جاءت حصيلة اجتماع اللجنة الرباعية حول اليمن، والمؤلفة من وزراء خارجية أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات، في الرياض، لتدعم مقترحات المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع تضمينها تفاصيل بعضها يُذكر لأول مرة. وبدا لافتاً في الاجتماع مشاركة سلطنة عُمان، كما تمت الإشارة إلى العاصمة الأردنية عمان التي يبدو أنها ستستضيف جولة المشاورات المقبلة بين الأطراف اليمنية، أو على الأقل لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار.
وأكدت مصادر مقربة من الحكومة اليمنية الشرعية، لـ"العربي الجديد" أمس الاثنين، أن الحكومة لا تزال تنتظر نسخة معدلة من المقترحات الأممية، وذلك على ضوء الاجتماع الذي انعقد في الرياض والملاحظات الحكومية المقدمة على "خارطة الطريق" بنسختها السابقة والتي رفضتها الحكومة بشكل مبدئي. في المقابل، تحفظت مصادر في جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الذي يترأسه علي عبدالله صالح، عن إبداء موقف تجاه نتائج اجتماع الرياض، مع وجود نقاط تسلسلية تشير للإجراءات المطلوبة من الطرفين.
وأكد البيان على نقاط أساسية، أولها أن مقترحات الأمم المتحدة تتضمن خطوات أمنية وسياسية متسلسلة تمثل خطوطاً عريضة يجري التفاوض بشأن تفاصيلها في المشاورات. والنقطة الثانية التي شدد عليها البيان تتمثل في أن التدابير لا تصبح نافذة المفعول، حتى توقع الأطراف اليمنية على اتفاق شامل. أما النقطة الثالثة، فتؤكد على أن نقل السلطات الرئاسية لم يتم حتى تبدأ الأطراف تنفيذ الخطوات السياسية والأمنية. وهذه النقاط تمثل مبادئ تشرح طبيعة المقترحات، لكنها لم توضح ما إذا كان من شأن التأكيد عليها سيؤدي لتعديلات في الخطة الأممية المقترحة.
إلى ذلك، كشف بيان "اللجنة الرباعية إضافة إلى سلطنة عُمان"، لأول مرة، عن ترتيب خاص بالمقترحات الأممية المقدمة في 23 أكتوبر. وتبدأ وفقاً للبيان، بالخطوات الأمنية وتلك المتعلقة بانسحاب مسلحي الحوثيين وحلفائهم من العاصمة صنعاء ومدن أخرى، ومن ثم يأتي البند الثاني الخاص الذي يتحدث عن التعيينات المطلوبة للانتقال السياسي. ومن شأن هذا الأمر أن يمثل مراعاةً، ولو محدودة، لرغبة الحكومة الشرعية.
وفي البند الثالث، تتضمن المقترحات استئناف المشاورات على أساس المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآليتها الأممية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن بما فيها القرار 2216 الذي تعتبر الحكومة الشرعية تنفيذه شرطاً للسلام. والبند الرابع يتحدث عن انسحابات جديدة (من قبل الحوثيين أساساً)، فيما يأتي الحديث عن توقيع الاتفاق بين الأطراف في البند الخامس. وبعد تحقيق كل تلك الخطوات، يتم انعقاد مؤتمر للمانحين، بحسب البيان الذي أشار، أخيراً، إلى أن حكومة الوحدة الوطنية، التي ستتألف وفقاً للخطوات السابقة، تبدأ بحوار سياسي لوضع اللمسات الأخيرة على مسودة الدستور وصولاً إلى الانتخابات.
وشمل بيان الرياض إشارة مهمة في ما يتعلق بوقف إطلاق النار، إذ دعا إلى استئناف اتفاق وقف الأعمال العدائية على أساس أحكام وشروط اتفاق "وقف الأعمال القتالية"، الذي دخل حيّز التنفيذ منتصف ليل العاشر من إبريل/نيسان الماضي، وذلك بعد أسبوعين من وصول ممثلي الأطراف المعنية بالصراع إلى العاصمة الأردنية عمان، للتخطيط والتحضير لوقف إطلاق النار.
وفُسرت الإشارة إلى عمان، بأنها قد تستضيف جولة المشاورات اليمنية المقبلة، أو على الأقل اجتماعات لجنة التنسيق والتهدئة المعنية بالإشراف على وقف إطلاق النار، والتي كان من المقرر أن تعقد اجتماعاتها في ظهران الجنوب، في السعودية. إلا أن رفض الانقلابيين حضور ممثليهم، أحبط ذلك، طوال الأشهر الماضية، فيما كانت عقدت اجتماعاتها الأولى في الكويت حتى 30 يونيو/حزيران الماضي. وبذلك، يبدو أن عدم الإشارة إلى ظهران الجنوب، من أهم ما خرج به بيان اجتماع الرياض.
يشار إلى أن اللجنة الرباعية (أميركا، بريطانيا، السعودية، الإمارات)، عقدت أول اجتماع لها بلندن، في مايو/أيار الماضي. وعقدت اجتماعاً آخر في مدينة جدة السعودية في 25 أغسطس/آب، واجتماعين آخرين في نيويورك ولندن خلال سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول. وتعد اللجنة بمثابة مقرر للمقترحات والخطط التي يطرحها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي طرح خطته في أكتوبر الماضي. وقد اعتبرها الانقلابيون أرضية قابلة للنقاش، فيما رفضتها الحكومة الشرعية واعتبرت أنها تشكل "خارطة طريق لشرعنة الانقلاب". وعقب الاجتماع الأخير للرباعية في الرياض، تعتبر الأيام المقبلة حاسمة بشأن إمكانية إحراز أي تقدم على ضوء هذه المخرجات، والمواقف المرتقب أن تعلن عنها الأطراف اليمنية المعنية.