تُدرك إيران أن هجرة الأدمغة وعدم عودتها يؤثّران على مستقبل البلاد. ويبدو أنّها تسعى لإيجاد حلول وجذب المهاجرين إلى بلادهم مجدداً، إلا أن الأمر لن يكون بهذه السهولة في ظل كثرة العراقيل
حسين أخلاقي شاب إيراني يبلغ من العمر 22 عاماً، يحمل شهادة جامعية ويعمل في شركة خاصة لوالده، يفكر اليوم في ترك إيران. بل بدأ يتخذ خطوات عملية ليهاجر إلى خارج البلاد بهدف استكمال دراساته العليا. هو متفوّق وحاصل على معدّل عال في الجامعة، إلا أنه ليس متفائلا بإمكانية الحصول على فرصته سواء في المجال الأكاديمي أو المهني. يقول لـ "العربي الجديد" إن الظروف الاقتصادية التي تتدهور يوماً بعد يوم، سواء من جراء العقوبات أو لأسباب داخلية، تؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية إضافة إلى غلاء الأسعار، ما ينعكس على حياته وحياة الآخرين. ولأنّه لا يشعر بالاستقرار، يبحث عن الأمان الاجتماعي والاقتصادي ورفع مستواه الأكاديمي، ويسعى للحصول على فرصة عمل تتناسب مع طموحاته وكفاءاته.
تُدرك السلطات الإيرانية أنها تخسر ثروة وطنية. البلاد تعاني منذ سنوات من هجرة النخب. ومنذ بعض الوقت، لوحظ زيادة الاهتمام على الصعيد الرسمي بضرورة جذب النخب إلى الوطن، وإتاحة المجال أمامها للعودة بما يساعد على حلحلة مشاكل كثيرة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.
العوامل الاقتصاديّة ليست السبب الأهم لهجرة العقول والكفاءات وعدم عودتها لاحقاً، بل إنّ قرارات اتخذتها السلطات نفسها تقلق المهاجرين من النخبة، من قبيل التصويت على قانون منع توظيف مزدوجي الجنسية وتعيينهم في مناصب حكومية بارزة، أو حتى الاعتقالات التي طاولت إيرانيين يحملون جنسيات أجنبية أخرى واتهامهم بملفات أمنية.
يقول نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إنّ الحكومة ترحب بالإيرانيين المهاجرين في كل بقاع الأرض، وتريد الاستفادة من خبراتهم العلمية، في إشارة منه لإدراك الحكومة تبعات ما يحصل. أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، فيطالب بكل وضوح وصراحة بالحد من زيادة توتر الأجواء الداخلية التي تحولت إلى عامل مقلق لإيرانيي الخارج. ويقول: "الحصول على إقامة في الخارج أو جنسية أجنبية ليس جريمة"، موضحاً أنه يوجد ثمانية ملايين إيراني في دول أخرى، قلة منهم لديهم مشاكل مع النظام أو من المحسوبين على المعارضة. لذلك، يجب عدم التعامل مع الكل بطريقة واحدة.
يضيف فلاحت بيشه أن عدداً من التقارير يؤكد أن بعض الإيرانيين في الخارج وكلّوا محامين لمراقبة أملاكهم وأموالهم في الداخل خوفاَ من مصادرتها، ظناً منهم أن السلطات ستحاسبهم كما حاسبت آخرين.
وكان لمساعد الرئيس الإيراني ورئيس هيئة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي تصريح في هذا الصدد. يقول إن "الحذر المبالغ فيه والمتعلق بتوظيف النخب القادمة من الخارج مدمّر"، معتبراً أنه يجب جذب هذه الشريحة لتعود إلى البلاد مجدداً والاستفادة من خبراتها وكفاءاتها.
