اختطاف القاصرات يثير الفزع في تونس

23 أكتوبر 2015
سليمة الفتاة المختطفة (العربي الجديد)
+ الخط -


"إجريلي إجريلي"، بهذه الكلمات استنجدت الشابة التونسية سليمة المثلوثي (18 عاماً) بصديقتها، لينقطع مباشرة الاتصال ويغلق هاتفها. ومنذ تلك اللحظة، تعيش عائلة المثلوثي معاناة نغصت حياتهم، وخاصة بعد أن أكد لهم شهود عيان أن مجهولين عمدوا إلى إدخال الفتاة داخل سيارة، بمنطقة نهج المطار في معتمدية سكرة شمال تونس العاصمة.

اختطفت سليمة في ظروف غامضة منذ نحو أسبوع، عندما كانت في طريقها إلى بيت الأسرة بعد الانتهاء من حصة الدروس الخصوصية في السادسة مساء، بضعة كيلومترات بعيداً عن بيتها.

حسناء عروة، والدة الفتاة قالت إنّ ابنتها خجولة جداً، ومرحة، كما أنها تدرس في معهد سكرة الذي لا يبعد كثيراً عن البيت، مشيرة إلى أن ابنتها ليست لديها أي علاقات مشبوهة بل إنها مجتهدة في دراستها.

وأكدت أن حالة من الخوف تسيطر على سكان الحي، فأغلب الأمهات أصبحن يرافقن بناتهن إلى المدرسة، وإلى المحلات التجارية خشية تعرضهن للاختطاف.

وأشارت الولدة لـ"العربي الجديد" إلى أنه تم خلال ثلاثة أيام اختطاف أربعة فتيات من أحياء مجاورة، ومن ضمنهم سليمة، مبينة أن أغلب الفتيات قاصرات ولم يتجاوزن الـ18 عاماً، ويقطن في حي شعبي يضم أشخاصاً منحرفين ويتعاطون المخدرات، مرجحة أن يكون بعضهم وراء اختطاف ابنتها.

وكانت فرقة أمنية قد طلبت من والد سليمة الحضور إلى منطقة الأمن بجبل الجلود، إحدى المناطق الشعبية وسط العاصمة تونس، والمعروفة بارتفاع نسبة الجرائم فيها، وجاءت دعوة الأب بعد أن تم العثور على فتاة كانت قد فقدت منذ عدة أسابيع.

ليلة الأربعاء، في ساعة متأخرة من الليل، اتصلت امرأة بعائلة سليمة لتخبرهم أنها شاهدت الفتاة في شقة، وفعلاً تم العثور على سليمة أمس، ولكن من دون الكشف عن أية تفاصيل حول الحادثة.

اقرأ أيضاً تونس: الهاجس الأمني "قبل الخبز"... والحدود الليبية المشكلة الأكبر


أثار تواتر حوادث اختطاف القاصرات مؤخراً في تونس ضجة كبرى، وأطلقت صفحات التواصل الاجتماعي نداءات لمساعدة الأهالي في العثور على بناتهن، كذلك دفع الأمر بعض السياسيين إلى التنديد بما يحدث، وأشار آخرون عن طريق الإذاعات الخاصة إلى إمكانية وجود عصابات منظمة تقف وراء حوادث الاختطاف.

في المقابل، دعا مراقبون إلى ضرورة مراجعة العقوبات وتسليط أشدّها على مقترفي حوادث الاختطاف كي لا تتكرر مثل هذه الجرائم.

يذكر أن مصير فتاة تدعى مروة صلاح الدين الورفلي لا يزال غامضا أيضاً، ومروى تلميذة، من منطقة سيدي حسين كانت قد اختطفت قبل عدة أسابيع، ولم تعثر عائلتها على أي أثر لها حتى اليوم.

أما ضحى، فهي فتاة من محافظة سيدي بوزيد، تعرضت بدورها للاختطاف، وظلت عائلتها تبحث عنها عدة أيام، وقد أسعفها الحظ في العودة إلى أهلها بعد عدة أسابيع.

وفي هذا السياق، قال والدها محسن، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنهم بدأوا يفقدون الأمل في العثور على ابنتهم، ولكن منذ يومين وصلهم خبر مفرح، إذ عادت ضحى إلى البيت، ولكن ما زالت نفسيتها مضطربة جداً، كما أخبرتهم أن امرأة حملتها إلى "عراف" بمحافظة بعيدة قصد العلاج، ولم تكشف عن بقية التفاصيل.

ويرى المختص في علم الاجتماع، شهاب اليحياوي، أنّ أسباب الاختطاف متعددة، إذ إن هناك بعداً إجرامياً لبعض الحوادث، وهذا البعد يكون على خلفية أمراض نفسية عند المختطفين ممن يعانون عقداً منذ الطفولة، ويكون الهدف من الاختطاف الاعتداء الجنسي أو التنكيل بالضحية.

وأضاف اليحياوي لـ"العربي الجديد" أنّ الاقتصار على اختطاف القاصرات يطرح عدة تساؤلات، فقد تكون وراءه عصابات منظمة للمتاجرة في البغاء أو التسفير إلى بؤر التوتر، مبيناً أن هذه الشريحة مؤهلة جسدياً لتوفير ربح مادي لفائدة الجهات الخاطفة، معتبراً أن عوالم المنحرفين تدور دائماً حول الجريمة والاغتصاب.

وأوضح المختص الاجتماعي أن هناك أسباباً أخرى للاختطاف، تعود إلى غياب الرقابة في المحيط المدرسي، وإلى انتشار المخدرات في الوسط المدرسي، وقال إنه في ظل الاختلاط والصداقات التي تفتقر إلى الرقابة قد يقع المحظور، وأنه لتسويغ الغياب تختلق بعض الفتيات قصصاً عن التعرض إلى الاختطاف ثم تكون الحقيقة مخالفة للواقع.

كذلك بيّن أن الانتقام من الشريك وراء بعض حوادث اختطاف الأطفال، خاصة في حالات الزواج من أجنبيات، واللاتي يستأجرن عصابات مختصة للقيام بهذه المهمات، مبيناً أن كثيراً من القصر تم تسفيرهم خارج حدود الوطن وآخرون إلى بلدان الجوار.

وذكر اليحياوي أن الفكر الخرافي، وانتشار الشعوذة في بعض الأوساط الاجتماعية وراء التركيز على شريحة معينة من الأطفال والقصر دون غيرهم بهدف استخراج الكنوز، ولهذا يقع عدة أطفال ضحايا الشعوذة والمشعوذين.

ويتذكر تونسيون قضية الطفل ربيع (11 عاماً)، من محافظة بنزرت، والذي تم قتله بطريقة شنيعة شكلت صدمة لدى أغلب التونسيين، لأنه جرى تشويه جثته من قبل عماته وزوج عمته لاستخراج كنز.

اقرأ أيضاً:إسراء الطويل.. 133 يوماً في سجن القناطر