطات التركية توزيع اللاجئين على الولايات، ومن يغير مكان إقامته يعتبر مخالفاً ويحق للسلطات إعادته، أو ترحيل مرتكبي الجرم. وعن أثر الترحيل التعسفي الفوري على بنية الأسرة السورية، يكتفي شان تورك بالقول لـ"العربي الجديد": "صحيح يؤثر ولكن من حق تركيا ملاحقة المخالفين بمن فيهم الأتراك".
المساهمون