احتجاج تونسي على حظر أكياس البلاستيك

31 مارس 2016
يمكن استبدال البلاستيك بأكياس من الورق والقماش (فرانس برس)
+ الخط -

على خلفية الاستهلاك المفرط لأكياس البلاستيك غير القابلة للتحلل العضوي في تونس، أصدرت وزارة البيئة التونسية قراراً يمنع بمقتضاه توزيع تلك الأكياس واستخدامها، لا سيما في المتاجر الكبرى. وبدلاً منها، تُعتمد الأكياس القابلة لإعادة التدوير أو للتحلل العضوي في زمن وجيز. يأتي ذلك مع تناثر أكياس البلاستيك في المدن كافة، الأمر الذي يؤثّر على البيئة وجمالية المدن والأرياف. وقد أكدت الوزارة أنّ الأكياس باتت تهدد حياة الحيوانات أيضاً، لا سيما تلك التي تبتلعها.

ويشير مدير إدارة جودة الحياة في وزارة البيئة، الهادي الشبيلي، إلى أنّ هذه الأكياس في حاجة إلى مئات السنين حتى تتحلل، وهي تسبب كذلك تلوثاً بصرياً وتعكر جودة الحياة في المدن والأرياف ولها تأثيرات سلبية على عديد من الأنواع البحرية. يضيف أنّ الحرق العشوائي لأكياس البلاستيك تلك، يتسبب في انبعاث غازات خطيرة بعضها على علاقة بالتغيّرات المناخية.

تفيد إحصاءات بوجود نحو 100 مصنع لأكياس البلاستيك تنتج نحو مليار كيس سنوياً في البلاد، و80% من تلك الأكياس لا يُعاد تدويرها، فيما يستغرق تحلل الكيس الواحد 400 عام. وهو الأمر الذي دفع المنظمات البيئية إلى التنبيه حول خطورة هذه الأكياس على البيئة، مشددة على ضرورة استبدالها بأكياس من الورق والقماش أو اللجوء إلى القفة التقليدية.

في هذا الإطار، أعلنت وزارة البيئة أنّ منع استخدام أكياس البلاستيك غير القابلة للتحلل العضوي والترويج لها، سوف يكون بالتدرّج من دون أن يؤثّر سلبياً على المصنّعين والعمال. وسوف تمنح مهلة زمنية للمصنعين قبل تفعيل القرار، بما يتيح لهم الوقت لإعادة البحث عن بديل وإنتاج أكياس بديلة غير ضارة بالصحة والبيئة وقابلة للتحلل العضوي.

على الرغم من المهلة التي حدّدتها الوزارة (لغاية نهاية 2017) وتأكيدها عزمها بالتعاون مع وزارة الصناعة على مساعدة الصناعيين في إعادة التأهيل والبحث عن سبل جديدة وآليات جديدة لتصنيع أكياس بمقاييس جديدة صحية. لكنّ مصنّعي البلاستيك رفضوا القرار، كذلك الأمر بالنسبة إلى عمال تلك المصانع خوفاً على فرص شغلهم.

محمد فاضلي، يشتغل منذ 15 عاماً في أحد تلك المصانع، يشير إلى أنّه "كغيري من العمال استغربنا قرار الوزارة، الذي قد يؤدي إلى بطالة آلاف منا إذا لم يجد المصنّعون حلولاً بديلة، خصوصاً أنّ أصحاب المصانع رفضوا القرار بأكثرهم". بالنسبة إليه، "الحل ليس في إغلاق المصانع بقدر ما يكمن في تكثيف الحملات لتوعية المواطن حول ضرورة المحافظة على البيئة وعدم رمي الأكياس في الشوارع".

من جهته، يعمل أمجد رمزي في أحد تلك المصانع منذ أكثر من 20 عاماً. يقول إنّ "قرار الوزارة قد يؤدي إلى تسريح عشرات العمال في حال لم يجد أصحاب المصانع آليات وطرق لتصنيع أنواع جديدة من البلاستيك". يضيف أنّ "وزارة البيئة هي المسؤولة الأولى عن التصرّف في النفايات سواء بإعادة التدوير أو بإيجاد حلول للتصدي لرمي الأكياس في الشوارع".

أما سالم، وهو مواطن، فيقول إنّ "لا غنى للتونسي عن أكياس البلاستيك، لأنّه لن يضطر إلى شرائها. حتى لو اضطر، فإنّ سعرها زهيد جداً، بالإضافة إلى أنّها متوفرة وتسهّل على المستهلك قضاء حاجاته اليومية". ويتابع: "علينا كمواطنين أن نعي خطورة الأكياس على البيئة، خصوصاً أنّها اكتسحت بشكل كبير المدن والأرياف. لكن في المقابل، لا بدّ للبديل أن يراعي المستهلك الذي لن يقبل بأكياس تكلّفه مصاريف جديدة، لا سيما تلك الورقية".

في السياق نفسه، رفضت الغرفة الوطنية لصانعي ومحوّلي البلاستيك قرار الوزارة، واصفة إياه بـ"القرار التعسفي وغير المسؤول". يقول رئيس الغرفة نور الدين التركي إنّ "قرار منع المتاجر الكبرى من استخدام أكياس البلاستيك، سوف يخلّف نتائج خطيرة، خصوصاً التسبب في غلق عشرات من المؤسسات الصناعية، لا سيما تلك التي تتعامل بشكل كبير مع المتاجر الكبرى. والغلق يؤدي إلى بطالة آلاف العمال وتدهور الأوضاع الاجتماعية في فترة تشكو البلاد من ارتفاع نسبة البطالة".

ويشدّد نور الدين على أنّ "مسؤولية التصرف في النفايات تعود في الأساس إلى وزارة البيئة التي تقتطع نسبة 5% عند كل عملية توريد للمواد الأولية البلاستيكية، وهي أموال توفر مداخيل هامة للوزارة لجمع النفايات البلاستيكية والتصرف فيها في كامل أرجاء البلاد". يضيف أنّ "80% من أكياس البلاستيك في تونس هي في الأساس ناتجة عن التهريب والتجارة الموازية، فيما يصنّع منها فقط 20% محلياً. لذا فإنّ التصدي لتهريب أكياس البلاستيك سوف يخفف من الأضرار البيئية الناتجة عنها".

دلالات