يسود هدوء حذر مدينة تالة، غرب القصرين، بعد مواجهات وعمليات كر وفر بين الوحدات الأمنية وعدد من المحتجين الذين قاموا بإغلاق الطريق الوطنية عدد 17 الرابطة بين القصرين وتالة، وإشعال العجلات المطاطية، بعد مسيرات ووقفات احتجاجية شهدتها القصرين الإثنين الماضي.
وتأتي هذه التحركات قبل أيام من إحياء ذكرى الثورة التونسية في 14 يناير/كانون الثاني 2011. ولئن انطلقت مسيرة المحتجين في تالة بطريقة سلمية للمطالبة بفرص العمل والتنمية في منطقتهم، وللتذكير بشعارات الثورة، فإن انضمام محتجين آخرين وتلاميذ غاضبين بسبب الغموض في روزنامة الامتحانات ساهم في تأجيج الوضع، ليبادر بعض التلاميذ برشق القوات الأمنية ومنطقة الحرس الوطني بالحجارة، لترد القوات الأمنية باستعمال الغاز المسيل للدموع.
وأكدت المتحدثة باسم عدد من حاملي الشهادات العليا المعطلين عن العمل، والمعتصمين بجهة تالة من ولاية القصرين، علياء بن كافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ احتجاجات العاطلين عن العمل "سلمية ومطالبهم الأساسية هي التشغيل"، مضيفة أنّ الوضع الاجتماعي متردٍ في تالة، خاصة في ظل تنامي موجة البرد ونقص المواد الغذائية وغياب وسائل التدفئة والغاز مع غياب أي لفتة من الحكومة.
وأوضحت بن كافي أن "الوعود التي تلقوها من سلطة الإشراف كثيرة، ولكن جلها زائفة، إذ لا جدية في التعامل مع ملف المعطلين"، مبينة أنها "متخرجة منذ سنوات وناشطة بالمجتمع المدني، ولكن رغم المطالب والمناظرات العديدة التي شاركت فيها إلا أنه لا وجود لأي بوادر لتشغيل أصحاب الشهادات"، مشيرة إلى أن أسرتها "تضم 8 أشقاء من أصحاب الشهادات العليا، ووالدهم عامل يومي، ومع ذلك لم يتم تشغيل أي فرد منهم، ويوجد من الشباب من هم في سن الأربعين، وبالتالي جل هذه العوامل ضاعفت الشعور بالإحباط والتهميش".
وبيّنت أنهم "سيحتجون بطرق سلمية، وسيوقعون على محضر جلسة مع المعتمد لتفادي تشويه الاحتجاجات في تالة"، مؤكدة أنه يمكن إيصال أصواتهم عبر الشعارات واللافتات ودون اللجوء إلى العنف وغلق الطرقات، إذ إنهم يرفضون مثل هذه الأساليب التي تعطل المرافق العامة.
ونفذ الاثنين عدد من الناشطين بالمجتمع المدني وقفة احتجاجية سلمية بساحة الشهداء في مدينة القصرين للمطالبة بالتنمية والتشغيل، مشددين على ضرورة الاهتمام بالمنطقة والنهوض بها. وجابت مسيرة سلمية لعدد من المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات الجامعية شوارع المدينة مطالبة بالتنمية والتشغيل.
ونفذ المعلمون النواب وقفة احتجاجية في جميع المحافظات للمطالبة بترسيمهم في العمل، وبتطبيق اتفاقهم المبرم مع وزارة التربية، منددين بالتسويف والتراجع عن الاتفاق الذي يقضي بتسوية وضعيتهم.
ومن القصرين قال المعلم منعم محمدي، لـ"العربي الجديد"، إن اعتصامهم مفتوح ومطالبهم ليست الزيادة في الأجور بل هم يطالبون بتطبيق اتفاق 8 مايو/أيار 2018، ونشره بالجريدة الرسمية، والذي يقضي بتسوية وضعياتهم وانتداب المعلمين النواب على 3 دفعات.
وأوضح أنّ المعلمين النواب لا يتمتعون بالتغطية الصحية ولا الاجتماعية، ولم يحصلوا على أجورهم منذ شهر سبتمبر/أيلول، مبينًا أنهم سبق وأن دخلوا في سلسلة من الاعتصامات وعلقوا الإضراب على أساس تطبيق الاتفاق، ولكن مرة أخرى يتم التعامل مع ملفهم بالكثير من المغالطات وبالتراجع.