تواجه هيئة الإذاعة البريطانية BBC في الوقت الحالي، تحقيقات عدة، بعد اتهامها بالتورط في محاولة إسكات ضحايا التحرش، والتمييز العنصري بين الجنسين، من خلال إجبارهم على التوقيع على اتفاقيات سرية، بغية حماية سمعة عدد من الشخصيات السياسية.
وأكدت ماريا ميلر، رئيسة لجنة "المرأة والمساواة" في البرلمان البريطاني، أنها تتولّى حاليًا التحقيق في القضية، في حين سيستجوب توني هول، المدير العام لإذاعة الـBBC، من قبل لجنة "الثقافة والإعلام والرياضة" في الأسبوع المقبل، كذلك طالب العديد من أعضاء البرلمان مجلس التدقيق الوطني بفتح ملف تحقيق رسمي، وفقًا لموقع "إندبندنت".
واختفى مصطلح "تكميم الأفواه" منذ فضيحة الإعلامي السابق جيمي سافيل، الذي كان يعمل في الـ BBC واستغل شهرته لجذب النساء، والاعتداء عليهن في غرف تبديل الملابس، إلا أنه عاد للظهور تحت الأضواء اليوم، بعد إثارة مخاوف حول استخدام هيئة الإذاعة البريطانية المال العام في تمويل اتفاقات سرية في المحكمة، لإبقاء ادعاءات التحرش الجنسي أو ما يشبهها، تحت الظل.
ووقع نحو 30 نائبًا في البرلمان البريطاني، من بينهم وزيرة التعليم السابقة نيكي مورغان، وأعضاء في حزب العمال، والجبهة الوطنية الليبرالية، على عريضة يؤكّدون فيها أن هيئة الإذاعة البريطانية تستخدم الوثائق القانونية لتكميم أفواه الضحايا، وأضافوا: "وجدنا أن استخدام الـ BBC المال العام، الذي جمعه الناخبون، في إتمام الإجراءات القانونية للتغطية على الفضائح، أمر غير مقبول نهائيًا، ونطالب بالتحقيق فيه".
وأقرّت هيئة الإذاعة البريطانية ليلة أمس، بأنها أجرت بضعة اتفاقات تتضمن بنودًا سرية تقيد الموظفين لديها عن الحديث في ما يخص القضايا القانونية بشكل علني، إلا أنها رفضت الإفصاح عن عدد الوثائق المشابهة، مؤكدة أنها تستخدمها بشكل نادر، وقال النائب في البرلمان ورئيس لجنة "الثقافة والإعلام والرياضة"، داميان كولنز، إن القضية من المحتمل أن تناقش يوم الأربعاء المقبل، في حين أكدت السيدة ميلر أن استخدام هذا النوع من الاتفاقيات يجب أن يجعل الجميع يشعرون بالقلق.
كذلك صرّحت السيدة ميلر بأن المخاوف تنبع من احتمالية استخدام البنود السرية في إخفاء أنشطة غير مشروعة، أو منع الناس من الحديث عن تجاربهم السيئة داخل المنظمات، وأضافت: "يجب ألا تستخدم الهيئات العامة أموال دافعي الضرائب لتوقف احتمالية حديث موظفيها عن تجارب غير قانونية تعرضوا لها أثناء عملهم، وإنني أعتقد أنه من غير المقبول أن ترفض منظمة مثل هيئة الإذاعة البريطانية الكشف عن عدد التسويات السرية التي أبرمتها، لأن هذا يقلل من شفافيتها ومصداقيتها".
وأصبحت القضية مثار جدل بعد أن أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها ستنظر في أمر تسويات "تكميم الأفواه"، عقب فضيحة نادي Presidents Club، التي ادعت فيها العديد من النساء أنهن تعرضن للتحرش الجنسي، إلا أنهن منعن من الحديث عنها، بسبب توقيعهن على اتفاقيات سرية تجبرهن على عدم فعل ذلك.
وأكد وزير الثقافة البريطاني الأسبق، جون وينتنديل، أنه غير مرتاح لفكرة أن هيئة الإذاعة البريطانية تنفذ اتفاقيات سرية، وقال: "من المؤكد أن كل ما تنفقه الهيئة يندرج ضمن الأموال العامة، لذا يتوجب عليها أن تخبر الناس عن الطرق التي تستخدم بها أموالهم". وأضاف: "أوافق بشدة على أن يتولّى مكتب التدقيق الوطني التحقيق بالقضية، إن كانت من ضمن اختصاصاته". في حين قال وزير الثقافة الأسبق، ديفيد لامي: "أخشى أن يؤدي استخدام هذا النوع من التسويات على نطاق واسع إلى نجاح المؤسسات في تجنب طرح المشاكل والثغرات التي تحدث فيها، التي يجب أن تعالج بشفافية، وبشكل علني".
وأكدت الـ BBC أنها لم تستخدم اتفاقات التسوية السرية في ما يتعلق بمسألة المساواة في الأجور، منذ عامين، إلا أنها كانت تلجأ إليها في ما يخص النزاعات القانونية الأخرى. وقال متحدث باسم هيئة الإذاعة البريطانية: "كشفت تقارير عدة عن شكاوى من نساء يعترضن في ما يخص أجورهن، منذ أفصحنا عن الأجور بشكل علني في العام الماضي، إلا أننا حسمنا الأمر في ما يخص أغلبها، ولم نلزم أحداً بإبقاء الموضوع سريًا". ثم أضاف: "لدى الهيئة إجراءات واضحة تحمي موظفيها من الخوف من البلطجة والتحرش أو المعاملة غير العادلة، وتمنحهم حق اللجوء إلى القانون حتى لو كانوا قد وقعوا على اتفاق تسوية".
في حين تعارض إفادة المحررة الصينية السابقة، كاري غريسي، التي استقالت من العمل في الهيئة في وقت سابق من هذا الشهر، بسبب التمييز في الأجور، ما تدّعيه الهيئة. وقالت غريسي: "ينطوي التحدث حول هذه المسألة على احتمالية تعرضي لإجراءات تأديبية قد تصل حد الفصل من الخدمة وتدميري مهنيًا". وأضافت: "تلجأ هيئة الإذاعة البريطانية كثيرًا إلى تسوية القضايا خارج المحكمة، والمطالبة ببنود السرية حيالها".