يواصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مساعيه لدعم موقف اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، قبل لقاء الأخير بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، وهو اللقاء الذي تعوّل عليه الدول المهتمة بالوضع في ليبيا كثيراً كفرصة واقعية أخيرة لوقف إطلاق النار في معركة طرابلس، في وقت تبدو فيه مشكلة الهدنة متعلقة بالوضع الذي سيتمخّض عنها، وبقدر ما يمكن لأي طرف تثبيت نجاحاته على الأرض. ولا تميل الكفة حتى الآن إلى حفتر، على الرغم من الدعم القائم والمتطور من دول عربية عدة، على رأسها مصر والإمارات والسعودية، وكذلك روسيا وبدرجة أقل فرنسا، وهي الدول التي كانت تتصور أن هجوماً خاطفاً على طرابلس سيكون كفيلاً بالقضاء على حكومة الوفاق ورفع الغطاء عن الفصائل المسلحة والمجموعات الإسلامية التي تسعى هذه الدول إلى التخلص منها في ليبيا، لكن الجميع فوجئ بتماسك جبهة طرابلس وتفوقها على مليشيات حفتر على محاور عدة. وزاد الموقف صعوبة تعرض حفتر لهجوم جديد من تنظيم "داعش" واستهداف مدينتي سبها وغدوة وقتل ثلاثة من عناصر مليشيات حفتر، مما يعني سعي التنظيم للعودة مرة أخرى إلى الساحل على حساب حفتر.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، إن أجهزة مصرية تواصلت في الأيام الماضية بعد لقاء حفتر في روما مع رئيس الوزراء جوسيبي كونتي، بسياسيين وعسكريين ومسؤولين استخباراتيين من فرنسا وإيطاليا، لتأكيد موقف مصر المؤيد لحفتر والداعم لاستمرار الحملة على طرابلس إلى حين القضاء على الفصائل الإسلامية التي تصفها مصر وحليفاتها بـ"الإرهابية"، وأن أي مشروع لوقف لإطلاق النار من دون الأخذ في الاعتبار ضرورة تطهير طرابلس من هذه العناصر، لن تعتد به مصر ولن تدعمه.
وأضافت المصادر المصرية أن حملة حفتر حتى الآن تُعتبر كارثية لمصر وحليفاتها خصوصاً الإمارات، فهي لم تنجح في تبديل الوضع على الأرض، ولم تنجح في القضاء على الفصائل المعارضة لحفتر، وهو الفشل الذي أصبح حقيقة واقعة في نظر الأوروبيين أيضاً. فعلى الرغم من أن فرنسا كانت منذ بداية الأحداث تدعم القضاء على هذه الفصائل وكانت تحاول الفصل بين خطابها تجاهها وخطابها إزاء حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، إلا أنها تراجعت عن ذلك بمرور الوقت ولم تعد تبديه في العلن على الأقل، ما يعكس عدم قدرة حفتر على تحقيق الأهداف التي كانت تصبو لها هذه الدول، فيما أصبحت باريس تشعر بالحرج البالغ جراء تهاونها مع التدخل الحاسم لوقف سفك الدماء بهذه الصورة المجانية، ليس أمام حلفائها الأوروبيين فحسب، بل في مواجهة انتقادات المعارضة المحلية أيضاً.
وكانت تقارير غربية قد تحدثت قبل أيام عن ظهور أسلحة غير مملوكة إلا للصين والإمارات وكازاخستان تستخدمها مليشيات حفتر، وهي صواريخ جو أرض "بلو أرو" التي تطلقها فقط الطائرات المسيّرة صينية الصنع من إنتاج شركة "ونغ لونغ" والتي تعتبر العنصر الإيجابي الذي يحقق أفضلية ميدانية لمليشيات حفتر حالياً، وأن مجموعة من الخبراء والمحققين الدوليين تحقق في استخدام هذا السلاح من قبل حفتر أو قوات داعمة له تتواجد فوق الأراضي الليبية.
وتحدثت مصادر مصرية الأسبوع قبل الماضي لـ"العربي الجديد" عن أن السيسي طوّر دعمه لحفتر في الآونة الأخيرة ليشمل الإمداد المستديم بالمدرعات المتوسطة والأسلحة المدفعية والأسلحة الخفيفة والذخيرة، وتدريب وحدات جديدة انضمت لمليشيات حفتر حديثاً، وتسيير سفينة تشويش مصرية للتأثير على أجهزة المراقبة الخاصة بقوات حكومة الوفاق وإضعاف قدرتها على رصد التحركات الجوية، وتوفير الوقود والصيانة خاصة للطائرات والمدرعات.