واستخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع من أجل تفريق المتظاهرين في المحافظات السبع، بعد مطاردتهم في الشوارع الجانبية، واعتقال العشرات منهم، في الوقت الذي شهدت فيه مناطق وسط القاهرة تشديداً أمنياً غير مسبوق، شمل إغلاق جميع الطرق والمنافذ المؤدية إلى ميدان التحرير، وكذلك لمحطات مترو أنفاق الأوبرا، وأنور السادات، وجمال عبد الناصر، وأحمد عرابي.
كما فضّت قوات الأمن المصرية بالقوة ثلاث تظاهرات حاشدة انطلقت في مناطق الوراق والصف في محافظة الجيزة، وفي حلوان بالقاهرة، في إطار "جمعة الخلاص"، للمطالبة بإسقاط نظام السيسي، في أعقاب كشفه العديد من وقائع الفساد، وإهدار المال العام، داخل مؤسستي الرئاسة والجيش.
وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، وطلقات الخرطوش، بهدف تفريق المئات من المتظاهرين السلميين في جزيرة الوراق النيلية، التي يسعى نظام السيسي إلى تهجير قاطنيها قسرياً لطرحها على مستثمرين خليجيين، ما أسفر عن وقوع كثير من الإصابات بين صفوف المحتجين، فضلاً عن اعتقال نحو 10 أشخاص بحجة التظاهر من دون تصريح.
كذلك هاجمت قوات الأمن تظاهرتين في منطقتي الصف وحلوان، شارك فيهما المئات من المحتجين، الذين طاردتهم الشرطة لمدة تجاوزت الساعة، بعد هتافاتهم: "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"يسقط يسقط حكم العسكر. إحنا في دولة مش معسكر"، و"قول ماتخافشي. السيسي لازم يمشي"، و"ارحل يا بلحة"، و"ارحل يا ظالم".
وفي وقت سابق، قال علي في فيديو جديد نشره على "يوتيوب"، إن العالم يسمع أصوات المصريين الآن، وإن تصريحات السيسي "تعكس حالة خوف من الشعب".
وبالتزامن مع المظاهرات، وصل رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمد فريد، إلى المنطقة الجنوبية العسكرية لحضور إجراءات تفتيش الحرب لإحدى وحدات المنطقة.
القبض على الناشط سامح سعودي
ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الناشط السياسي سامح سعودي من منزله، اليوم الجمعة، ليصل عدد المقبوض عليهم على خلفية مظاهرات يومي الجمعة والسبت 20 و21 سبتمبر/أيلول إلى ما يقترب من ألفي شخصٍ طبقًا لبعض التقديرات.
وأصدر مكتب النائب العام، ليلة أمس الخميس، 26 سبتمبر/أيلول، بيانًا رسميًا، وهو الأول الذي يصدر عن جهات التحقيق بعد خمسة أيام من بدء التحقيقات مع مئات المهتمين.
وفي آخر تحديث للأرقام، ذكرت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" أن عدد المقبوض عليهم تجاوز 1400 مواطن، أما "المركز المصري للحقوق الاقتصادية" فقد قدر عدد الموقوفين والمعتقلين في حصره بأكثر من 1900، تتضمن تلك الأرقام المقبوض عليهم من أماكن التجمعات يومي الجمعة والسبت الماضيين بمحافظات القاهرة والإسكندرية والسويس والغربية ودمياط والقليوبية ومرسى مطروح وعدد من محافظات الصعيد، بالإضافة إلى أشخاص قُبض عليهم من منازلهم وشخصيات سياسية وأكاديمية بارزة والعشرات من الأشخاص الذين تم اقتيادهم إلى أماكن الاحتجاز بعد توقيفهم عشوائيًا في الشوارع وتفتيشهم وتفحص هواتفهم المحمولة بحثًا عن أي محتوى سياسي.
إلى ذلك، قالت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، (منظمة مجتمع مدني)، اليوم، إن على الحكومة المصرية احترام الحق في التجمع السلمي والتظاهر باعتباره أحد الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور المصري والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وليست جرائم جنائية تستوجب المنع والعقاب، كما أن على الحكومة الامتناع عن انتهاك أبسط حقوق المواطنين في الخصوصية بشكل يهدف إلى تخويفهم من المشاركة في التجمعات.
وذكرت المبادرة في بيانها، أنها تخشى من أن تكون نيابة أمن الدولة قد لجأت للمادة 40 من قانون الإرهاب، التي تمنح النيابة العامة سلطة احتجاز المتحفظ عليهم 14 يوما قبل بدء التحقيق، والتي لم تكن تُستخدم بكثافة من قبل النيابة إلا في القضايا المتعلقة بجرائم الإرهاب. وأوضحت أن بعض المقبوض عليهم منذ يوم 20 سبتمبر/أيلول لم يظهروا أمام النيابة ولم يتم التحقيق معهم حتى تواريخ 23 سبتمبر و24 منه مع إثبات القبض عليهم يوم 20 سبتمبر، وفقا لما ورد في التحقيقات التي حضرها المحامون من "المبادرة المصرية".
وتابعت "قد جرت العادة أن محضر النيابة يتم فيه إثبات تاريخ للقبض لا يزيد عن 24 ساعة عن تاريخ بدء التحقيق (حتى وإن لم يكن ذلك دقيقًا). علما أن هذا النص القانوني لا يجيز الاحتجاز لمدة 14 يوما إلا بعد عرض المتحفظ عليه على النيابة العامة، لتقرر احتجازه لوقت إضافي قبل بدء التحقيق معه، ومع ذلك فلم تفصح النيابة العامة أو النيابة المختصة عن العدد الإجمالي للمحتجزين حتى الآن".
وأكد المحامون الحاضرون من المبادرة المصرية على ارتكاب انتهاكات إجرائية عديدة مع المتهمين وعلى حرمانهم من أبسط الحقوق التي يكفلها قانون الإجراءات الجنائية. وشملت الانتهاكات حرمان المتهمين من الاتصال بذويهم، رغم أن قانون الإرهاب ذاته يقرر للمتحفظ عليه الاتصال بذويه، واحتجازهم في أماكن غير مخصصة للاحتجاز من ضمنها معسكرات الأمن المركزي، طبقا لما أدلى به المتهمون في التحقيقات، حيث لا يستطيع المتهم الاستعانة بمحام والحصول على أبسط حقوقه في التمثيل القانوني.
وفي سياق متصل، قامت قنوات إخبارية بإذاعة مكالمة شخصية مسجلة للأكاديمي حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والذي تم القبض عليه من منزله يوم الأربعاء 25 سبتمبر/أيلول، في انتهاك صارخ من نوع آخر للحق في الخصوصية أضحى ممارسة متكررة في الإعلام المصري تهدف إلى تبرير القبض على أطراف الحديث في المكالمات المسربة.
وقالت المبادرة "تتناسى السلطات المصرية أنه حتى قانون التظاهر الحالي رقم 107 لسنة 2013، وبالرغم مما به من عوار قانوني ونصوص غير دستورية بسبب عدم التزامه بالحد الأدنى من ضمانات حقوق الإنسان بما يشمل حق التجمع السلمي، إلا أن تلك النصوص لا تجيز تفريق المظاهرات بالقوة والقبض على كل من شارك أو مر بجوار المظاهرة لمجرد أنهم يعبرون عن رأي مغاير لسياسات الحكومة أو عن غضبهم تجاه شخص رئيس الجمهورية".