عُرف "الوشم" منذ القدم كنوع من أنواع الزينة. فقد كانت النساء ينقشن الوشم على ذقونهنّ للزينة وإضافة الجمال على وجوههنّ. وكان بعضهنّ يرسمنه أيضاً على أيديهنّ وأقدامهن.
وإلى اليوم بعض جدّاتنا يحتفظنَ على أيديهنّ ووجوههنّ ببعض الخطوط المتماوجة غير المستقيمة، بسبب الشطط الذي أصاب جلودهنّ.
والوشم الذي بات يعرف حاليا باسم "التاتو" ما زال شكلاً من أشكال التجميل الذي تلجأ إليه المرأة في أيّامنا هذه، لكن مع إضافة الرجال. فقد بات التاتو "لعبة" أو تقليعة تغزو حواجب النساء وشفاههنّ وأجساد النساء والرجال، بل والأطفال.
وتُعرّف اختصاصية التجميل، إيمان المصري، التاتو بأنّه "يتوزّع بين أنواع عدّة، من تاتو الجسم، إلى تاتو الحواجب، وآخر للشفاه، وتاتو "الآي لاينر"، والتاتو الطبي، الذي بات مرغوباً بكثرة منذ ما يُقارب العشر سنوات، بسبب تقنياته الحديثة".
وتشرح المصري لـ"العربي الجديد" أنّ "التاتو الطبي هو الذي يُرسم على الجسم بعد عمليات جراحية، مثل رسم تاتو للحلمة بعد عملية استئصال الصدر إثر الإصابة بمرض سرطان الثدي. أما تاتو الجسم فهو رسم أشكال أو كتابة كلمات على أنحاء مختلفة من الجسم. ويُمكن أن يكون ملوّناً أو بالأسود".
وبحسب الشابة اللبنانية ديالا خياط، العاملة في إحدى شركات السيارات في بيروت، فهي لم تكن راضية عن شكل حاجبيها: "لأنّها خفيفة جداً وكل يوم قبل الذهاب إلى عملي كنت مضطرة لرسمهما بقلم خاصّ. وكان الجميع ينصحونني بالذهاب إلى مركز تجميل لوشم تاتو على حاجبي، لكن كنت أخاف من التعرّض للإبرة".
في يوم قرّرت ديالا الذهاب إلى مركز التجميل الذي تقصده بشكل دوري: "كنتُ أثق به وبذوق صاحبه، وبالفعل رسمت التاتو ولم أشعر بالألم. حتّى أنّه غيّر رسمتهما وأصبحت مناسبة أكثر لملامح وجهي. واليوم بعد سنتين أودّ الذهاب لإعادة رسمهما وتثبيت الوشم مرّة ثانية".
وتعلّق المصري، المتخصّصة التي ترسم عشرات الوشوم يومياً: "على أبواب الصيف يزيد الطلب، يصير الوشم مرغوباً وتتهافت عليه السيدات والرجال أيضاً"، وترجع الأمر إلى أنه تمهيد لاستعراض "الجديد" في الأجساد على شواطئ الصيف.
وتقول: هناك تاتو الحواجب الذي يُجمّل ويُبرز ملامح وجه المرأة، وتاتو الشفاه نعمل من خلاله على تغيير لون الشفتين ليصير وردياً أو أحمر. أما تاتو "الآي لاينر" للعيون فهو أكثر الأنواع طلباً من السيدات، خصوصاً اللواتي يعملن وليس لديهنّ الوقت الكافي للتزيّن كلّ صباح"، فيكون زينة ثابتة.
وتوضح الاختصاصية التي تشرف على التجميل وليس فقط التاتو: "هناك أضرار ناتجة عن التاتو من خلال استعمال الأدوات غير المعقّمة، مثل الجهاز، في حين يجب استعمال الإبرة لمرّة واحدة، ولكلّ زبونة إبرة جديدة تجنّباً لانتقال الأمراض من سيّدة إلى أخرى، وأحيانا لا يستجيب الجسم لتشرّب التاتو أو يحصل نزيف خلال رسم التاتو بسبب قلّة خبرة خبيرة التجميل".
وعن تجربتها في رسم تاتو لحاجبيها، تقول لما نور الدين، العاملة في مطار بيروت الدولي: "منذ ثلاث 3 سنوات تقريباً قصدت مركزاً تجميلياً في بيروت لرسم تاتو لحاجبي، لأنّني رغبت في تغيير شكلهما ولأتبع الموضة، وبعد ساعتين من الرسم كنت فرحة وراضية عن شكلهما الجديد ولونهما، لكن بعد شهور بدأ اللون البني يتغير ليُصبح أحمر. لم أكن أدرك أنّ الحبر الذي استعملته مغشوشاً إلا بعد زيارة اختصاصية تجميل ثانية، وهي كانت صديقة مقرّبة. شرحت لي عن الحبر المغشوش الذي تستعمله بعض مراكز التجميل. ورغم إعادة رسمهما بحبر جيّد إلا أنّ اللون الأحمر ما يزال واضحا لمن يدقّق في الحاجبين".
حاولنا الاتصال بعدد من مراكز التجميل، لكنّ معظم العاملين يرفضون الحديث ويرفضون نشر اسم المركز حيث يعملون، ربّما لخوفهم من أرباب عملهم، أو لأنّهم يعملون بالحبر المغشوش ولا يريدون "تفتيح العيون" على هذه المسألة.
خبيرة في التجميل والتاتو، الدكتورة رانيا العياش، قالت لـ"العربي الجديد" إنّ "الثقة بالمركز الذي نزوره هي الأساس". وأضافت: "لا نعرف إذا كان الحبر مغشوشاً إلا بعد مرور وقت طويل عندما يتغير لون التاتو. وهذه هي المشكلة".
وتحذّر العياش من أنّ "بعض المراكز تخلط منتوجات سامة في المواد التي تستعملها، وهي تسبّب أمراضاً وحساسية، في وقت لاحق". وتنصح "باستعمال الحبر المستخرج من مواد طبيعية، ولو لم يدُم لوقت طويل. والأهمّ أن تكون المراكز والمواد المستخدمة مرخّصة من وزارة الصحة".
وتدعو المتخصّصة إيمان المصري السيّدات للاتجاه إلى مركز تجميل موثوق فيها، لأنّ "بعض خبراء التجميل أو الذين يعملون في هذا المجال يغشّون السيّدة. يُمكن للسيّدة أن تكشف هذا الغشّ من خلال اللون الذي يتحول بعد فترة إلى لون آخر. فاللون الأسود يتحوّل إلى أزرق واللون البني إلى أحمر، لذلك يجب الانتباه".
كما تكشف المصري أنّه "يُمكن إزالة التاتو بأحدث التقنيات، وهي الليزر، لكنّها مكلفة وتأخذ وقتا وأحيانا لا تُعطي نتيجة مائة في المائة، لذا هناك طريقة أخرى هي عبر إزالتها أو مسحها بالتاتو البيج، وهو ليس جيّدا ويظهر بوضوح خلال التعرّض للشمس".