وقال محامي رمضان إن موكله "ينفي قطعياً هذه المزاعم"، وأنه "أقام دعوى بتهمة الافتراء أمام المدعي العام في مدينة روان، يوم الإثنين"، وأن محكمة روان قررت تحويل الدعوى إلى محكمة باريس.
ولا يعد توجيه الاتهامات أو الهجوم على طارق رمضان بالأمر الجديد في فرنسا، رداً على تعبيره المستمر عن مواقفه التي لا تعجب الكثير من الجهات، ومنها اللوبي الصهيوني في فرنسا الذي لا يخفي عداءه له منذ أن نشر مقاله الشهير ضد المثقفين الفرنسيين المتصهينين في صحيفة "لوموند".
ويبدو طارق رمضان ممنوعاً من الظهور في المشهد الإعلامي الفرنسي، على الرغم من أن جديده الفكري هو كتاب اشترك فيه مع المفكر الفرنسي الكبير إدغار موران.
Twitter Post
|
وتناولت صحيفة "دايلي تلغراف" البريطانية سيرة رمضان، مشيرة إلى أن "رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير اختار رمضان، وهو حفيد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، للعمل في لجنة خاصة للمساعدة في التعامل مع التطرف في بريطانيا بعد هجمات لندن 2005"، مضيفة أن رمضان، أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أُكسفورد، عمل أيضا مع جماعة حرية الدين والمعتقد التي ترأسها عضو مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، البارونة وارسي، والتي تقدم خدمات استشارية للخارجية البريطانية.
وتشير الصحيفة إلى أن رمضان سبق أن صنف ضمن أكثر 100 شخصية تأثيراً في العالم، بحسب مجلة تايم، مضيفة أنه بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وضع اسم رمضان، السويسري الجنسية، ضمن قائمة الممنوعين من السفر إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي حرمه من منصب أكاديمي هناك. ورفع الحظر عنه في عام 2010.
Twitter Post
|
في المقابل، ولدت هند عياري (40 سنة)، من أب جزائري وأم تونسية، وهي تقدم نفسها على أنها "سلفية سابقة" أصبحت مناضلة نسائية علمانية، وهي كاتبة مغمورة ترأست جمعية "نساء متحررات" التي أرادتها أن تكون لسان حال المسلمات المتحررات من سيطرة "الإسلام السياسي"، ومحاربة ما تسميه "التطرف الإسلامي".
وكتبت عياري، عبر صفحتها على "فيسبوك"، أنها كانت "خلال عدة سنوات ضحية أمر خطير"، ولكنها لم تكشف عنه بسبب ما قالت إنها "تهديدات وجهت إليها"، قبل أن تنشر كتابا بعنوان "اخترتُ أن أكون حرة"، عن دار فلاماريون، سنة 2016، كشفت لاحقا أن الفصل المعنون بـ"الزبير" فيه يتناول ما جرى لها خلال لقائها بالمفكر رمضان في فندق باريسي سنة 2012، بعد انتهائه من إلقاء محاضرة.
وزعمت عياري أنها كانت في وضع نفسي سيئ، وأن رمضان "استغل هشاشتها"، لكنها تمردت بعد ذلك وصرخت في وجهه طالبة منه أن يتوقف، وحينها تعرضت للشتم والصفع والضرب.
Twitter Post
|
وتبرر السيدة الفرنسية انتظارها لخمس سنوات قبل الكشف عن الجريمة بأنها كانت خائفة، وتقول، حسب محاميها، جوناس حداد، إن انكشاف تهم الاعتداء الجنسي التي وُجهت إلى المنتج السينمائي الأميركي، هارفي وينستين، ساعدتها على كشف هذا الجانب المؤلم من حياتها.
وعادت هند عياري، قبل يومين، لتكتب على "فيسبوك"، أنها بعد اتهام رمضان علانية، "تتعرض لحملة منسقة، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي"، وتضيف: "لا تمر دقيقة واحدة دون أن أتلقى شتائم وتهديدات وتخويف وكلمات منحطة تخصني وتخص جسدي وماضيّ، وتتهمني بالكذب، وبأني أستغل الأمر للحصول على الشهرة لكتابي".
ولا يبدو أن هند واثقة من نتائج هذه الحرب المفتوحة، فهي تكتب في التدوينة نفسها: "أعرف أنه صراع داوود وجالوت، وليست لديّ نفس القدرات والإمكانات المالية لاختيار أفضل المحامين. كنت أعرف أني أخاطر بالكشف عن اسم المعتدي، لأنه ليس شخصاً عادياً، ولأنه يمتلك كثيراً من الداعمين المستعدين للدفاع عنه، إلى درجة تلطيخي وتهديدي وجرجرتي في الوَحل...".
وحاول "العربي الجديد" التواصل مع هند عياري، للحصول على مزيد من الاستفسارات، لكنها لم تردّ.
في حين قرر طارق رمضان التزام الصمت في انتظار أن تقول العدالة كلمتها، قائلاً: "أعرف أنه يوجد من ينتظر نقاشات، ولكني لن أتحدث. إن العدالة ستفعل ما عليها أن تفعله حتى تتضح الأمور. ولن أتحدث عن هذه المواضيع، ومن لديه أسئلة فإن العدالة ستجيبه، ومحاميّ أيضا".
ويظل الفصل في القضايا من هذا النوع صعباً لأسباب عدة، بينها أن الواقعة جرت قبل خمس سنوات، وأيضاً بسبب غياب الشهود، وخاصة حين يكون أحد المشتكين أو كلاهما من الشخصيات العامة.
وكشفت القضية فصلاً جديداً من فصول الصراع بين معسكرين، أحدهما أنصار المفكر السويسري طارق رمضان، الذين ناصروه، ولا يزالون، خاصة حين كان ممنوعاً من دخول فرنسا، ثم المعسكر المتضامن مع هند عياري، وهو معسكر غير متجانس يضم اليميني المتطرف واليميني التقليدي واليساري الاشتراكي والصهيوني، وحتى أنه يضم أصواتاً خليجية.