تقدّمت وزيرة العدل اللبنانية ماري كلود نجم، اليوم الإثنين، باستقالتها إلى رئيس الحكومة حسان دياب، بعد "هول الفاجعة التي أصابت الوطن في قلب عاصمته بيروت الثلاثاء الماضي"، بالتزامن مع انتهاء مهلة الأيام الخمسة التي أعطتها الحكومة اللبنانية من أجل إجراء التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت من دون أن يحال أي وزير أو رئيس أو مسؤول سياسي كبير إلى التحقيق أو الاستجواب.
واقتصرت التوقيفات حتى الساعة على مدير عام الجمارك بدري ضاهر، والمدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي، ومدير مرفأ بيروت حسن قريطم على ذمة التحقيق وآخرين. كما باشر المحامي العام التمييزي غسان الخوري جلسات التحقيق، واستمع اليوم إلى إفادة مدير عام جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا في قصر العدل في بيروت.
ونفذ نادي قضاة لبنان اليوم وقفة تضامنية مع الشعب اللبناني أمام قصر العدل دعا خلالها مجلس القضاء الأعلى الى قلب الطاولة على من يريد تدمير الوطن وانتخاب مجلس جديد يعكس إرادتهم.
وشهدت ساحة الشهداء في اليومين الماضيين تحركات شعبية كبيرة طالبت بعدالة التحقيق وأكدت عدم الثقة بالتحقيقات المحلية، إذ دعا المتظاهرون إلى تحقيق دولي واستقالة الرؤساء الثلاثة؛ رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب، وتغيير المنظومة السياسية بعد محاكمتها بسبب المجازر التي ارتكبتها بحق الشعب اللبناني مالياً وسياسياً واقتصادياً، والآن جسدياً.
وكان من المقرّر أن يعقد مجلس الوزراء اللبناني جلسة في قصر بعبدا اليوم لدراسة التطورات السياسية على صعيد استقالات الوزراء والنواب ومتابعة إجراءات ونتائج التحقيقات القضائية في ملف مرفأ بيروت، إلا أنه جرى نقلها إلى السرايا الحكومي لبحث قرار استقالة الحكومة. وكانت دعوات شعبية لوقفة احتجاجية في محيط السراي بالتزامن مع انعقاد الجلسة للمطالبة باستقالة الحكومة.
وحتّى الساعة، قدّم كلّ من وزيرة العدل، وقبلها وزير البيئة دميانوس قطار، ووزيرة الإعلام منال عبد الصمد، استقالاتهم من الحكومة، وهناك مباحثات مكثفة تجري حالياً في السرايا الحكومية لمناقشة الخطوة التي ستتخذها الحكومة. وسبق أن قدّم وزير الخارجية ناصيف حتّي استقالته من مجلس الوزراء قبل تفجير المرفأ، لكن تعيين البديل أتى سريعاً، بهدف استمرارية الحكومة ومواجهة أي انتكاسة ممكن أن تؤدي إلى سقوطها.
وكان وزير الداخلية محمد فهمي أشار سابقاً إلى أنه سيقدم استقالته في حال لم يؤدِ التحقيق إلى نتائج جدية وملموسة، ولم يتم توقيف رؤوس كبيرة في الملف، وتتجه الأنظار إلى ما ستؤول إليه الخطوات المقبلة.
من جانبه، أكد وزير الصناعة اللبناني عماد حب الله لـ"العربي الجديد" أن قرار استقالة الحكومة لم يتخذ بعد، لافتاً إلى أنه مع ما يقرّره دياب في هذا الشأن.
بدورها، أعلنت وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه اوهانيان، اليوم الإثنين، أنها ستطالب مجلس الوزراء في الجلسة المرتقبة اليوم باستقالة الحكومة جراء الوضع الناتج عن كارثة مرفأ بيروت.
وقالت وزيرة العدل في كتاب الاستقالة، إن الأزمة العميقة والظروف الاستثنائية التي يمرّ بها الوطن، تفرض الاحتكام إلى إرادة الشعب، عملاً بالمبادئ الدستورية في الأنظمة البرلمانية الديمقراطية. وأضاف: "كنت على هذا الأساس أطلقت مبادرة مفادها إقرار مشروع قانون تقصير مدة ولاية مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة".
وتابعت: "تمنّيت على الرئيس دياب، الوزيرات والوزراء، اتخاذ موقف موحّد باستقالة الحكومة بشكل جماعي بدلاً من تقديم استقالات فردية انحناءً لدماء الشهداء"، مشيرة إلى أنها تقدمت باستقالتها انسجاماً مع قناعاتها بأن البقاء في الحكم في هذه الظروف من دون تغيير جذري في النظام والمنظومة لم يعد يؤدي إلى الإصلاح الذي جهدنا لتحقيقه.
وعلى الصعيد النيابي، قدّم عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" (يرأسه النائب تيمور جنبلاط نجل وليد جنبلاط) النائب هنري حلو استقالته من البرلمان، لينضم إلى زميله في اللقاء مروان حمادة أوّل المستقيلين، علماً أنّ اللقاء لم يتخذ القرار بعد بالاستقالة، وهو يقوم بجولة على الحلفاء لاتخاذ موقف مشترك وتجميع أكبر عدد من الاستقالات قبل الإقدام عليها.
وأطلق رئيس "اللقاء" النائب تيمور جنبلاط، من عين التينة بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري على رأس وفد، اليوم الاثنين، سلسلة مواقف، أبرزها المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولي لكشف الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت، واستقالة حكومة الموت كما سمّاها، وتشكيل حكومة حيادية مع تقصير ولاية المجلس لإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
كذلك، تقدّمت النائب بولا يعقوبيان رسمياً باستقالتها من البرلمان اليوم، لتنضم إلى لائحة النواب المستقيلين، نواب "حزب الكتائب اللبنانية"، سامي الجميل (رئيس الحزب)، الياس حنكش، ونديم الجميل، والنائب المستقل نعمة افرام، وكذلك النائب في "تكتل لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل ميشال معوض، والنائبة في "تيار المستقبل" برئاسة الرئيس سعد الحريري ديما جمالي، علماً أنّ حزبها لم يتخذ موقفاً بعد من الاستقالة.
ومن ضمن الاستقالات التي قُدّمت غداة الانفجار، استقالة سفيرة لبنان في الأردن تريسي شمعون التي تُعدّ من المقرّبين جداً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون.