قالت الدوحة منذ اليوم الأول، إنّها تعرّضت لعدوان إلكتروني، ونفت أن يكون الأمير قد ألقى خطاباً، صباح يوم 32 مايو/ أيار، في حفل تخريج عسكري، وقدمت أدلة على ذلك، ولكن أبوظبي والرياض شنّتا حملة إعلامية وسياسية، لم تأخذ بعين الاعتبار الأدلة القطرية، واعتبرتا أنّ الدوحة تمارس نوعاً من المخادعة، إلا أنّه، ورغم ضراوتها، لم تنطل حملة أبوظبي والرياض على الكثيرين، وكلما زادت جرعة الافتراء السعودي الإماراتي، زادت قناعة الناس أنّ وراء الأكمة ما وراءها، وهو ما استدعى الوساطات الإقليمية والعربية والدولية، التي كانت تعمل على التهدئة، ومنع انفلات التصعيد الإماراتي السعودي.
ردّت الدوحة سياسياً، طيلة الشهرين الماضيين، وفنّدت الحملة، ولكنّها عملت في نفس الوقت، على القيام بالتحقيق بحادث الاختراق، وطلبت من جهاز الأمن الفيدرالي الأميركي "إف بي آي" التحقيق بالعملية، ورغم أنّها لم تكشف رسمياً عن نتائج التحقيق، فإنّ بعض المؤشرات دلّت إلى مسؤولية الإمارات عن العملية.
ما كشفته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الإثنين، وضع النقاط على الحروف، وحدّد بما لا يدع مجالاً للشك، مسؤولية الإمارات عن العملية، وقالت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية، إنّ "دولة الإمارات العربية المتحدة مسؤولة عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل نشر أقوال مفبركة، نُسبت إلى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في أواخر مايو/ أيار، ما أثار أزمة بين قطر وجيرانها".
— Washington Post (@washingtonpost) July 16, 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post — Washington Post (@washingtonpost) July 16, 2017
|
وعلم مسؤولو الاستخبارات الأميركية، الأسبوع الماضي، بحسب الصحيفة الأميركية، أنّ المعلومات التي تمّ تحليلها حديثاً، والتي جمعتها وكالات الاستخبارات، أكّدت أنه في 23 مايو/ أيار، ناقش كبار أعضاء حكومة الإمارات العربية المتحدة، الخطة وكيفية تنفيذها.
وقال المسؤولون، إنّه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الإمارات قامت بعمليات الاختراق بنفسها أو تعاقدت مع طرف آخر لتنفيذها".
سواء قامت الإمارات بالاختراق بنفسها، أو استأجرت قراصنة من أجل القيام بالعملية، فإنّها تتحمّل المسؤولية عن الاختراق، وتزوير خطاب لأمير قطر، وهذا أمر لا يمكن تصنيفه إلا تحت بند الاعتداءات الاستخباراتية، وهو عمل إرهابي بامتياز، مثله مثل أي عمل إرهابي آخر، وتترتب عليه تبعات قضائية دولية.
الخبر الذي نشرته الصحيفة، اليوم الإثنين، استخباراتي ومنسوب لوكالات الاستخبارات الأميركية بأجهزتها الـ17، بما فيها "إف بي آي"، وهو لا يرقى إليه الشك، ولا يمكن أن يكون مفبركاً، وقبل كل شيء هو يصدر في صحيفة عريقة مثل "واشنطن بوست"، والتي يشهد تاريخها الطويل على مصداقية مصادرها، وخصوصاً فضيحة "ووترغيت" عام 1972 التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون.
والأمر الثاني، أنّ مصدر الخبر معروف، وهو أجهزة الاستخبارت الأميركية، ولذلك فلا قيمة لتكذيب سفير الإمارت في واشنطن يوسف العتبية الذي يعد أحد فرسان أبوظبي المعروفين في ميدان الدعاية والتلفيق.
كان في وسع الإمارات، أن تثير الزوبعة ضد قطر من دون اللجوء إلى اختراق وكالة الأنباء القطرية وتزوير خطاب لأميرها، ولم تكن بحاجة لهذه التمثيلية السخيفة كي تبرر حملتها الفاشلة التي لم تؤد إلى نتيجة سوى أنّها كشفت عن بلطجة وعدوانية وتشبيح صريح تجاه بلد شقيق، وهي نتاج عقلية مراهقة وضيقة الأفق، تتلاعب بمصير منطقة ذات ثقل اقتصادي وسياسي كبير.
مع هذا الكشف، بات من المنتظر أن تنتقل الحملة ضد قطر إلى مستوى آخر، فما قام على باطل فهو باطل، وبعيداً عن الخطوات التي سوف تقوم بها قطر، فإنّ النتيجة المباشرة هي سقوط مصداقية الإمارات والسعودية ووسائل إعلامهما أمام الرأي العام، وكل الخطاب السياسي الذي روّجوه ضد قطر بدعم الإرهاب سوف يذهب مع الريح.
لقد عرف الناس من هو الإرهابي والقرصان.