وأكدت مصادر فلسطينية موثوقة في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الوسيطين المصري والأممي، نقلا رسائل عدة في الأيام الماضية لقادة الفصائل في غزة عن استمرار مباحثات الهدوء مقابل التسهيلات وحل الأزمات في القطاع". وبحسب المصادر "بدأت المباحثات تقدم حلولاً عملية لأزمات قاسية في القطاع الساحلي المحاصر منذ أكثر من 12 عاماً".
وأشارت المصادر إلى أنّ "الوسطاء، خصوصاً الوسيط المصري، رئيس ملف فلسطين في جهاز المخابرات، اللواء أحمد عبد الخالق، نقل إلى غزة رسائل متعددة من الجانب الإسرائيلي، كلها تؤكد نية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاستمرار في مباحثات الهدوء على الحدود وتقديم التسهيلات إلى القطاع، مقابل استمرار خفض التوتر في مسيرات العودة وفعالياتها".
وأوضحت المصادر أنّ "عبد الخالق نقل إلى حماس والفصائل المشاركة مسيرات العودة، موافقة الاحتلال على التحسينات والتسهيلات التي تعرقل تطبيقها نتيجة جولة التصعيد والعدوان الأخيرة في القطاع، ومن هذه التسهيلات مسألتا التصدير والوقود لمحطة الكهرباء وتوسيع مساحة الصيد". وذكرت أن "نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيمي ماكغولدريك، نقل رسائل مشابهة إلى غزة، مع تأكيده للجهات المسؤولة أنّ المنح المالية القطرية المفترض تدفقها بانتظام لستة أشهر على غزة، ستكون كما تم الاتفاق عليه، وهي المخصصة لرواتب موظفي حكومة غزة المدنيين وللحالات الاجتماعية الفقيرة".
ونقل نائب الوسيط الأممي أيضاً رسائل تدعو لاستمرار إبعاد الفلسطينيين عن السياج الفاصل، والتأكيد على استمرار وقف إطلاق البالونات الحارقة والفعاليات الليلية المتوقفة منذ شهرين تقريباً، لأنّ هذه الخطوات ستسهل استمرار المباحثات.
لكن هذه التأكيدات لم تغير الواقع الأمني في غزة، إذ أنّ المقاومة واصلت استنفارها الاستثنائي منذ انتهاء الجولة الأخيرة من العدوان على القطاع. وكشفت مصادرها في حديث مع "العربي الجديد" أن "الفصائل متنبّهة لأي عملية إسرائيلية في ظل الاحتراب الداخلي في الكيان الصهيوني، وأنها تعمل لتفويت أي فرصة يمكن أنّ تباغت فيها دولة الاحتلال المقاومة ورموزها".
وعلى الأرض، لا تزال أجهزة أمن المقاومة، وأجهزة الأمن الحكومية تتابع بحثها حول عملية التسلل الأخيرة شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة والتي أدت لاستشهاد سبعة مقاومين ومقتل ضابط إسرائيلي من الوحدة المتسللة. وذكرت مصادر إعلامية محلية ونشطاء أن "الأمن اعتقل عدداً من العملاء المحليين لارتباطهم بتقديم تسهيلات لوجستية للقوة الإسرائيلية الخاصة التي توغلت والتي فجرت موجة التصعيد الأخيرة".
ولم تغب طائرات الاستطلاع الإسرائيلية عن أجواء قطاع غزة منذ انتهاء جولة التصعيد الأخيرة، وهو ما أقلق الفلسطينيين الذين أبدى كثر اعتقادهم أنّ "الاحتلال لن يمرر ما جرى أخيراً معه بسهولة"، خصوصاً مع الخلاف الحكومي الإسرائيلي وما جرى عقب استقالة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان.
في هذا السياق، لفت المحلل تيسير محيسن في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "الأمور ستسير نحو استكمال ما تم البدء فيه من حوارات التهدئة مع حركة حماس في قطاع غزة، رغم حالة الإرباك التي تعيشها إسرائيل وحكومتها الحالية في أعقاب استقالة ليبرمان". وأوضح أن "نتنياهو حال استطاع اجتياز حالة الإرباك في الائتلاف الحكومي سيواصل مساعيه في إغلاق ملف التهدئة، والوصول نحو إغلاق ملف الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية كون هذا الملف هو النقطة الأخيرة في التفاهمات".
واعتبر محيسن أن "نتنياهو حاول عبر ذلك أن يثبت للشارع الإسرائيلي أنه الشخصية الأقوى في إسرائيل، عبر اتخاذ قرارات حاسمة في هذه الملفات، تتمثل في عقد التهدئة وإغلاق ملف الجنود الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة منذ الحرب الأخيرة على غزة عام 2014". ورأى أن "الواقع الإسرائيلي وما تشهده الحكومة حالياً له مفعول كبير على مسار تفاهمات التهدئة، خصوصاً وأن الوسطاء المصريين أو حتى القطريين والأمميين ينتظرون هدوء الخلافات والإرباك في دولة الاحتلال، من أجل مواصلة التنفيذ العملي على الأرض للتفاهمات الأخيرة".
وأبدى محيسن اعتقاده بأن "الأسبوع الحالي يعتبر حاسماً كونه سيشهد اتضاح الصورة بشكلٍ كبيرٍ في دولة الاحتلال". وأكد محيسن أنّ "الوسيط المصري سيعمل في ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية حالياً حتى اتضاح الصورة". ويتقاطع ذلك مع تأكيد مصادر فلسطينية أنّ وفداً من حركة "حماس" في غزة سيغادر إلى القاهرة في وقت قريب للبحث في ملف المصالحة مع "فتح"، وربما يلتقي وفدان من الحركتين في القاهرة.