كذلك نجح أب في إنقاذ حياة ابنه ذي العامين بعد أن لاحظ عليه أعراضاً مشابهة لتلك، مستفيداً من الضجة التي أثارتها قصة فرانسيسكو، فتعالوا نتعرف معاً على الغرق الجاف، وكيف يمكن اكتشافه وتجنبه.
ما هو الغرق الجاف؟
لا ترتبط هذه الحالة بالمسابح فقط، بل يمكن أن تحدث في أي مجمع مائي، حتى في حوض الاستحمام، ونسبة حصولها هي 2% فقط من حالات الغرق، ويكون أغلبها عند الأطفال نظرًا لصغر حجمهم، إلا أن هذا لا يمنع إصابة الكبار بها.
ويعد الغرق السبب الثاني الرئيسي لحالات الوفاة بين شريحة الأطفال وفقًا لمنظمة "CDC" الأميركية للسيطرة على الأمراض، إلا أن المنظمة لم تسجل أرقامًا في ما يخص الغرق الجاف، وعلى الرغم من أن حالة فرانسيسكو دعيت بهذا الاسم، إلا أن الدكتور راي بيتيتي، طبيب الأطفال في مستشفى "بيترسبورغ" ومساعد المدير الطبي في قسم طوارئ الأطفال، قال إنه يعتقد أنها ناتجة عن الغرق الثانوي.
وقد أكد أن المصطلحين يستخدمان بالطريقة نفسها على الرغم من كونهما شيئين مختلفين، حيث شرح أنه "عندما يستنشق الماء، فإنه يؤدي إلى إغلاق مجرى الهواء، كرد فعل دفاعي على الرغم من أنه لا يصل إلى الرئتين، وتبدأ الحبال الصوتية بالانكماش فيما يعرف بتشنج الحنجرة، ما يؤدي إلى حدوث صعوبة في التنفس، ثم حرمان الجسم من الأوكسجين، فيبدأ المرء بالاختناق"، وأضاف: "الغرق الجاف فعل لا إرادي يقوم به الجزء العلوي من المجرى التنفسي، على الرغم من عدم وجود ماء في الرئتين في الحقيقة".
كذلك يؤكد الدكتور بيتيتي بأن الأعراض الواضحة تظهر بعد دقيقة تقريبًا من الحادث، نظرًا لعدم حصول الجسم على كفايته من الأوكسجين.
كيف نتجنب الغرق الجاف:
يؤكد الدكتور بيتيتي بأن إبقاء الطفل تحت النظر هو أمر كافٍ لحمايته، وبأن أغلب الحوادث التي شهدها من هذا النوع كانت لأطفال لم يراقبوا جيدًا من قبل أهاليهم، وإليكم بعض النصائح الإضافية لإبقاء صغاركم آمنين:
1- تعلم مهارات إنقاذ الحياة: يجب على أي شخص موجود ضمن تجمع مائي، أن يتعلم أساسيات السباحة بما فيها العوم، والحركة في الماء، كما ينصح الخبراء الجميع بتعلم آلية الإنعاش.
2- تسييج منطقة المسابح: يجب إبقاء الأطفال بعيدين عن المسابح المنزلية في الأوقات التي لا يجدر بهم الوجود فيها، وذلك عن طريق إحاطتها بسياج.
3- سترات النجاة: يجب على الأطفال ارتداء هذا النوع من السترات في المناطق المائية الطبيعية، حتى لو كانوا يعرفون السباحة، كما أنها ضرورية للسباحين الجدد في المسابح.
4- إبقاء الأطفال تحت المراقبة: يحدث الغرق أحيانًا فجأة، أو دون إصدار ضجة، لذا فيجب على الأهل تجنب الأنشطة التي تشتت انتباههم عن أطفالهم في المناطق المائية، أو بالقرب منها.
