اتهامات لصندوق النقد الدولي بالرضوخ لـ"التسييس"

11 ديسمبر 2015
تساؤلات حول استقلالية قرارات صندوق النقد الدولي (Getty)
+ الخط -

يواجه صندوق النقد الدولي اتهامات بالرضوخ لضغوط سياسية لتفادي فشل خطته لمساعدة أوكرانيا، ما يعزز الشكوك المحيطة به بعد شبهات مماثلة وردت حول تعاطيه مع ملف اليونان أو أخيرا مع الصين.

وتصدر اتهامات "التسييس" هذه المرة عن روسيا التي تشن حملة بالغة العنف ضد صندوق النقد الدولي، وقد حذرت بأن ثقتها بالمؤسسة المالية "تقوّضت بصورة جدية".

وما أثار سخط موسكو، قرار صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء الماضي، بالتخلي عن قاعدة داخلية كانت تحظر عليه تقديم مساعدة مالية لدولة تعثرت في سداد مستحقات لدولة أخرى.

وهذا الإجراء، الذي يبدو ظاهرياً تغييراً فنياً بامتياز، سيسمح عملياً للصندوق بالإبقاء على خطة المساعدة التي منحها في آذار/ مارس لأوكرانيا، بعدما كانت مهددة برفض "كييف" تسديد ثلاثة مليارات دولار تستحق لموسكو بعد بضعة أيام.

وعبّر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، عن استيائه بالقول: "إن صندوق النقد الدولي اتخذ للمرة الأولى في تاريخه قراراً يهدف إلى دعم دولة مقترضة، بما يتعارض مع الاتفاقات القائمة، لمجرد أسباب سياسية".

اقرأ أيضاً: موسكو تتوقع قرب إفلاس أوكرانيا..وكييف تراهن على صندوق النقد

وفي مقال، نشر الخميس في صحيفة "فاينانشل تايمز"، حذر وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف، من أن هذا القرار "قد يثير تساؤلات بشأن حياد المؤسسة"، مشيراً إلى عدم وجوب تعديل أسس الصندوق "إلا بعد دراسة مطوّلة".

ورد صندوق النقد الدولي، يوم أمس الخميس، على هذه الاتهامات بصورة غير مباشرة، وكشف أحد مسؤوليه، هوغ بريدنكمب، تفاصيل القاعدة الجديدة، والتي تنص على "ضرورة هذا الإصلاح، التي كانت جلية منذ بعض الوقت".

ورأى مسؤول الصندوق أن هذا التعديل كان ضرورياً، لمنع خطط الصندوق من أن تكون "مرهونة" برفض بلد ما إعادة التفاوض حول الديون المستحقة له، مؤكدا أن صندوق النقد الدولي بحث هذه المسالة في تقرير يعود إلى أيار/ مايو 2013 "قبل حتى أن تمنح روسيا القرض لأوكرانيا".

غير أن الجدول الزمني لصدور القرار يثير التساؤلات. وقال المندوب الإيطالي السابق في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أندريا مونتانينو، لوكالة "فرانس برس"، إن "التحرك حيال هذه المسألة كان أمراً إيجابياً، لكن التوقيت ليس جيداً".

وأضاف: "كان من الخطأ القيام بذلك بتسرّع، وهذا ما يعطي انطباعاً بأنه مجرد قرار ظرفي".

اقرأ أيضاًزلزال الأسواق في 2016..توقعات بحدوث طلاق بين اليوان والدولار

فراغ قانوني

وكان الغربيون الذين يهيمنون على هيئات القرار في صندوق النقد الدولي، يسعون منذ عدة أشهر للالتفاف على الرفض الروسي لمعاودة التفاوض في هذا الدين، وقال مسؤول أوروبي كبير أخيراً لـ"فرانس برس": "سوف نجد وسيلة".

فهل رضخ الصندوق لضغوط مساهميه الرئيسيين الأوروبيين والأميركيين؟ يرى بعض الخبراء أن المسالة ليست بهذه السهولة.

وقال العضو السابق في الصندوق دومينيكو لومباردي، لـ"فرانس برس"، إن "صندوق النقد الدولي اغتنم المناسبة السانحة لملء فراغ قانوني".

وأوضح أن المؤسسة المالية جعلت من الخلاف بين روسيا وأوكرانيا "حافزاً لتعزيز التوافق بين الدول الأعضاء"، حول إصلاح ضروري في عمل الصندوق الذي يقدم مساعدات للدول التي تواجه أزمات لقاء فرض تدابير ادّخار وتقشّف.

غير أن هذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها الصندوق نفسه في قفص الاتهام.

وسبق أن أثارت المؤسسة الاستياء بتبديلها قواعد عملها عام 2010 من أجل تقديم المزيد من القروض لليونان، تحت شعار تفادي "خطر يهدد بالانتقال إلى النظام برمته" وتحت ضغط الأوروبيين.

كما قرر الصندوق أخيراً، في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، ضم "اليوان" الصيني إلى سلة عملاته الرئيسية، معترفاً به كعملة احتياط إلى جانب الدولار الأميركي والجنيه الاسترليني والين الياباني واليورو. ولقي القرار ترحيباً عاماً، ولو أن بعض الخبراء اعتبروه بادرة حيال بكين.

وقال مسؤول صندوق النقد الدولي السابق، مونتانينو، حول القرار الأخير: "كان ذلك قراراً جيداً، لكن من الواضح أنه سياسي. كان ينبغي توجيه إشارة إلى الصين التي لا تتمتع بوزن كبير في صندوق النقد الدولي". ونفى الصندوق ذلك نفياً قاطعاً مؤكداً أنه قرار "فني".

غير أن الرد على السؤال عمّا إذا كان الصندوق مؤسسة محض فنية أو أداة سياسية، يبقى مسألة في غاية الصعوبة، ولا شك أن الحقيقة غير واضحة.

بدوره، قال العضو السابق في الصندوق، لومباردي، إن "صندوق النقد الدولي مؤسسة سياسية تتخذ قراراتها على أساس فني". مضيفاً أن "الأمور ليست إما أسود أو أبيض، هناك هامش من التأويل".

اقرأ أيضاً: وزارة المالية الروسية:النفط سيبقى عند 40-60 دولاراً 7 سنوات

المساهمون