لكن عملياً، ليس الأمر بهذه السهولة، طالما أنّ العوامل الداخلية التي تسبّب قلقاً للنخب المهاجرة متعدّدة ومتشابكة. ويشير الباحث الاجتماعي أمان قرايي إلى إن تطبيق هذا الهدف إيجابي بلا شك، لكن يجب أوّلاً حلّ بعض المشاكل التي لا تشجع على عودة أصحاب الكفاءات. يضيف لـ "العربي الجديد" أن فرص العمل ومشكلة البطالة وآليات التوظيف التي تظلم في أحيان كثيرة أصحاب الشهادات العليا ولا تراعي المستوى الأكاديمي، إضافة إلى مشاكل تتعلّق بالحريات، كلها أمور تؤدي إلى هجرة النخب أولاً، وعدم عودتها ثانياً، وفشل عملية إقناعها بالعودة ثالثاً.
يتابع أن هناك ثلاثة ملايين و22 ألف عاطل من العمل في إيران وفقاً لإحصاءات رسمية. كثيرون يحملون شهادات جامعية، مشيراً إلى أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تؤدي إلى معضلات ثانية من قبيل العزوف عن الزواج أو عدم الشعور بالأمان والاستقرار. لذلك، تقرّر النخب المغادرة وعدم العودة. وعن الخطوات العملية التي يجب اتباعها لتحقيق هدف إعادة النخب، يرى قرايي أن المجتمع في إيران يحتاج إلى الطمأنينة، ما قد يدفع النخب للعودة إلى أوطانها. يضيف أن الاعتقالات التي طاولت البعض تزيد الخوف.
وكان مستشار الشؤون العلميّة والتقنية في الرئاسة الإيرانية سورنا ستاري، قد أعلن أنّ هجرة الطلّاب الجامعيّين لإكمال دراساتهم العليا في الخارج أمر طبيعي ورائج في كل الدول وغير مقلق، إلا أن خلق الظروف الملائمة لعودة هؤلاء ضرورة قصوى، واصفاً الأكاديمين بالثروة التي تجب استعادتها، وهو ما يساعد في حل الكثير من مشاكل البلاد.
في وقت سابق، نشرت صحيفة "جمهوري إسلامي" أنّ نحو 180 ألف إيراني من النخب وحملة الشهادات العليا يهاجرون خارج البلاد سنوياً. وفي العام الماضي، نشرت صحيفة "خراسان" تقريراً أشارت فيه إلى أن الهجرة باتت تشمل المتفوقين في المدارس، وذكرت أنّ 62 في المائة من تلاميذ المدارس الحاصلين على ميداليات وجوائز في المسابقات العلمية الوطنية والدولية تركوا إيران، ومعظمهم ذهبوا إلى أميركا وكندا.
وأشار رئيس نقابة العلوم الرياضية محمد علي دهقان إلى أن معظم الطلاب الذين يهاجرون للحصول على شهادات عليا هم من جامعتي طهران وشريف، أبرز جامعتين في البلاد، قائلاً إن 60 في المائة من حملة الجوائز غادروا إيران خلال السنوات الأربع والعشرين الماضية، و40 في المائة عادوا إليها لاحقاً. هذه النسبة، وإن كانت جيدة نوعاً ما، إلا أنها غير كافية، لا سيما أن البلاد تعاني مشاكل اجتماعية واقتصادية، وتتطلب وجود خبرات ومتخصصين وكفاءات عالية تساهم في حلها، وبالتالي التخفيف من الهجرة، أو أقله التشجيع على العودة إلى البلاد بعد فترة.
حسين أخلاقي شاب إيراني يبلغ من العمر 22 عاماً، يحمل شهادة جامعية ويعمل في شركة خاصة لوالده، يفكر اليوم في ترك إيران. بل بدأ يتخذ خطوات عملية ليهاجر إلى خارج البلاد بهدف استكمال دراساته العليا. هو متفوّق وحاصل على معدّل عال في الجامعة، إلا أنه ليس متفائلا بإمكانية الحصول على فرصته سواء في المجال الأكاديمي أو المهني. يقول لـ "العربي الجديد" إن الظروف الاقتصادية التي تتدهور يوماً بعد يوم، سواء من جراء العقوبات أو لأسباب داخلية، تؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية إضافة إلى غلاء الأسعار، ما ينعكس على حياته وحياة الآخرين. ولأنّه لا يشعر بالاستقرار، يبحث عن الأمان الاجتماعي والاقتصادي ورفع مستواه الأكاديمي، ويسعى للحصول على فرصة عمل تتناسب مع طموحاته وكفاءاته.
