اجتماع جدة: تقدم في شأن المصالحة الخليجية

14 اغسطس 2014
تكثفت الاتصالات السعودية القطرية أخيراً (برندان سماولسكي/فرانس برس/getty)
+ الخط -
بدا أن دول مجلس التعاون الخليجي قطعت شوطاً كبيراً في مسار تجاوز الأزمة المعلومة بين الدوحة من جهة، والرياض وأبوظبي والمنامة من جهة ثانية، في الأشهر الخمسة الأخيرة، وكان تعبيرها الأبرز سحب العواصم الثلاث سفراءها من العاصمة القطرية في مارس/آذار الماضي.

وقد دلّ على مساحة نجاح واسعة في هذا المسار إعلان الأمين العام للمجلس، عبد اللطيف الزياني، في وقت متأخر، من مساء أمس الأربعاء، أنّ "وزراء خارجية دول المجلس الذين اجتمعوا في جدة، أصدروا توجيهاتهم للانتهاء من المسائل كافة التي نصّ عليها اتفاق الرياض، في مدّة لا تتعدى الأسبوع، في ضوء الاتفاق الذي وقع عليه الوزراء حول الخطوات التي يتعيّن تنفيذها في إطار النظام الأساسي للمجلس".

وفيما لا يعرف المواطنون الخليجيون تفاصيل اتفاق الرياض المشار إليه، بعدما غطّت عليه زوبعة الحملات الإعلامية، الشديدة في طورها الأول، غداة سحب السفراء، والهادئة عشية اجتماع جدة الأسبوع الجاري، فإنه لا مجازفة في تقدير الموقف، هنا، إن تحديد مدّة أسبوع لتنفيذ الاتفاق، وتطبيق الخطوات التي تم الاتفاق عليها، يؤكّد أن وزراء الخارجية خرجوا من الاجتماع، تاركين وراءهم الأزمة، ما لم تحدث مفاجأة تخلط الأوراق مجدداً، ما يسوغ توقع انتهاء مهلة الأسبوع بنجاح حلّ الأزمة الخليجية وطيها.

ولم يوضح الزياني في تصريحه عقب الاجتماع "الخطوات التي سيتم تطبيقها" خلال الأسبوع، ولم يوضح طبيعة "اتفاق الرياض" المبهم، والذي تم التوصل إليه سابقاً، إذ لا يوجد نص موثوق عنه، وإن تحدث اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، في 17 أبريل/نيسان الماضي، عن تبني الدول الأعضاء آليات "تكفل السير في إطار جماعي، لئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دوله، ومن دون المساس بسيادة أي من دوله".

وقد مُهّد، أول من أمس الثلاثاء، للاتفاق الجديد الذي أعلنه الزياني، وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، في تصريحه، عقب اختتام اجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي الذي ناقش العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفحواه أن "المملكة لا تشعر براحةٍ حيال ما حدث بينها وبين قطر، وأن أسعد وقت هو انتهاء المشكلة "، مضيفاً أنّ "دول الخليج كيان للتضامن والتكافل وتوحيد القرار السياسي، ووقت ما تحقق ذلك، فإن مجلس التعاون سيحقق أهدافه الحقيقية".

وأظهر التصريح الإيجابي مع الدوحة من الوزير الفيصل، الذي يُشاع أنه يميل إلى التشدد معها، أن الاتصالات السعودية - القطرية التي تكثفت منذ منتصف شهر رمضان الماضي كان لها أثرها الكبير في ترطيب الأجواء، وقد توّجت بزيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جدة ولقائه الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، قبل أيام من عيد الفطر.

وأعقبت زيارة أمير قطر، في الأسبوع الأول بعد العيد، زيارة وزير الحرس الوطني السعودي، الأمير متعب بن عبد الله، نجل الملك السعودي، الدوحة، حيث استقبله أمير قطر. ودفعت الزيارتان، وكذا عموم الاتصالات السعودية القطرية، إلى التخفّف من تبادل الشروط بين الرياض والدوحة، من أجل طيّ صفحة الخلاف. وهي شروط، كانت قد انشغلت صحف، إماراتية خصوصاً، وأخرى محسوبة على أبوظبي غالباً، بإشاعتها، من دون تدقيق أوجه الصحة والخطأ فيها.

وذهبت إحدى هذه الصحف إلى حدّ الترويج إلى تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، وإغلاق الحدود البرية السعودية معها، ما لم تغلق الدوحة قناة "الجزيرة"، وتطرد أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" المصريين من أراضيها، وهذه من 39 شرطاً (!)، بحسب ما كتبت صحيفة إماراتية، الأسبوع الماضي، يتعين على الدوحة تنفيذها، لتتجنب عقوبة تجميد عضويتها في مجلس التعاون.
وكان لافتاً أن الصحافة القطرية لم تعلق على ذلك كله، فيما كانت، إبان ذروة الخلافات، تردّ على ما هو أقل منه بتصعيدٍ إعلامي ملحوظ.

وفي الأثناء، ظلت الدبلوماسية القطرية، على قلة تصريحاتها المعلنة، تؤكد التزامها التام بالمقتضيات الأمنية التي تتفق مع قواعد عدم التدخل في شؤون الدول الخليجية الشقيقة، وبكل ما يصون أمن هذه الدول واستقرارها. وهما مسألتان جوهريتان في العمل الخليجي المشترك، وفي اتفاق الرياض الذي دارت بشأنه المداولات الخليجية أخيراً، وشدّدت الكويت عليه في وساطاتها لحل الأزمة.

وترجم الموقف السياسي المشترك لدول مجلس التعاون البيان الذي صدر في ختام اجتماع، أول من أمس، "الذي أكّد أهمية تضافر الجهود، من أجل وقف نزيف دماء شعوب المنطقة وحماية مصالحها ومكتسباتها ومحاربة الحركات الإرهابية المتطرفة، تعزيزاً للأمن والاستقرار الإقليميين"، إضافة إلى إدانته العدوان وجرائم الحرب الشنيعة وإرهاب الدولة الذي تمارسه القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، والاستنكار الشديد والمطلق لكل المبررات الإسرائيلية في هذا الشأن. وتأكيد الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، للتوصل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار في غزة، يضع حداً لتكرار الجرائم الوحشية التي ترتكبها إسرائيل في حق المدنيين، وضرورة التوصل إلى اتفاقٍ دائم يضمن تنفيذ إسرائيل التزاماتها من دون مماطلة وتسويف، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وعودة الحياة الطبيعية الى سكان القطاع، بما يكفل حقهم في حياة كريمة وآمنة".

وبدا الموقف الخليجي موحداً، أيضاً، تجاه ما يجري في العراق، حيث رحبت دول مجلس التعاون بانتخاب رئيس العراق فؤاد معصوم، وتكليف رئيس الوزراء، حيدر العبادي، تشكيل الحكومة الجديدة، وانتخاب سليم الجبوري رئيساً للبرلمان، وبتثبيت المؤسسات الدستورية في العراق. 

المساهمون