وبعد قائمة مطالب من 13 بنداً، أرسلتها عبر الوسيط الكويتي، لفرض الوصاية على قطر، انخفض سقف دول الحصار إلى 6 نقاط، ما يشير إلى فشلها بلي ذراع قطر، أو انتزاع ما يعدّ شأناً سيادياً خالصاً. وأكّد وزراء خارجيتها، أنّ الردّ القطري على مطالبهم، الذي سبق وأعلن وزير الخارجية، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أنّه توافق مع مبادئ سيادة الدول والقانون الدولي، جاء "سلبياً".
وفيما كان ردّ دول الحصار في مؤتمرها واضحاً، أنّها لم يعد باستطاعتها الذهاب أبعد من المقاطعة والحصار، راح وزراء خارجيتها يتبارون في كيل الأوصاف لقطر متماهين مع حملة المزاعم والافتراءات التي يشنّونها، منذ أسابيع؛ أوصاف أطلق وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، العنان لخياله بها، عبر قوله إنّ قطر "وحش يتغوّل بالمنطقة".
وكان لافتاً أنّ اجتماع وزراء الخارجية في القاهرة، تزامن مع اتصال من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكّد فيه ضرورة حلّ الأزمة بالوسائل الدبلوماسية.
وقال بيان دول الحصار الذي تلاه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن "مطالبنا لقطر جاءت لحماية الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب"، زاعماً أنه يتعين على قطر "إيقاف كافة دعوات التحريض".
وأضاف "ندعو قطر إلى الالتزام ببيان الرياض والقمة الإسلامية التي عقدت في الرياض". وتابع إن "دعم التطرف والإرهاب ليس قضية تحتمل التسويف".
ودعت دول الحصار في بيانها "إلى الامتناع عن التدخل في شؤون الدول الداخلية"، وأنها "تؤكد على مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب لتهديدها السلم الدولي".
كما أشار البيان المشترك إلى أنّ "قطر ردّت سلباً على مطالبنا لحل الأزمة". فيما شكر البيان "أمير الكويت على مساعيه لحل الأزمة مع دولة قطر".
ولفت إلى اتفاق دول الحصار على عقد اجتماعات قادمة في المنامة، فيما أعرب عن تقدير الدول الأربع لـ"الموقف الحاسم للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن وقف دعم الإرهاب والتطرف".
من جهته، قال وزير الخارجية الإماراتي، في معرض رده على أسئلة الصحافيين إن "علينا إخلاء هذه المنطقة من التخريب والتدمير". وأضاف أنّه "لا بد من جهد جماعي دولي لإخلاء المنطقة ممن يرعون الإرهاب".
وفي إشارة واضحة إلى أنّ هذه الدول قد استنزفت ما لديها، ولن تستطيع التمادي أكثر مع فشل خطواتها، أعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أنّ الحصار سيستمر "إلى حين التزام قطر"، مضيفاً أنّ البلدان الأربعة ستتخذ "خطوات إضافية في الوقت المناسب بعد التشاور".
وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، في ردّه على احتمال تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، إنّ "قرار تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي سيصدر من المجلس وحده"، وإن اجتماعهم جاء للتشاور والتنسيق بشأن الردّ القطري، وإن "قراراتنا لن تكون متسرعة بل واضحة ومدروسة". وتابع إن "تنظيم الإخوان أضرّ بدولنا وعلى هذا الأساس نعتبره جماعة إرهابية".
من جهته، قال وزير الخارجية المصري إنه قد "فاض الكيل ولابد من الحسم في مواجهة تحدي الإرهاب ومن يرعاه".
وأكّد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن "مقاطعة قطر السياسية والاقتصادية ستستمر"، وتمنى أن تستمر تركيا على الحياد في الأزمة مع قطر. كما أضاف أن "إيران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب وخارج القانون الدولي"، فيما شدد نظيره المصري على أن دول الحصار "لا تتهم قطر بل تعتمد على وقائع"، دون أن يوضح ما هي تلك الوقائع.
ومضى وزير الخارجية السعودي في كيل الاتهامات لقطر قائلا "إنهم يحاولون الوصول إلى الملايين عبر وسيلة إعلام"، مدعيا أن "هناك دعم للإرهاب تحت غطاء حرية التعبير".
وتساءل وزير الخارجية الإماراتي، عن السبب الذي يجعل قطر "لا تسعد برسم الابتسامة على أوجه الناس"، قبل أن يضيف أنه "مع الأسف قطر اثبتت خلال العقدين الماضيين أن هوايتها رسم الحزن في وجوه الناس، وأن ترى الدم، وأن ترى الخراب".
وخثم الاجتماع بالقول: "إلى أن تقرر قطر تغيير هذا المسار، من مسار الدمار إلى مسار الإعمار، سنبقى في حالة انتصار على قطر"، على حد تعبيره.
وأثناء انعقاد اجتماع القاهرة، أجرى ترامب اتصالاً هاتفياً مع السيسي. وأكد بيان للبيت الأبيض، أن ترامب اتصل بالسيسي، ودعا كل أطراف الأزمة الخليجية إلى مفاوضات بناءة.
وتابع البيان "تحدث الرئيس، دونالد ترامب، اليوم، من على متن طائرة إير فورس وان مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمعالجة النزاع القائم بين قطر وجيرانها العرب. ودعا الرئيس ترامب جميع الأطراف إلى التفاوض على نحو بناء لحل النزاع، وأكد مجدداً على ضرورة أن تلتزم جميع الدول بالتزاماتها في قمة الرياض لوقف تمويل الإرهاب والحد من الأيديولوجية المتطرفة"، بحسب ما جاء في البيان.
وقبيل عقد اجتماع وزراء خارجية دول الحصار الأربع، كان وزير الخارجية القطري، قال إن أصل المشكلة الخليجية غير مرتبط بالإرهاب، وإنما بتكميم أفواه الصوت الآخر، مشيراً إلى أنّ الكرة الآن بملعب دول الحصار، بعدما ردّت قطر على المطالب "المؤذية".
وقال وزير الخارجية القطري، أثناء كلمته في مركز "تشاتام هاوس" في لندن، اليوم، على أنّ "القضية الأساسية للأزمة غير مرتبطة بالإرهاب، وإنما بمحاولات تكميم أفواه الصوت الآخر"، موضحاً أن "أصل المشكلة هو محاولة إظهار كل الأصوات المخالفة على أنها إرهابية"، مضيفاً أنّ "مزاعم تمويل الإرهاب استخدمت لمحاولة اجتذاب الدعم الغربي لدول الحصار".