تُدرك السلطات الإيرانية أنها تخسر ثروة وطنية. البلاد تعاني منذ سنوات من هجرة النخب. ومنذ بعض الوقت، لوحظ زيادة الاهتمام على الصعيد الرسمي بضرورة جذب النخب إلى الوطن، وإتاحة المجال أمامها للعودة بما يساعد على حلحلة مشاكل كثيرة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.
العوامل الاقتصاديّة ليست السبب الأهم لهجرة العقول والكفاءات وعدم عودتها لاحقاً، بل إنّ قرارات اتخذتها السلطات نفسها تقلق المهاجرين من النخبة، من قبيل التصويت على قانون منع توظيف مزدوجي الجنسية وتعيينهم في مناصب حكومية بارزة، أو حتى الاعتقالات التي طاولت إيرانيين يحملون جنسيات أجنبية أخرى واتهامهم بملفات أمنية.
يقول نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إنّ الحكومة ترحب بالإيرانيين المهاجرين في كل بقاع الأرض، وتريد الاستفادة من خبراتهم العلمية، في إشارة منه لإدراك الحكومة تبعات ما يحصل. أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، فيطالب بكل وضوح وصراحة بالحد من زيادة توتر الأجواء الداخلية التي تحولت إلى عامل مقلق لإيرانيي الخارج. ويقول: "الحصول على إقامة في الخارج أو جنسية أجنبية ليس جريمة"، موضحاً أنه يوجد ثمانية ملايين إيراني في دول أخرى، قلة منهم لديهم مشاكل مع النظام أو من المحسوبين على المعارضة. لذلك، يجب عدم التعامل مع الكل بطريقة واحدة.
يضيف فلاحت بيشه أن عدداً من التقارير يؤكد أن بعض الإيرانيين في الخارج وكلّوا محامين لمراقبة أملاكهم وأموالهم في الداخل خوفاَ من مصادرتها، ظناً منهم أن السلطات ستحاسبهم كما حاسبت آخرين.
وكان لمساعد الرئيس الإيراني ورئيس هيئة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي تصريح في هذا الصدد. يقول إن "الحذر المبالغ فيه والمتعلق بتوظيف النخب القادمة من الخارج مدمّر"، معتبراً أنه يجب جذب هذه الشريحة لتعود إلى البلاد مجدداً والاستفادة من خبراتها وكفاءاتها.
لكن عملياً، ليس الأمر بهذه السهولة، طالما أنّ العوامل الداخلية التي تسبّب قلقاً للنخب المهاجرة متعدّدة ومتشابكة. ويشير الباحث الاجتماعي أمان قرايي إلى إن تطبيق هذا الهدف إيجابي بلا شك، لكن يجب أوّلاً حلّ بعض المشاكل التي لا تشجع على عودة أصحاب الكفاءات. يضيف لـ "العربي الجديد" أن فرص العمل ومشكلة البطالة وآليات التوظيف التي تظلم في أحيان كثيرة أصحاب الشهادات العليا ولا تراعي المستوى الأكاديمي، إضافة إلى مشاكل تتعلّق بالحريات، كلها أمور تؤدي إلى هجرة النخب أولاً، وعدم عودتها ثانياً، وفشل عملية إقناعها بالعودة ثالثاً.
يتابع أن هناك ثلاثة ملايين و22 ألف عاطل من العمل في إيران وفقاً لإحصاءات رسمية. كثيرون يحملون شهادات جامعية، مشيراً إلى أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تؤدي إلى معضلات ثانية من قبيل العزوف عن الزواج أو عدم الشعور بالأمان والاستقرار. لذلك، تقرّر النخب المغادرة وعدم العودة. وعن الخطوات العملية التي يجب اتباعها لتحقيق هدف إعادة النخب، يرى قرايي أن المجتمع في إيران يحتاج إلى الطمأنينة، ما قد يدفع النخب للعودة إلى أوطانها. يضيف أن الاعتقالات التي طاولت البعض تزيد الخوف.
وكان مستشار الشