وعلى الرغم من النجاح الجوّي، غير أن المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي، جوش ارنست، شكك يوم الثلاثاء، في مقدرة الدول المشاركة في الغارات، الاتفاق على تشكيل قوة ردع برية مشتركة، قائلاً إن "الولايات المتحدة ستظلّ تراقب الأمر لترى ماذا سيحدث".
وعلى الرغم من الموقف الرسمي الأميركي، الداعم علناً للغارات الجوية في اليمن، إلا أن نبرة ارنست لم تكن إيجابية أثناء حديثه عن مشروع قوات الردع العربية المشتركة. واعتبر أن "مقترح تشكيل تلك القوة لا يزال فضفاضاً ولم تُحدّد ملامحه بعد". ورداً على سؤالٍ عما إذا كان تشكيل قوات الردع العربية في صالح الأمن الأميركي أو بمثابة تهديد له، اعتبر أن "فكرة تشكيل تلك القوة، جاءت على هامش اجتماع عربي في مصر، وقال أصحاب الفكرة، إن الغرض منها هو مواجهة التحديات الأمنية في تلك البقعة من العالم".
وأضاف "لكن هناك الكثير من التفاصيل، التي لا تزال في نظرنا غامضة، أو على الأقل لم يتم التوافق عليها بينهم، ولهذا فإن موقفنا من هذه القوة سوف يعتمد كثيراً على تلك التفاصيل، وكيف سيكون عليه هيكلها القيادي، فضلاً عن كيفية اتخاذ القرار لنشر تلك القوات".
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن "للولايات المتحدة علاقات منفصلة ووثيقة مع كل دولة من الدول المشاركة، بما في ذلك علاقات تعاون عسكري مع بعض دول الجامعة العربية". وأكد أن "الولايات المتحدة ستظلّ تراقب الأمر عن كثب، إلى أن يتم اتخاذ خطوات إضافية عملية، وسنتحدث مع حلفائنا حول هذا الأمر".
ويُفهم من حديث ارنست أن واشنطن لا تُعوّل كثيراً على إمكانية وضع أي مقترح عربي جماعي موضع التنفيذ، في ظلّ نفيه بشكل غير مباشر بعض الأنباء والتسريبات، التي تفيد بمشاركة الطائرات الأميركية في قصف أهداف باليمن. ولفت ارنست إلى أن "الدور الأميركي يقتصر على تقديم معلومات استخبارية ومساعدات لوجستية للعمليات العسكرية القائمة حالياً، ويمثل هذا التعاون دليلاً على قوة الروابط العسكرية بين الولايات المتحدة والسعودية".
ولا يجد كلام ارنست إجماعاً لدى بعض القياديين العسكريين الأميركيين، إذ كشف مصدر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، لـ "العربي الجديد"، أنه "لم يتم إبلاغ كبار القادة العسكريين في البنتاغون المعنيين بالتطورات الميدانية في منطقة الشرق الأوسط، بخطط العاصفة السعودية، إلا قبل أقلّ من ساعة من بدء الغارات".
واستدرك قائلاً "ربما لا يقع اللوم على عاتق حلفائنا، بل إن التقصير يأتي من قياداتنا السياسية، فمسؤولونا المدنيون هم المخوّلون بالتواصل المباشر مع الحلفاء، من أجل اتخاذ قرارات استراتيجية لها تبعات سياسية". وأقرّت السفارة السعودية في واشنطن بصحة أقوال المصدر، التي ذكرت أن أكثر من قائد عسكري أميركي قد رددها، لكن الرياض أوضحت للجانب الأميركي، أن اتخاذ قرار شنّ الغارات، وإن كان قد تمّ التداول بشأنه مع السياسيين الأميركيين، إلا أن ساعة الصفر لم تكن قد تحددت من أجل إبلاغ العسكريين بها.
وانتقد المصدر العسكري الأميركي المقارنة بين الحرب على الحوثيين والحرب على "داعش"، ولفت إلى أنه "حتى في القيادة المركزية، يتحدث البعض عن نجاحات حققها حلفاء السعودية في أيام معدودة، مقارنة مع لم تحققه طائراتنا ضد داعش في أشهر". وأرجع نجاح الغارات السعودية إلى "السهولة البالغة في تحديد الأهداف، والحجم الكثيف للمعلومات المتوفرة عن أماكنها، مقارنة مع أهداف الدولة الإسلامية حديثة النشأة".
