منذ عام 2011 ولدواعٍ سياسية واجتماعية وتاريخية، يبدو الاهتمام بالجزائر مبالغاً فيه بالحالة التونسية. ليس عاملا الجغرافيا والأمن وحدهما ما يحكم هذا الاهتمام، لكن طبيعة العلاقة بين الشعبين منذ ما قبل استقلال الجزائر والترابط الاجتماعي، ولكون تونس هي الوجهة الأولى لأكثر من 2.5 مليون سائح جزائري سنوياً، وهو البلد الوحيد الذي أبقى حدوده مفتوحة مع الجزائر في عز الأزمة الأمنية، وكانت المتنفس الوحيد للجزائريين في تلك المحنة، كلها عوامل تدفع أيضاً باتجاه هذا الاهتمام الجزائري الشعبي والسياسي بالحالة التونسية.
لم يحصل الجزائريون على الديمقراطية التي يريدونها، ولكنهم مع ذلك ينظرون إلى التجربة التونسية بكثير من التقدير بسبب نجاح التونسيين في عبور مطبات كثيرة خلال السنوات السبع الماضية، ولكون تونس مثلت الاستثناء الإيجابي البارز من جملة تجارب الربيع العربي، بعدما نجت من مطبات الفوضى والإرهاب أو الانقلابات. وقد يكون الموقف من التجربة الديمقراطية في تونس إحدى النقاط القليلة التي تجتمع عليها السلطة والمعارضة في الجزائر ويحدث توافق بشأنها. رغم ذلك، هناك مفارقة غريبة: ففيما العلاقة بين السلطة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة والإسلاميين وإخوان الجزائر فاترة ومتشنجة أحياناً، تبدو العلاقة بين السلطة الجزائرية وحركة النهضة في تونس، وبين الرئيس بوتفيلقة والشيخ راشد الغنوشي علاقة استراتيجية على مستوى رفيع، ما يزيد من حالة الاطمئنان بشأن السند الجزائري الدائم لتونس.
غير أنه، ومع هذا الاطمئنان الجزائري للتجربة التونسية، لا تغفل المؤسسة الرسمية والسياسية في الجزائر، كما المعارضة والنخب الفكرية المهتمة بالانتقال الديمقراطي أيضاً، عن مطامع إقليمية وتدخلات تحاول تخريب المنجز الديمقراطي في تونس. وبقدر ما يسود القلق التونسيين من هذه التدخلات وبعضها عربية تحاول استباق القدر التونسي وتحويله باتجاه انقلاب أو فوضى وإرهاب، بقدر ما يشعر الجزائريون بالخشية نفسها. وقد يكون للعامل الأمني دور في ذلك من باب حرص الجزائريين على أن تستقر تونس، وألا تشتعل جبهة توتر أخرى في خاصرة الجزائر المزدحمة بالتوترات في مالي والنيجر وليبيا وحرب المخدرات من الحدود مع المغرب. لكن ثمة عاملاً آخر يرتبط بشعور جزائري بأن اليد العربية التي تحاول خلط الأوراق في تونس هي نفسها التي تساهم في تعقيد الأزمة في ليبيا، وهي نفسها التي تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم في شمال مالي، ولو عبر الزعم بتمويل عمليات دولية لمكافحة الإرهاب، وهي نفسها التي قد تضع الجزائر في دائرة الاستهداف في وقت لاحق.
ما تصرفه دول عربية على إثارة القلاقل في دول عربية تحت عناوين مختلفة، هو أكبر بكثير مما يمكن أن يصرف لإعادة تنمية هذه الدول وإعمارها. واذا لم يكن ممكناً المساهمة في صناعة الاستقرار، فعلى الأقل فليترك لكل شعب ودولة أن تحدد مصيرها ومسارها، كأن تترك تونس للتونسيين مثلاً.
لم يحصل الجزائريون على الديمقراطية التي يريدونها، ولكنهم مع ذلك ينظرون إلى التجربة التونسية بكثير من التقدير بسبب نجاح التونسيين في عبور مطبات كثيرة خلال السنوات السبع الماضية، ولكون تونس مثلت الاستثناء الإيجابي البارز من جملة تجارب الربيع العربي، بعدما نجت من مطبات الفوضى والإرهاب أو الانقلابات. وقد يكون الموقف من التجربة الديمقراطية في تونس إحدى النقاط القليلة التي تجتمع عليها السلطة والمعارضة في الجزائر ويحدث توافق بشأنها. رغم ذلك، هناك مفارقة غريبة: ففيما العلاقة بين السلطة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة والإسلاميين وإخوان الجزائر فاترة ومتشنجة أحياناً، تبدو العلاقة بين السلطة الجزائرية وحركة النهضة في تونس، وبين الرئيس بوتفيلقة والشيخ راشد الغنوشي علاقة استراتيجية على مستوى رفيع، ما يزيد من حالة الاطمئنان بشأن السند الجزائري الدائم لتونس.
غير أنه، ومع هذا الاطمئنان الجزائري للتجربة التونسية، لا تغفل المؤسسة الرسمية والسياسية في الجزائر، كما المعارضة والنخب الفكرية المهتمة بالانتقال الديمقراطي أيضاً، عن مطامع إقليمية وتدخلات تحاول تخريب المنجز الديمقراطي في تونس. وبقدر ما يسود القلق التونسيين من هذه التدخلات وبعضها عربية تحاول استباق القدر التونسي وتحويله باتجاه انقلاب أو فوضى وإرهاب، بقدر ما يشعر الجزائريون بالخشية نفسها. وقد يكون للعامل الأمني دور في ذلك من باب حرص الجزائريين على أن تستقر تونس، وألا تشتعل جبهة توتر أخرى في خاصرة الجزائر المزدحمة بالتوترات في مالي والنيجر وليبيا وحرب المخدرات من الحدود مع المغرب. لكن ثمة عاملاً آخر يرتبط بشعور جزائري بأن اليد العربية التي تحاول خلط الأوراق في تونس هي نفسها التي تساهم في تعقيد الأزمة في ليبيا، وهي نفسها التي تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم في شمال مالي، ولو عبر الزعم بتمويل عمليات دولية لمكافحة الإرهاب، وهي نفسها التي قد تضع الجزائر في دائرة الاستهداف في وقت لاحق.
ما تصرفه دول عربية على إثارة القلاقل في دول عربية تحت عناوين مختلفة، هو أكبر بكثير مما يمكن أن يصرف لإعادة تنمية هذه الدول وإعمارها. واذا لم يكن ممكناً المساهمة في صناعة الاستقرار، فعلى الأقل فليترك لكل شعب ودولة أن تحدد مصيرها ومسارها، كأن تترك تونس للتونسيين مثلاً.