ونقلت صحيفة "الغارديان" عن مصادر في حزب المحافظين، أنه وفي حال تمكنت ماي من طمأنة "الاتحادي الديمقراطي" حول مستقبل أيرلندا الشمالية، فإنها ستقلص المعارضة في صفوف حزبها لاتفاق بريكست في البرلمان البريطاني إلى ما دون عشرين صوتاً، مقابل أكثر من مائة صوت حالياً.
ونقلت "الغارديان" عن أحد وزراء الحكومة البريطانية قوله إن " ماي تستطيع كسب أصوات أغلبية المحافظين إذا تمكنت من الحصول على شيء يقبل به الاتحادي الديمقراطي. ولا مغزى من التصويت على الاتفاق ما لم تكسب دعم الاتحادي الديمقراطي. إنها ضرورة حتمية".
ونفت المصادر ذاتها احتمال تشكيل تحالف مع نواب من حزب "العمال" لما قد يحمله ذلك من تبعات سلبية على حزب "المحافظين". وأكدت أن التركيز حالياً ينصب على استعادة ثقة الحزب الأيرلندي الداعم للتاج البريطاني، والمعارض لأي اتفاق يمكنه أن يضع أيرلندا الشمالية على طريق منفصلة عن بقية بريطانيا.
ويبدو أن مطالبة زعيم حزب "العمال"، جيرمي كوربين، بالتصويت على الثقة في أداء ماي قد ساهمت في تعديل المزاج العام في حزب "المحافظين"، إذ أبدى عدد من متمردي بريكست موقفاً تصالحياً مع رئيسة الوزراء، مدفوعين بخوفهم من وصول حكومة عمالية إلى داوننغ ستريت.
كما أن ماي كانت قد توصلت للنتيجة ذاتها، إذ سعت منذ التصويت على الثقة في رئاستها لحزب "المحافظين" إلى التصالح مع أرلين فوستر، زعيمة الحزب الأيرلندي، مقرة بأخطاء ارتكبتها في مسار المفاوضات أدت إلى شرخ في العلاقة بين الحزبين.
وتعتمد حكومة تيريزا ماي على أصوات الحزب الأيرلندي لضمان الأغلبية البرلمانية، بناء على اتفاق تم بين الطرفين بعيد الانتخابات العامة عام 2017، بحيث يدعم "الاتحادي الديمقراطي" ماي في البرلمان، مقابل ضخ لندن مليار جنيه إسترليني (أي 1.267 مليار دولار أميركي) من الاستثمارات في أيرلندا الشمالية.
ويسود اعتقاد مماثل في كل من بروكسل ودبلن، بضرورة تحديد اعتراضات "الاتحادي الديمقراطي" على اتفاق بريكست كي يتمكن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من تجاوز عقبة خطة المساندة.
ونقلت الغارديان عن مصدرها قوله "لا مغزى من منح أي تطمينات أو إعادة فتح المفاوضات إذا لم تكن هناك فرصة لكسب التصويت في البرلمان. يجب أن تذهب إلى الاتحادي الديمقراطي وتطّلع على ما يقبل به. إذا رفض الحزب الأيرلندي خطة المساندة كلياً، فسنذهب إلى بريكست من دون اتفاق، عدا ذلك يمكننا حينها التفاوض".
إلا أن تبني سيناريو عدم الاتفاق كسياسة حكومية بدلاً من اتفاق بريكست المطروح حالياً، يهدد بانقسام حزب "المحافظين". فقد أعلن وزيران سابقان من الحزب عن استعدادهما للاستقالة من الحزب الحاكم في حال تبنت ماي هذا الخيار.
وفي اليوم الذي أقرت فيه الحكومة البريطانية تصعيد تحضيراتها للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وجه النائب المحافظ نيك بولز تهديداً لرئيسة الوزراء بأنه سيتخذ "أي إجراء ضروري" لمنع بريكست من دون اتفاق، إذا أصبح سياسة الحكومة الرئيسية.
وبينما أصرت ماي على أنها تتخذ الاحتياطات اللازمة لكافة الاحتمالات، وأن اتفاق بريكست لا يزال سياستها الرسمية، قال بولز، وهو الوزير السابق في حكومة ديفيد كاميرون، على "تويتر"، يوم أمس "لقد ناقشت اليوم التحضيرات لبريكست من دون اتفاق. أؤمن أنه من الضروري للحكومة التحضير لكافة الاحتمالات. ولكني أدين لناخبي وزملائي الصراحة التامة عن موقفي".
وتابع "إذا تبنت الحكومة في أية نقطة بين الآن و29 مارس/ آذار عدم الاتفاق كسياسة رسمية، فإني سأستقيل فوراً من الحزب وسأصوت بأية طريقة ضرورية لمنع وقوعه".
وسرعان ما نال بولز دعم الوزيرة السابقة آنا سوبري، والمعروفة بمواقفها المؤيدة للاتحاد الأوروبي، حيث أشارت إلى استعداد عدد من النواب المحافظين لاتخاذ خطوات مماثلة. وردت على تغريدة بولز بقولها "أنت وأنا وغيرنا من تيار الأمة الواحدة في حزب المحافظين. يجب أن يكون البلد فوق الولاء للحزب".
وتبعتها أيضاً النائبة سارة ولاستون "لن أستطيع البقاء في عضوية حزب المحافظين إذا غيرت رئيسة الوزراء هدف السياسة إلى عدم الاتفاق. لا توجد حكومة مسؤولة تقوم بإلحاق مثل هذا الضرر بشعبها وخاصة في وضعنا شديد البعد عن الجاهزية لهذا الاحتمال".