وفي الوقت الذي انتقد فيه كيفن ساليفان، الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز"، التحالف العربي لإشراكه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الهادف إلى استعادة شرعية ناقصة، كشف المصدر الأميركي أن "السياسيين الأميركيين أفرطوا في إلحاحهم على مشاركة السيسي في دعم جهود السعودية الحربية".
اقرأ أيضاً: طائرات "عاصفة الحزم" تقصف مواقع الحوثيين في صعدة
وتابع "كان ردّ جنرالات السيسي على إلحاحنا، بالمطالبة المتكررة بالإفراج عن طائرات إف 16 (التي وافقت واشنطن على تسليمهم إياها)، وتسليمهم مروحيات أباتشي متقدمة، وأضاع سياسيونا وقتهم لاحقاً في التشاور مع أصدقائنا في الجيش الإسرائيلي، المتحفظين على تسليح مصر، لخشيتهم من إمكانية استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة مرة أخرى وعزل السيسي".
وأضاف "شغل السياسيون في واشنطن أنفسهم بجدلٍ جانبي، في حين أن طيارينا وحلفاءنا في العراق يقومون بعمل جبار، لتخليص البشرية من خطر داعش في تكريت وفتح الطريق إلى الموصل". وحول الحاجة إلى خوض معارك برية في اليمن، أعرب المسؤول العسكري الأميركي عن قناعته، بأن "سلاح الجو وحده لا يمكن أن يضع الخاتمة لأي معركة"، معتبراً أنه "لا جدوى من أي نجاحٍ، إذا لم يتمّ استثمار أي نجاح يتحقق عن طريق الجوّ، براً".
وأشار إلى أن "هذا الأمر ينطبق على العراق وسورية، أكثر مما ينطبق على اليمن". وتهكم على ما وصفه بـ "مزاعم السياسيين أن المجتمع الاستخباري الأميركي (الوكالات الاستخبارية)، يقدمون معلومات للسعودية عن اليمن".
واعتبر أن "تجربة الصراع الأميركي مع تنظيم "القاعدة" في اليمن، "ستؤكد حين تكشف وقائعها للتاريخ، بأن العكس هو الصحيح وأن الولايات المتحدة هي التي تحتاج إلى معلومات السعودية". وكشف أنه "لولا عناصر (وزير الداخلية السعودي) محمد بن نايف، لما حققنا أي نجاح هناك في عملياتنا".
وفي تطور لاحق، عقد الرئيس الأميركي باراك أوباما في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، اجتماعاً طارئاً في البيت الأبيض لأعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي، شارك فيه وزير خارجيته جون كيري من مدينة لوزان السويسرية، ونائب الرئيس جو بايدن ووزير الدفاع جون آشكروفت، و15 عضواً آخرين من كبار المسؤولين في إدارة أوباما.
ورغم أن الاجتماع كان مخصصاً لمناقشة الخلافات العالقة بين إيران والغرب، إلا أن مصدراً سياسياً مطلعاً أشار إلى "استحالة خلو جدول أعمال الاجتماع من مناقشة العمليات الجارية في اليمن، نظراً لارتباط تطوّراتها بتطورات العلاقة مع إيران".
وأثارت "عاصفة الحزم" تساؤلات حول مستقبل طلعات طائرات "درونز" (طائرات من دون طيار)، التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة في مطاردة قيادات "القاعدة" في جزيرة العرب، لكن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، شدد أن "الولايات المتحدة ستواصل مطاردتها لعناصر قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، مهما كانت الظروف وبأساليب جديدة".
ولم يوضح الوزير الأميركي ماهية "الأساليب الجديدة" التي سوف يلجأ إليها "البنتاغون" في حربه على "قاعدة" اليمن، غير أن محدودية المخاوف الأميركية من الحوثيين منذ بداية توسعها في اليمن، يثير بعض التكهنات بأن الأميركيين يعوّلون كثيراً على استثمار العداء العقائدي القائم بين الحوثيين و"القاعدة".
اقرأ أيضاً: مساع إيرانية لبحث مقترح حل أزمة اليمن