استحقاق الزبداني: المعركة تبلغ ذروتها اليوم

10 يوليو 2015
يترافق الهجوم مع قصف جوي واسع (يوسف البستاني/الأناضول)
+ الخط -
لليوم السابع على التوالي، تواصل قوات النظام السوري وحزب الله محاولاتها لاقتحام مدينة الزبداني في ريف دمشق، مدعومة بغطاء جوي وقصف مدفعي وصاروخي عنيف للمدينة المحاصرة من كل الجهات، لكن من دون أن تنجح في تحقيق أي تقدّم.

وقال الناشط المدني المعارض، محمد الزبداني، من مدينة الزبداني لـ"العربي الجديد"، إنه بالرغم من "الاستخدام المكثف للبراميل والألغام المتفجرة وغارات الطيران الحربي وإطلاق الصواريخ، خصوصاً من نوع "زينب" و"فيل" من المنصات التي نصبها الحزب، لم يتمكن النظام وحزب الله من تحقيق تقدم داخل المدينة، رغم بعض الخروقات البسيطة التي تم التعامل معها بسرعة من جانب مسلّحي المعارضة، وهناك الآن تراجع لقوات حزب الله والنظام في محيط حاجز الشلاح واستراحة الرئيس".

وأضاف الزبداني أنّ المهاجمين تكبّدوا خسائر كبيرة على "حواجز الشلاح والقناطر، وتمكّن مقاتلو المعارضة من استعادة حي الجمعيات". وأشار إلى أنّ "خسائر مقاتلي المعارضة بلغت حتى الآن 12 قتيلاً فقط، في حين وصلت خسائر قوات النظام إلى 32 قتيلاً، بينهم أربعة ضباط هم عميد وعقيدان ونقيب، بينما لا يوجد عدد نهائي لخسائر الدبابات التي استهدفتها صواريخ المعارضة". أما قتلى حزب الله، بحسب الناشط، فقد "بلغت، حسب صفحات مؤيدة للحزب، 36 قتيلاً".

تقول الصحافية هيا خيطو، وهي من مدينة الزبداني، إن "مقاتلي حزب الله حاولوا، صباح الخميس، التسلل من جهة قلعة الزهراء غربي المدينة، غير أن المدافعين عنها من فصائل المعارضة، تصدّوا لهم، وسط قصف عنيف من جانب الطيران الحربي"، مشيرة إلى أن "الطيران المروحي استهدف وسط البلد بـ18 برميلاً، مع قصف عنيف من رشاشات (شيلكا) باتجاه القصر السعودي، في محاولة لسحب جثث قتلى النظام والحزب".

وأضافت خيطو أن مقاتلي المعارضة في المدينة، وهم جميعاً من أبناء المنطقة "يخوضون معركة وجود ودفاع عن أرضهم وأعراضهم ضد ما يعتبرونه محتلاً أجنبياً، لذلك يستبسلون في الدفاع عنها، وقد أقسموا ألا يدخل الجيش أو الحزب إلا على جثثهم". وتضيف أنه "في المقابل، لا يملك مقاتلو الحزب مثل هذه الإرادة، وتشير المكالمات الملتقطة بينهم عبر أجهزة اللاسلكي إلى تراجع روحهم المعنوية وعدم إيمانهم بجدوى هذه المعركة التي يريد منها الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، مجرد التباهي بنصر عسكري أو حتى إعلامي قبل حلول يوم القدس في الجمعة الأخيرة من رمضان".

اقرأ أيضاً: استعجال احتلال الزبداني قبل "يوم القدس" لضمّها لـ"سورية المفيدة" 

وأوضحت أن "هناك وساطات تجري من أجل إيجاد حل ما، عبر تأمين انسحاب آمن للمقاتلين في المدينة، لكن المقاتلين في الزبداني رفضوا هذه الاقتراحات، وأصرّوا على الدفاع عن مدينتهم حتى النهاية".

