ووفقا للموقع، فإن باراك، الذي كان محبطا من سيل قذائف كتائب القسام، التي كانت تطلقها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة، أصدر لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بصفته وزير أمن، أمرا عسكريا للرد على القذائف الفلسطينية بقصف مدفعي لمصادر النيران، مع علمه بأن القذائف التي طلب استخدامها غير دقيقة على الإطلاق، ويمكن أن توقع قتلى في صفوف المدنيين، كما أن استخدامها للرد على قذائف أطلقت من القطاع، ثم ابتعاد مطلقها من الموقع، لا يسمحان وفق القانون الدولي بالرد عليها بنيران مدفيعية ثقيلة غير دقيقة.
وبحسب "معاريف"، فقد جاء في الأمر العسكري الذي صاغه إيهود باراك: "كل موقع ترصدون انطلاق قذائف القسام منه، لا يهمني متى، لا يهمني كيف، ولكن يجب على الجيش فورا، وبشكل تلقائي، أن يرد بنيران مدفعية 155 ملم على مصدر النيران".
وأضاف المصدر ذاته: "فسر باراك أمره هذا بأن هذه الفكرة ستقضي على خطر قذائف القسام، وستخلق حالة ردع مقابل حماس في قطاع غزة، لكن هيئة أركان الجيش خشيت من العواقب القانونية، وأعربت عن معارضة لأسباب قيمية، ذلك أن نيران المدفعية 155 تطلق قذيفة ثقيلة تنتشر شظاياها على مساحة تغطي عشرات الأمتار، ومن شأنها أن تخطئ الهدف المطلوب بعشرات الأمتار".
وقالت "معاريف" إن المسألة رفعت للمدعي العسكري الرئيسي للجيش آنذاك مندلبليت، الذي أعلن أن الأمر غير قانوني، واشترط أن يتم قبل إطلاق هذه القذائف التأكد من بقاء مطلقي القسام ومدفع الإطلاق في الموقع كي يكون ممكنا إطلاق النار، ولكن في حال ابتعاد أفراد الخلية ومنصة الإطلاق يصبح غير شرعي تنفيذ الأمر الذي طلبه باراك، وإن مجرد إطلاق النار من موقع حدد لا يجعل استهداف الموقع أمرا شرعيا.
وبحسب الصحيفة، فإن مندلبليت شرح موقفه بالقول إنه "ينبغي أيضا أن يكون هناك تناسب في حجم الضربة، إذ لا يعقل قتل 100 مدني في مستشفى فقط من أجل إبادة منصة إطلاق قذيفة قسام، وحتى في حال التناسب بين القسام والرد يجب استخدام سلاح دقيق الإصابة، واستهداف موقع محدد، وليس عبر استخدام سلاح تتطاير شظاياه لمسافة كبيرة وهناك شك أصلا في أن يصيب الهدف".
ووفقا للصحيفة الإسرائيلية، فإن رد مندلبليت أثار غضب باراك، الذي حاول الاستخفاف بمندلبليت، واستدعاه لجلسة استماع وتوبيخ، لكن رئيس أركان الجيش آنذاك، الجنرال بني غانتس، الذي كان حاضرا، أيد موقف مندلبليت، وأوضح لباراك أنه لا يملك صلاحيات إصدار أوامر ميدانية له.
وحاول باراك لاحقا الاستعانة بمجموعة من رجال القانون لتبرير أمره العسكري القانوني، لكن الأخيرين، بعدما استمعوا للتفاصيل من مندلبليت، أيدوا القرار.
ووفقا لـ"معاريف"، فإن هذه المسألة هي التي تفسر مواقف إيهود باراك في الفترة الأخيرة، وهجومه الشخصي المستمر ضد المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، واتهامه بأنه لا يقوم بعمله في مواجهة بنيامين نتنياهو، ولا يملك الجرأة على إصدار القرارات الواجبة في ملفات الفساد المعلقة ضده.