تعاني العائلات العراقية الثرية في العاصمة بغداد، من عمليات ابتزاز متواصلة تقف خلفها عصابات وشبكات مختلفة منها ذات صلة بـمليشيات مسلحة وأخرى مستقلة تعمل لصالحها، مستغلة فترة انشغال قوات الأمن بقتال تنظيم "داعش"، لتنشط وتوسع أعمالها، عدا عن وجود ضباط فاسدين لهم دور في استمرار تلك العصابات.
ووفقاً لمصادر في وزارة الداخلية العراقية، فإنّ عصابات وشبكات خطف وابتزاز الميسورين ماليا في بغداد، تحصل على مليار دينار شهريا على الأقل، أي نحو (مليون دولار) من جراء عمليات الخطف والتهديد لشرائح مختلفة ببغداد، من أبرزها التجار والأطباء وأصحاب شركات الصرافة والتحويل المالي ومتاجر الذهب والمجوهرات والأسواق التجارية الضخمة.
وأطلقت وزارة الداخلية العراقية، مطلع الأسبوع الحالي حملة أمنية واسعة في بغداد لملاحقة تلك الشبكات، بحسب وسائل إعلام عراقية حكومية قالت إن وزير الداخلية، قاسم الأعرجي، أمر بحملة لملاحقة عصابات الخطف والجريمة في بغداد، وذلك بعد زيارة قام بها لذوي طفل تعرض للخطف والاغتصاب ثم القتل شرقي العاصمة بغداد.
وقال فهد صالح الذي يمتلك واحدة من كبريات شركات السفر في بغداد، إنه اضطر لمغادرة منزله الواقع في حي "زيونة"، الراقي شرقي بغداد إلى مكان آخر، بسبب تعرضه للابتزاز أكثر من مرة.
وأضاف "اضطررت لدفع مبالغ مالية كبيرة أكثر من مرة لبعض الأشخاص الذين هددوني بشكل غير مباشر"، مبينا في حديث لـ "العربي الجديد" أن آخر عمليات الدفع تمت قبل أسابيع عن طريق أحد جيرانه.
وتابع "جاءني شخص يسكن بجواري وأبلغني أن بعض الجهات تراقبني، وتعلم بمقدار ثروتي، وقال إنه سيكون وسيطا معهم لتجنب خطفي، أو إيذاء أسرتي في حال قبلت بدفع مبلغ من المال"، مؤكدا أنه قام بالفعل بدفع مبلغ 20 ألف دولار أميركي، قبل أن ينتقل للسكن في حي المنصور الواقع في الجانب الغربي من بغداد.
أما هبة عصام وهي مهندسة تسكن حي الحارثية وسط بغداد، فتؤكد أن والدها كان من كبار ضباط النظام العراقي قبل 2003، مبينة لـ "العربي الجديد" أن هذا الأمر انقلب وبالا عليها وعلى أسرتها.
وتابعت "الجميع هنا يعلم أننا أسرة ثرية من أصحاب الأملاك والأراضي، إلا أن ذلك لم يشفع لنا"، موضحة أن إحدى المليشيات المتنفذة في المنطقة ضغطت علينا قبل خمسة أشهر، وطلبت منا مغادرة منزلنا الذي تبلغ مساحته 800 متر مربع، بذريعة أن والدي حصل عليه كونه كان ضابطا في جيش صدام حسين.
وأضافت "بعد ممارسة أنواع التهديد اضطررنا لمغادرة المنزل، والسكن في مكان آخر ببغداد"، مبينة أن عددا من أسر المليشيات اقتحمت المنزل، وسكنت فيه عنوة، إلا أننا لم نتمكن من إخراجهم بالقانون، بسبب خشية القضاة من إصدار حكم ضدهم.
من جهته، أكد عضو نقابة أطباء العراق، عمر حكمت، تعرض عدد من الأطباء لعمليات ابتزاز وسرقة أثناء تواجدهم في عياداتهم خلال الليل، موضحا لـ "العربي الجديد" أن النقابة تلقت عددا من البلاغات بهذا الشأن، وأنّ بعض العصابات تترصد المشاهير من الأطباء، وتقوم بتهديدهم أو اقتحام عياداتهم لسرقة ما بحوزتهم من أموال، مشيرا إلى أن هذا الأمر أربك الوضع الأمني في بغداد، ودفع عددا غير قليل من الأطباء إلى مغادرة بغداد صوب محافظات إقليم كردستان الأكثر أمنا للعمل هناك.
وقالت قيادة الشرطة الاتحادية في بغداد، اليوم الخميس، إنها قبضت على أحد الأشخاص الذي يقوم بعمليات ابتزاز للأطباء، مؤكدة في بيان أنّ القوات العراقية ألقت القبض على الشخص المذكور بالجرم المشهود، وهو يقوم بعملية ابتزاز لأحد الأطباء المعروفين في حي السيدية جنوب غرب بغداد.