إيران تهدد بردّ "حازم" بعد تفعيل أوروبا آلية "فضّ النزاع" بالنووي

14 يناير 2020
موسوي: القرار الأوروبي "تصرف منفعل" (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -
في أول تعليق على قرار الدول الأوروبية الثلاث؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا، تفعيل آلية فض النزاع في الاتفاق النووي، التي من شأنها إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن وفرض عقوبات على طهران مجدداً، ووضعها تحت الفصل السابع للأمم المتحدة، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي القرار بأنّه "تصرف منفعل نابع من موقع الضعف"، محذراً من أنّ بلاده سترد "بحزم وجدية على عدم وفاء الدول الأوروبية الثلاث بالتزاماتها وأي سوء نية وإجراءات غير بناءة".

ووفقاً لما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، قال موسوي إنّ طهران قد بدأت منذ أكثر من عام بتفعيل آلية حل الخلافات بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، وأبلغت منسق اللجنة المشتركة بذلك، مشيراً إلى أنه على ضوء ذلك لا يمثل الإجراء الأوروبي "شيئاً جديداً".
وقدّم المتحدث الإيراني سردية عن تطورات الاتفاق النووي، منذ انسحاب واشنطن منه في الثامن من مايو/ أيار 2018، قائلاً إنه بعد هذا الانسحاب "دخل الاتفاق النووي وضعية عدم توازن وغير مستقرة"، وأضاف أن بلاده بعد ذلك قامت بتفعيل آلية فض النزاع لإعادة التوازن للاتفاق، وأحالت الموضوع للجنة المشتركة التي ناقشت الأمر في اجتماعات متعددة على مستوى المديرين السياسيين أو وزراء خارجية الدول الأعضاء"، بحسب قوله.

وتابع أنه بعد قيام طهران بذلك "لم تقم الأطراف الأوروبية باتخاذ خطوة ملموسة وجادة لتنفيذ تعهداتها"، لافتاً إلى أنّ هذا الموقف الأوروبي دفع بلاده إلى تقليص تعهداتها على مراحل وفقاً للبندين 26 و36.

وأكد أنه بعد خطوات اتخذتها إيران لتفعيل الآلية، فإنّ ما أعلنته الدول الثلاث "لا يؤسس لوضع جديد"، إلا أنه في الوقت ذاته، حذّر هذه الدول من مغبة "استغلال مسار حل الخلافات ومواصلة الرضوخ أمام أميركا بدلاً من تطبيق تعهداتها"، في إشارة غير مباشرة إلى احتمال إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن بما يعيد فرض عقوبات وقرارات أممية ضد طهران.
وفي السياق، قال موسوي "إذا استغلت هذه الدول هذا المسار فعليها تحمل تبعات ذلك"، موضحاً "أبلغناهم مسبقاً بهذه التبعات".
وأعلن في الوقت عينه استعداد إيران "الكامل للتعامل مع أي حسن نية وجهد بناء للحفاظ على هذا الاتفاق المهم"، إلا أنّه شدد على أن السلطات الإيرانية سترد على "أي سوء نية وتصرفات غير بناءة بجدية وحزم وبشكل مناسب".

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في لقاء مع وزير الدولة للشؤون الخارجية بالحكومة الألمانية نيسلن آنن في العاصمة الهندية نيودلهي، إن تفعيل الدول الأوروبية الثلاث آلية فض النزاع "لا أساس له من الناحية القانونية ويعتبر خطأ استراتيجيا من الناحية السياسية".
إلى ذلك، قال الوزير الألماني إن "موقفنا هو الدفاع عن الاتفاق النووي وحمايته"، معتبرا أن "روح بيان الترويكا الأوروبية لا يعني أنها تحاول تدمير هذا الاتفاق".


يشار إلى أنّ إيران نفذت، في السادس من الشهر الجاري، المرحلة الخامسة والنهائية لتقليص تعهداتها النووية، التي طاولت رفع القيود عن الالتزام بالقيد الوارد في الاتفاق النووي حول عدد أجهزة الطرد المركزي الـ5060، المسموح باستخدامها وفق الاتفاق. 

وكانت طهران تستخدم قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 نحو 19 ألف جهاز للطرد المركزي.
وبعد إنهاء هذا القيد، تكون طهران قد كسرت كافة القيود التي فرضت على برنامجها النووي "في المجال العملياتي"، أي في مجالات كمية تخصيب اليورانيوم ومستوى التخصيب وإنتاج اليورانيوم المخصب والتطوير والبحث النووي، حسبما أورده بيان للحكومة الإيرانية، في الخامس من الشهر الجاري.
والمراحل الأربع السابقة من تقليص تعهداتها النووية أيضاً طاولت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.76% وإنتاج المياه الثقيلة ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 4.5%، أي أكثر من 3.67%، المنصوص عليها في الاتفاق النووي، ورفع جميع القيود الزمنية الواردة في الاتفاق بشأن إجراء البحث والتطوير حول أجهزة الطرد المركزي، وتشغيل أجهزة متطورة جديدة وتفعيل منشأة "فوردو" النووية.
ولا شكّ في أنّ تفعيل أوروبا آلية "فضّ النزاع" على النحو الذي يعيد العقوبات الأممية والأوروبية على إيران سيكون بمثابة سحب الأوكسجين من جسم الاتفاق النووي المريض الراقد في العناية المركزة منذ 19 شهراً، إذ إنّ إيران ستعلن من جهتها أيضاً الانسحاب تماماً من الاتفاق، كما تتوعّد.


لكن لا يبدو أنّ ردّ إيران على الخطوة الأوروبية سيقتصر على الانسحاب من الاتفاق النووي من جهتها، إذ إنها سبق أن أكدت أنّ تفعيل الآلية وعودة العقوبات الأممية وإدراج اسمها مجدداً تحت الفصل السابع، بمثابة تجاوز لخطوطها الحمراء، مهددةً بأنه في حال تخطي هذه الخطوط، ستقوم بدورها بتعديل عقيدتها النووية، وذلك وفق تصريحات لنائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الشهر الماضي، وبعد يومين من تدشين بلاده المرحلة الرابعة من تقليص تعهداتها.

ولم يوضح عراقجي طبيعة التعديلات التي ستجريها بلاده في عقيدتها النووية في حال نفذت أوروبا آلية فضّ النزاع، إلا أنّه في ضوء التهديدات الإيرانية خلال الأشهر الأخيرة، ستطاول على الأغلب إنهاء كافة أشكال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما يخرج البرنامج النووي الإيراني من رقابته المشددة، وكذلك الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي، والقيام بخطوات نووية تصعيدية، مثل رفع تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية، وإعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي من الجيل المتقدم وزيادة أعدادها.