تشهد جامعة صنعاء، أكبر جامعة حكومية يمنية، والكليات التابعة لها في بعض المحافظات اليمنية، حالة ارتباك شديد إثر دعوة إلى تعليق العملية التعليمية والإدارية أطلقتها الهيئتان الإداريتان لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بالإضافة إلى نقابة الموظفين وكذلك رئاسة الجامعة.
تأتي الدعوة احتجاجاً على قرارات أصدرها أخيراً نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عبد الله الشامي، تقضي بتكليف أشخاص جدد بدلاً من رئيس الجامعة ونوابه المعيّنين بقرارات جمهورية. وقد قوبلت هذه القرارات برفض واسع أدى إلى ما يشبه حالة شلل في الحركة التعليمية في الجامعة. دعوات الإضراب التي دعت إليها الهيئات الإدارية للنقابات ورئاسة الجامعة، علّقت الدراسة تماماً في بعض الكليات وجزئياً في أخرى.
يخبر عبد الله الأبّي وهو أحد الطلاب، أنّه لم يذهب إلى كليته منذ نهاية مارس/آذار الماضي لأنّ أساتذته بأكثرهم مشاركون في الأضراب. يقول إنّ التعليم معلّق في أكثر كليات الجامعة منذ صدور قرارات وزارة التعليم العالي الأخيرة، مشيراً إلى أنّ عدداً كبيراً من الأساتذة توقفوا عن تقديم محاضراتهم. ويبدي الطالب مخاوفه من استمرار الإضراب وتأثّر تعليمه. يضيف: "منذ سنوات ومشاكل جامعة صنعاء لا تنتهي، كانعكاس للمشاكل السياسية والأمنية في البلاد، فيما الطالب الجامعي هو الخاسر الأبرز". ويلفت إلى أنّ جميع موظفي الجامعة في نهاية المطاف يستلمون مرتباتهم على الرغم من انقطاع التعليم.
إلى ذلك، يؤيد الأبّي موقف رئاسة الجامعة الرافض لقرارات نائب الوزير، مشيراً إلى أنّ "تغيير رئاسة الجامعة لا يكون إلا بقرار جمهوري وأنّ التجاوب مع أي قرارات غير قانونية ستزيد من الفوضى في الجامعة خلال المراحل المقبلة، لا سيما عندما تكون هذه القرارات خاضعة لتأثيرات سياسية".
من جهتها، تستنكر أم سهام وهي طالبة في كلية التجارة، استمرار الإضراب "وتراكم المصاعب على الطلاب". تقول إنّها غير مهتمة بأسباب توقف العملية التعليمية، "فالمهم هو تضرري كطالبة من المفترض أن تتخرج هذا العام، بسبب تكرار توقف الدراسة خلال الفترة الماضية". وتخبر أم سهام أنّها تقصد جامعتها بين الفينة والأخرى لتتأكد من استئناف الدراسة من عدمه، "لكن لا يبدو أنّ الدراسة سوف تعود بشكل كامل خلال الأيام القليلة المقبلة".
وكان مجلس جامعة صنعاء ونقابتا أعضاء هيئة التدريس والموظفين، قد أعلنت خلال جلسة استثنائية عُقدت في أواخر الشهر الماضي أنّ قرارات الحوثيين الذين يسيطرون على الوزارة "مرفوضة شكلاً ومضموناً، وكأنّها لم تكن"، وقد وصفتها بـ"الإجراءات الإقصائية التي تمسّ قيادة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس ومساعديهم والموظفين في المرحلة والظرف الحساس". كذلك هدّدت بأنّ من يقف خلف فرض هذه القرارات، سوف يتحمّل المسؤولية الكاملة عن كل ما يترتب عليها.
إلى ذلك، وبعدما حاول الدكتور فوزي الصغير المكلّف أخيراً برئاسة الجامعة، تغيير عمداء الكليات بالقوة، عقدت رئاسة الجامعة الأصيلة والنقابات اجتماعاً عاجلاً أقرّت على أثره تمسكها بالحقّ في الإضراب رافضة ما وصفته بـ "الاستفزازات" ومجددة تأكيدها على عدم قانونية التغييرات.
في السياق، يؤكد عضو نقابة هيئة التدريس ومساعديهم في الجامعة وأستاذ علوم الأرض والبيئة الدكتور هشام ناجي، على استمرار الإضراب ورفض قرارات نائب الوزير إذ "هي غير قانونية وغير ملزمة". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ القائم بأعمال وزير التعليم العالي والبحث العلمي يحاول فرض رئاسة جامعة جديدة ونواب وعمداء جدد موالين للحوثيين، من دون أي مسوغ قانوني". ويشير إلى مفاوضات تقوم حالياً مع وزارة التعليم العالي "وقد تلقينا وعوداً بالتراجع عن هذه القرارات، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث حتى الآن".
ويوضح ناجي أنّ لهذه التغييرات تأثيراً كبيراً على الهيكل الإداري للجامعة، "الأمر الذي من شأنه أن يؤثّر على سير العملية التعليمية برمتها. ومن هذا المنطلق، يأتي تمسك النقابات ورئاسة الجامعة برفضها وبحقها في استمرار الإضراب". يضيف أنّ "كل مكوّنات الجامعة توافقت على أن تبقى عمليات التكليف مرتبطة بمجلس الجامعة بعيداً عن السياسة، وهي ترفض إملاءات سلطة الأمر الواقع". ويتابع: "لهذا نحرص على أن تبقى قيادة الجامعة في أيدي أشخاص مستقلين تماماً".
وعن استجابة الكليات لنداءات الإضراب، يؤكد ناجي على أنّ الكليات بأكثرها التزمت بالإضراب، إلا أنّ بعضها لم يتمكن من ذلك بسبب ظروف التدريس، من قبيل كلية طب الأسنان التي لم تشارك في الاضراب لارتباط عياداتها الخارجية بالمواطنين مباشرة.
ويطمئن ناجي الطلاب حول العملية التعليمية، مشيراً إلى أنّ "هيئة التدريس سوف تعمل على تغطية أي قصور سببه الإضراب، من خلال تعويض الطلاب في أيام الإجازات". ويشدّد على أنّهم يتعاملون مع الطلاب بحرص شديد، "كأبناء لنا".