وأوضحت المصادر في حديث خاص أن "تعديل المادة جاء تخفيفاً للنص المقدم من أغلبية البرلمان، والذي يسمح بترشح السيسي لولايتين جديدتين بمجموع 12 عاماً عقب انتهاء ولايته الثانية في 2022، ليستمر في الحكم حتى عام 2034"، مشيرة إلى أن التعديل اعتبر المدة الثالثة للرئيس الحالي (2024-2030) بمثابة الثانية له بنظام الست سنوات، وهو ما يعني عدم احتساب مدته الرئاسية الأولى (2014-2018).
واعتبرت المصادر أن هذا الاقتراح هو الأنسب للحالة المصرية في الوقت الراهن لأسباب عدة، منها احتواء المعارضة داخل البرلمان رغم محدودية تأثيرها، والترويج لأن استمرار السيسي مرتبط بتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، وعدم توقف المشروعات "القومية" الجاري تنفيذها بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، على وقع تخصيص 300 مليار جنيه لتنفيذ المرحلة الأولى منها.
وحسب المصادر، فإن هذا الاقتراح قد يلقى قبولاً داخل مجلس النواب، وتأييداً من بعض النواب المحسوبين على المعارضة، فضلاً عن مخاطبته الدوائر الأجنبية المتابعة للأوضاع في مصر عن كثب، وخصوصاً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، منبهة إلى أن السيسي أخذ موافقة "ضمنية" على فحوى هذا التعديل خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والتي عقد فيها مباحثات موسعة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب.
ونفت المصادر بشكل قاطع أي حديث يُثار من قوى المعارضة عن إلغاء المادة الانتقالية المتعلقة بالرئيس الحالي، واستبدالها بتطبيق مقترح مد الفترة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات بأثر رجعي، بحيث تضاف إلى السيسي أربعة أعوام عن ولايته الأولى والثانية، ليستمر في الحكم حتى عام 2026، أو الاكتفاء بتطبيق هذا المد على الولاية الثانية، ليستمر عامين إضافيين فقط حتى عام 2024.
وأكدت المصادر أن الأوضاع الملتهبة في السودان والجزائر من ضمن أسباب اللجوء إلى هذا المقترح، في إطار تهدئة الأوضاع المحتقنة في الداخل، وتمرير عملية الاستفتاء على التعديلات بهدوء قبل حلول شهر رمضان المقبل، وكذا قطع الطريق على أي محاولات من قوى المعارضة المعروفة تحت اسم "الحركة المدنية الديمقراطية"، لتنظيم فعاليات تدعو للتصويت بـ"لا" في الاستفتاء الشعبي المرتقب عليها.
وكان عضو اللجنة التشريعية، النائب صلاح عبد البديع، قد اقترح "زيادة الفترة الرئاسية الواحدة إلى 6 سنوات بدلاً من 4 سنوات، على أن تسري على السيسي بأثر رجعي مباشر"، وهو الاقتراح الذي روجت له صحف حكومية وخاصة موالية للسلطة، على هامش رحلة السيسي الأخيرة إلى الولايات المتحدة، في محاولة توصيل رسائل طمأنة خارجية وداخلية، خصوصاً مع انتشار دعوات رفض تعديل الدستور على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة الشؤون التشريعية، مساء الأحد، للتصويت على المقترح النهائي للتعديلات الدستورية، بعد انتهاء لجنة الصياغة المشكلة برئاسة رئيس البرلمان، علي عبد العال، من إعداد تقريرها، إيذاناً بإحالته إلى هيئة مكتب المجلس، لإدراجه بجدول أعمال الجلسات العامة المنعقدة هذا الأسبوع، ومن ثم التصويت عليها بصفة نهائية بأغلبية الثلثين "نداءً بالاسم" في جلسة الأربعاء المقبل.
وبحلول يوم الأحد، تنتهي مدة الستين يوماً التي حددها الدستور لمناقشة تعديلات الدستور، والتي أحيلت إلى اللجنة التشريعية في 14 فبراير/ شباط الماضي، عقب موافقة 485 نائباً على مبدأ التعديل، مقابل رفض 16 نائباً فقط من مجموع 595 برلمانياً، إذ استقبلت اللجنة في الثلاثين يوماً الأولى الاقتراحات المقدمة من النواب على التعديلات، في حين خصصت الثلاثين يوماً الأخرى لعقد جلسات استماع "صورية" لكيانات وهيئات وأحزاب مؤيدة لها.