ما هو الغرق الثانوي؟
يؤكد الدكتور بيتيتي أن إصابة الطفلين ناجمة عما يدعى بالغرق الثانوي، وذلك لأن صور الأشعة السينية تظهر وجود سوائل في الرئتين عند كل منهما، وهذا ما يختلف به عن الغرق الجاف، حيث يتم الخلط بين المصطلحين لأن كليهما يستخدم للدلالة على الغرق خارج المياه مع أن معرفة الفرق ضرورية، إذ إن الماء في حالات الغرق الثانوي يجد طريقه نحو الرئتين، ويعلق في الأعضاء مسببًا التهابات وتهيجاً، لينتهي بمشاكل تنفسية أو ما يعرف بالوذمة الرئوية، ويعتبر تمييزه أصعب من الغرق الجاف، نظرًا لأن أعراضه تحتاج وقتًا أكبر للظهور.
ما هي الأعراض؟
يؤكد الخبراء أن المؤشر الأول هو اختبار الطفل لتجربة الغرق الوشيك، وعندها تظهر الأعراض مباشرة بعد الخروج من الماء بالنسبة للغرق الجاف، فيبدأ الطفل بالسعال ويجاهد من أجل التنفس. بحسب "الديلي ميل".
أما في حالة الغرق الثانوي، فتعتبر الأعراض أبطأ، حيث تستغرق من ساعة حتى 24 ساعة تظهر، ويؤكد الدكتور بيتيتي أن الصعوبة في التنفس، وحركة البطن للداخل والخارج، والضغط على الأضلاع، بالإضافة إلى السعال، والألم، والتعب المفاجئ، والدوخة والتغير في السلوك، هي كلها أعراض تدل على أن الدماغ والجسد لا يحصلان على نصيبهما من الأوكسيجين، ما يستوجب الرعاية الطبية.
حادثة غرق فرانسيسكو:
كان الطفل فرانسيسكو ديلغادو الثالث، الملقب بفرانكي، يسبح مع عائلته في سد مدينة تكساس، عندما بدأ يشعر فجأة بألم في معدته، بعد خروجه من الماء مباشرة، وقد ظن والداه بأنه التقط جرثومة عرضية، وحتى عندما بدأ يتقيأ، وأصيب بالإسهال خلال الأسبوع التالي، اعتقدا بأنه باشر بالتحسن، إلى أن بدأت الأمور تتخذ مسارًا أسوأ.
وقال والد الطفل بأنه اشتكى من ألم في كتفيه صباح يوم السبت، ثم عاد إلى النوم ليستيقظ بعد ساعات بأوجاع أكثر خطورة، وأضاف: "فجأة أخذ يئن، ثم التقط أنفاسه الأخيرة وأنا لم أكن أدري ماذا أفعل". يذكر أن الطفل أسعف وقتها إلى المستشفى حيث توفي هناك.
وتصف أم الطفل اللحظات الأخيرة من حياته قائلة: "كنت هناك أراه ممددًا والأطباء حوله، وبدأت بالصراخ، دعوني ألمس طفلي، ربما هو بحاجة لأمه فقط" وأردفت: "جاءت الطبيبة بعدها وأخبرتنا بأن رئتيه مليئتان بالسوائل، وهذا ما يعرف بالغرق الجاف، وبأنهم لم يقدروا على فعل شيء من أجله".
قصة فرانسيسكو أنقذت جيو:
استطاع الرقيب الأول غارون فيغا إنقاذ ابنه جيو بعد أن سمع عن قصة فرانكي، إذ ابتلع الطفل الماء في المسبح المحلي وبدأ يعاني أعراضًا مشابهة، بما فيها الحمى وصعوبة التنفس، وقد بينت صور الأشعة السينية لاحقًا امتلاء رئتيه بالسوائل، كما أكد الطبيب حسن حظه، إذ إنه لم يكن لينجو نهارًا آخر لو لم يتم إسعافه مباشرة.
وصرح فيغا أنه لم يكن ليأخذ ابنه إلى الطبيب جراء أعراض مشابهة لو لم يسمع عن قصة فرانكي، ووجه الشكر لأسرة ديلغادو قائلًا: "كل شيء يحدث لسبب، وأنا لا أجد الكلمات المناسبة لمواساة عائلة الصغير فرانكي وشكرها، لقد أنقذ طفلها ابننا" وأردف: "كنا تعاملنا معه كمرض عادي لو لم أخبر زوجتي أن الطفل ابتلع الماء، ولو لم تقرأ هي تلك المقالة!".
(العربي الجديد)