تستضيف العاصمة الألمانية برلين، اجتماعات يمنية تجمع، للمرة الأولى منذ أغسطس/آب العام الماضي، ممثلين عن الحكومة الشرعية وأخرى عن جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الذي يترأسه المخلوع علي عبدالله صالح، بالتزامن مع تكثيف الأمم المتحدة جهودها الرامية إلى إبرام اتفاق هدنة، واستئناف مشاورات السلام بين كل من الحكومة وتحالف الحوثيين وصالح.
وأكد مصدر سياسي يمني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن اجتماعاً عُقد الإثنين في العاصمة الألمانية ضم شخصيات يمنية من مختلف الأطراف، بمن فيهم مستشار رئيس الجمهورية، والقيادي الجنوبي البارز، حيدر أبوبكر العطاس، وأمين عام حزب التجمع اليمني للإصلاح، عبدالوهاب الآنسي، ومستشار رئيس الجمهورية، رشاد العليمي، ووزير الدولة في الحكومة الشرعية، عبد الرب صالح السلامي، والأمين العام المساعد للتنظيم الناصري، رنا غانم.
كما يشارك في الاجتماعات وزير الخارجية الأسبق، والأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي، أبوبكر القربي (عن حزب صالح)، ومحافظ تعز الأسبق، حمود خالد الصوفي، فيما كان الحوثيون الطرف الأقل حضوراً من حيث مستوى التمثيل، حيث شارك كل من إبراهيم الديلمي وعلي المحطوري، وهما من طاقم قناة المسيرة الفضائية، بالإضافة إلى الناشطة لمياء شرف الدين، ابنة السياسي أحمد شرف الدين، الذي اغتيل في يناير/كانون الثاني 2014، في صنعاء، وكان عضواً عن مكون "أنصار الله" (الحوثيين)، في مؤتمر الحضور.
ووفقاً لمصادر "العربي الجديد"، فإن المشاركين جرت دعوتهم بصفة شخصية لتمثيل مكوناتهم بصورة شبه رسمية (لم تعلن المكونات أو الأطراف التي يحسبون عليها اعتمادهم كممثلين لها في مفاوضات). ويحضر الاجتماع مندوبون عن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بالإضافة إلى كون الاجتماعات تحظى برعاية ألمانية.
وتنعقد الاجتماعات بالتزامن مع وجود رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، ونائبه في رئاسة الحكومة، وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، في ألمانيا، بدعوة رسمية من برلين، حيث كان الأخيران وصلا يوم الأحد الماضي على رأس وفد حكومي إلى برلين، التي تتبنى موقفاً قوياً يطالب بإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين في البلاد.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر يمنية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن حضور بن دغر والمخلافي ليس مرتبطاً بشكل مباشر بحضور الاجتماعات السياسية التي تنظمها مؤسسة بيرغهوف الألمانية المهتمة ببرامج حل النزاعات، ألمح سفير ألمانيا لدى اليمن، أندرياس كيندل، إلى ارتباط الزيارة بالاجتماعات، حيث أعاد "تغريدة" لرئيس الوزراء اليمني، يتحدث عن وصوله إلى ألمانيا، وعلق عليها بالإعراب عن أمله في أن الاجتماعات التي تنعقد هذا الأسبوع في برلين، تسهم في تخفيف تدهور الوضع الإنساني، والوصول إلى حل سلمي في البلاد.
وتأتي اجتماعات برلين، بالتزامن مع تكثيف الأمم المتحدة جهودها لاسئتناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية، حيث يتواجد المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في السعودية، وأجرى الأيام الماضية لقاءات مع مسؤولين يمنيين وخليجيين، وسط أنباء عن تقدمه بمقاربة جديدة، تحاول تحريك المياه الراكدة، من خلال التركيز على انسحاب الحوثيين من محافظة الحديدة غربي البلاد، بما يقطع الطريق على قيام التحالف وقوات الشرعية بعملية عسكرية في المحافظة التي تضم المرفأ الأول في البلاد.
وكان ولد الشيخ وصل إلى الرياض، الأربعاء الماضي، في إطار جولة في المنطقة من المتوقع أن يسعى خلالها لعقد لقاءات مع ممثلين عن الانقلابيين، الذين يرفضون بدورهم التعاون مع المبعوث الأممي في الشهور الأخيرة، بعد أن اتهموه، في وقتٍ سابق من العام الجاري، بالانحياز للتحالف العربي والحكومة المعترف بها دولياً، وطالبوا بتغييره.
ويعتبر سياسيون أن الأزمة اليمنية باتت مهيأة لاستئناف المسار السياسي، أكثر من أي وقت مضى، على ضوء التطورات الأخيرة في البلاد، وأهمها إعلان "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن، بما يمثل ذلك من خطوة تخلط الأوراق في طريق الحكومة الشرعية والتحالف، ومن شأن تزايد التعقيدات أن يدفع الأطراف إلى استئناف جهود الحل السياسي، التي دخلت في مرحلة جمود منذ اختتام مشاورات الكويت، في أغسطس/آب العام الماضي.