اختراع الآخر

12 يناير 2015
رندا شعث/ فلسطين
+ الخط -
لا نعرف كيف انتقل مصطلح الآخر من سياق فلسفي إلى خطابات السياسة. السطحي والديماغوجي من هذه الخطابات استولى على المصطلح وحوّله إلى رطانة ثقافية.

من السياسة انتقل المصطلح إلى الثقافة و"النقد" الأدبي. ومنذ التسعينيات أصبح مصطلح "الذات والآخر" يُتداول عربياً بعشوائية وبلا تفكّر، وصار الآخر في هذه الخطابات أُحادياً، في حين أنه متعدّد بحكم طبيعته.

وإن كان الآخر، في هذا السياق، يحيل تلقائياً إلى الغرب، وهي إحالة مختلّة تجعل الوجود ثنائية منقوصة وتحرم الذات من آخرها المتعدد؛ فقد أخذ هذا الاختزال، مع "اتفاقية أوسلو"، يحيل في بعض الأوساط إلى "الإسرائيلي" (وهو تزامن شَرطي وظيفي وليس مجرّد تصادف).

ولعل إميل حبيبي ومجلته "مشارف" هما من اخترعا أو رسّخا إلصاق مصطلح الآخر بالإسرائيلي، حين خصص حبيبي باباً في مجلته لـ"الآخر الإسرائيلي"، استكتب عشرات الكتاب الفلسطينيين والعرب حول صورة هذا "الآخر" لديهم.

كان حبيبي، حائز "جائزة إسرائيل للأدب"، يعتقد أن دوره هو "التقريب بين الشعبين". وفي خضم هذا "التقريب"، كان مصطلح "الآخر" بوصفه "الإسرائيلي" يُصكّ ويعمّم. وفي المقابل، كان الوصف الفعلي للمستعمر الأوروبي، كصهيوني، يُسحب من التداول بمساعدة "إعلام عربي" مستقيل من ذاته ولا يجيد سوى ترديد مقولات "الآخر".

دلالات
المساهمون