تعمل العديد من الشركات المتخصصة في صناعة السيارات على تطوير سيارات ذاتية القيادة تحتوي على أنظمة ذكية تسمح لها بالتنقل في الشوارع وتفادي العقبات بدون أي تدخل من السائق. إلا أن العديد من التحديات، سواء كانت تقنية أو قانونية، تواجه هذا النوع الجديد من المركبات، ولعل مسألة الحماية الرقمية لنظام السيارات ذاتية القيادة تعد من بين الأمور التي تقلق المهتمين بهذا المجال.
وعند الحديث عن عمليات الاختراق، فعادة ما يتبادر إلى الأذهان اختراق الأنظمة الرقمية (Software) التي تقوم بتشغيل الأجهزة، بل يمكن كذلك استغلال الثغرات الأمنية الموجودة في العتاد ومكونات الجهاز (Hardware)، حيث تمكّن باحثون من جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأميركية من الكشف عن ثغرة خطيرة في أجهزة الاستشعار الموجودة في الهواتف الذكية، والأساور الرياضية، وبعض المعدات الطبية، وكذلك السيارات ذاتية القيادة، حيث تتيح هذه الثغرة للهاكرز التحكم في الجهاز عن طريق الموجات الصوتية.
وأشار كيفن فو، أستاذ متخصص في تكنولوجيا المعلومات والهندسة ومشرف على هذا البحث، أن الثغرة التي تم اكتشافها توجد بالتحديد على مستوى مقياس التسارع، وهو جهاز دقيق مصمم لحساب أبسط التغيرات في معدل الحركة باتجاه معين، حيث تحتوي أغلب الأجهزة الذكية التي نملكها في الوقت الحالي على حساس للتسارع يعمل في المحاور الثلاثة (X Y Z)، ويتم استغلال البيانات الرقمية الخاصة بهذا الحساس من طرف أنظمة التشغيل وبعض التطبيقات الخاصة في الهواتف الذكية والسيارات وغيرها من الأجهزة الأخرى. فعلى سبيل المثال، يتيح حساس التسارع لمستخدمي الهواتف الذكية إظهار الصور بشكل عمودي أو أفقي بعد قيام المستخدم بتدوير الهاتف، كما يمكن استخدامه في العديد من التطبيقات كالتحكم في الطائرات بدون طيار عن بُعد، من خلال تحريك الهاتف الذكي.
وقام الفريق الباحث بالعديد من التجارب التي تظهر إمكانية اختراق الأجهزة الذكية باستخدام الموجات الصوتية، حيث قاموا في البداية بتحديد ترددات الرنين الخاصة بـ20 نوعا من مستشعرات التسارع الأكثر استخداماً في الأجهزة الذكية. وفي المرحلة الثانية تم إرسال موجات صوتية للسيطرة على مستشعر التسارع وخداعه بمعلومات مزيفة، ليصبح بمثابة باب خلفي (backdoor) يتيح للهاكر التحكم في الجهاز وإجباره على القيام ببعض المهام أو التشويش عليه.
وخلال التجربة، قام الباحثون باختراق بعض الأجهزة باستخدام نظام خاص ومكبر صوت لا يتجاوز ثمنه 5 دولارات، وتم إرسال موجات صوتية إلى سوار رياضي من نوع Fitbit، حيث قامت الموجات الصوتية بتوهيم السوار بالحركة، الأمر الذي أدى إلى تزايد عدد الخطوات الظاهرة على شاشة السوار. كما نجح الباحثون في التحكم في سيارة كهربائية صغيرة وإيقاف حركتها بعد تشغيل مكبر الصوت وإرسال الموجات الصوتية، وقد تم إجراء هذه التجارب على بعد صغير لا يتجاوز 10 سنتيمرات.
وأكد الباحثون على خطورة هذه الثغرة. كما نبهوا الشركات المصنعة للسيارات ذاتية القيادة والأجهزة الإلكترونية إلى ضرورة توفير أنظمة حماية خاصة.