وكانت "شبكة أحرار الزبداني الإعلامية" قد ذكرت في صفحتها على "فيسبوك" أن المقاتلين في المدينة تمكنوا، خلال اليومين الماضيين، من صدّ هجوم لعناصر حزب الله من "محاور جمعيات 8 آذار والشلاح والباقوني، وتركزت الاشتباكات على محور الجمعيات، فيما قام مقاتلو المعارضة بتمشيط ثلاثة أبنية كانت قوات حزب الله سيطرت عليها منذ أيام".

وأوضحت أن مقاتلي المعارضة نصبوا "كميناً محكماً لعدد من عناصر المليشيات وقوات النظام في الباقوني، وسقط قتلى وجرحى في صفوفهم، وحاصروا مجموعة أخرى في أحد الأبنية في حي قلعة الزهراء".

وبدأت قوات النظام وحزب الله، منذ الجمعة الماضي، حملة شرسة لاقتحام مدينة الزبداني، بسبب أهميتها عسكرياً واستراتيجياً، خصوصاً قربها من الحدود اللبنانية السورية، ولتعزيز وجود الحزب في المنطقة.

وذكر ناشطون أنه تم استهداف المدينة منذ بدء الحملة بأكثر من 450 برميلاً متفجراً، ونحو 200 صاروخ فراغي وآلاف قذائف المدفعية.

وحول أسباب استعصاء المدينة حتى الآن على المهاجمين، بالرغم من القوة النارية والقتالية الضخمة الموظفة في المعركة من جانب قوات النظام وحزب الله، أرجع العميد هاني الجاعور في حديثه لـ"العربي الجديد" صمود المدينة إلى أسباب عدة:

أولاً، طبيعة المنطقة الجغرافية، كونها منطقة جبلية تساعد مقاتلي المعارضة على الدفاع بشكل كبير.

ثانياً، أن جميع المقاتلين تقريباً هم من سكان المنطقة نفسها، ما يعني أن كل واحد منهم يدافع عن بيته وأرضه وأولاده، وهذه تعطيه أفضلية في القتال والصمود. ثالثاً، الامتداد الجغرافي لمدينة الزبداني باتجاه مضايا وسرغايا وباتجاه رنكوس وجبال فليطة.

أما السبب الرابع، فيعود إلى "وجود قيادة واحدة للثوار في هذه المنطقة، وهو ما مكن من تركيز الجهود، وأعطاهم حرية مناورة كبيرة".

وحول قدرة المدافعين عن المدينة على مواصلة الصمود، قال العميد الجاعور إن "الوضع في الزبداني صعب جداً، ولدى النظام والحزب إمكانية نارية كبيرة في تدمير المنطقة، وإذا لم تفتح جبهات أخرى مساعدة، ربما لا تستطيع المدينة الصمود إلى النهاية، وهذا يتعلق أيضاً بإمكانية تقديم الدعم للمقاتلين هناك"، وتوقع أن "يكون دخول الزبداني مكلفاً للنظام والحزب. وفي حال نجح النظام في الدخول إلى المنطقة لن يتمكن من مواصلة الاحتفاظ بها، لأنه سيتعرض لضربات قوية من جانب مقاتلي المعارضة".

وتتفق توقعات الجاعور مع ما ذكرته خيطو، التي أشارت إلى أن المقاتلين في الزبداني لغموا غالبية الطرقات والبيوت، ما يعني أن دخول المدينة لن يكون نزهة لقوات النظام والمعارضة. لكنها لفتت إلى وجود صعوبات أمام المدافعين عن المدينة، كونها محاصرة من كل الجهات.

من جهته، قال الناشط عبدو عبدالمجيد من مدينة الزبداني إن "اللجان الشعبية تقوم وبشكل يومي بفرض حظر التجول في بلودان من الساعة 12 ظهراً وحتى السادسة مساء، ليتسنى لها نقل قتلى وجرحى قوات الأسد وحزب الله بدون أن يراها أحد، وللتكتم على حجم خسائرها".

وأضاف عبدالمجيد أن النظام قطع طريق دمشق، مانعاً دخول الطعام والمواد الأساسية في شهر رمضان لأكثر من 10 آلاف عائلة في مضايا وبلودان وسرغايا في ريف دمشق.

المساهمون