في المقابل، كانت الكلمة التي ألقاها محمد بن سلمان، من أبرز ما أثار ردود فعل، إذ حملت العديد من الرسائل، وفي مقدمتها نظرة السعودية إلى اليمن. وقال إن "المملكة تنظر لليمن على أنه العمق الاستراتيجي للأمة العربية"، وأن "اليمن هو عمق العرب". وأضاف "أكبر خطأ قام به العدو (فيما بدا إشارة إلى إيران) أنه يحاول المس بعمق وصلب العرب، جمهورية اليمن". وتابع إن "ذلك ما دعا كل العالم العربي لأن يستنفر لما يحدث في اليمن، وانقلبت الطاولة في السنة ونصف السنة الماضية، ليس فقط في اليمن بل في كل العالم العربي والإسلامي، بسبب أنهم ارتكبوا خطأ، أنهم لمسوا وفكروا أن يلمسوا عمق العرب، دولة اليمن". وفي السياق نفسه، أوصل بن سلمان، رسالة هامة تضمنت التعهد بالوقوف إلى جانب وجهاء القبائل اليمنية المؤيدين للشرعية أو المناهضين للحوثيين عموماً. وقال "رجال اليمن ليسوا في حاجة لمساعدة أشقائهم، فهم إذا استنفروا ووقفوا سيقضون على العدو، ولن يقفوا حتى يكونوا في عقر دار العدو، لكن لا نستطيع، نحن إخوانكم في السعودية ودول الخليج العربي ومصر والسودان والأردن والمغرب، أو في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، أن نرى استنفاراً ووقفة للرجل اليمني من دون أن نكون إلى جانبه، ونحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا، كما كنا في السابق، وكما سنكون في المستقبل".
وأظهر ولي ولي العهد السعودي أكبر قدر من عبارات المدح والثناء على اليمن وقبائلها، على نحو نال ترحيباً وإشادات في العديد من الأوساط. وقال "لي الشرف أن أكون بين هؤلاء الرجال، وبين أساس العرب وعمق العرب والقبائل العربية اليمنية. شرف لي وأعتز أن أكون اليوم بينكم، وأعمل معكم اليوم". وأضاف "اليمن والسعودية والعالم العربي واحد، وأنتم بين إخوانكم". وفي إشارة لافتة، قابلة لأكثر من تفسير، وقد يكون يقصد بها التدخل العربي بقيادة السعودية، أو الاجتماع والخطوات التي قد تتبعه، قال محمد بن سلمان "إن شاء الله هذه خطوة فيها عز وشموخ لليمن وللعرب. وسيذكر التاريخ كل ما تقومون به وما ستقومون به".
وفور انتشار خبر اللقاء، الذي لم يكن قد جرى الإعلان عنه مسبقاً، انهالت تفسيرات المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام السعودية، إذ ربطه عديدون بالاستعدادات الجارية من قبل التحالف والقوات الموالية للشرعية، لبدء عملية عسكرية في مدينة الحديدة الحيوية، والتي تعد من أهم المدن اليمنية وأبرز محافظات الساحل الغربي للبلاد، بالإضافة إلى احتمال تنفيذ التحالف والشرعية عملية عسكرية نحو العاصمة صنعاء. ومع ذلك، فإن أبرز ما يضعف هذا الجزء، هو أن وجهاء القبائل، الحاضرين لم يمثلوا محافظات يتمحور حولها الصراع، بقدر ما كان الحضور من مختلف المناطق اليمنية، بما فيها حضرموت. أما التفسير الآخر، الذي ذهب إليه العديد من المعلقين، فهو أن السعودية تدشن مساراً جديداً بالتعامل مع الأزمة اليمنية. وبغض النظر عما إذا كان هذا المسار عسكرياً أو سياسياً، فإنه يسمح بدور أكبر للقبيلة في اليمن، وهو ما كان سائداً بدرجة أو بأخرى، في البلاد خلال العقود الماضية، إذ عُرفت الرياض بعلاقاتها القوية مع أبرز وجهاء القبائل في اليمن، بما في ذلك، رئيس البرلمان الراحل، الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، والذي كان واجهة للقبيلة ودورها السياسي في البلاد، خلال العقود الماضية (توفي 2007)، في حين أن المشاركين في اجتماع الرياض، يعكسون حضوراً لافتاً للقبيلة في وسط وجنوب وشرق البلاد. وجاء الاجتماع، مع دخول بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، عامها الثالث في اليمن، وهو الأمر الذي دفع البعض إلى اعتبار الاجتماع مع القبائل، مؤشراً على سعي الرياض لإحداث اختراق أو تجديد على الأقل، في مسار الأزمة في البلاد، مع توجه الأنظار والعمليات العسكرية نحو الساحل الغربي للبلاد.
الجدير بالذكر، أنه وعلى الرغم من وجود العديد من قيادات الدولة والقيادات السياسية اليمنية في الرياض، بما فيها الرئيس عبدربه منصور هادي، وقيادات حزبية وسياسية، لم تحظ الاجتماعات واللقاءات في الغالب، بالحضور السعودي رفيع المستوى الذي ظهر خلال الاجتماع مع القبائل. وتتضارب الروايات حول دعوة الحضور، بين من يقول إن وجهاء القبائل طلبوا اللقاء مع القيادة السعودية، كما أعلن المتحدث باسمهم في الاجتماع، والأخرى، إن الوجهاء حضروا إلى الرياض، بدعوة من السعودية.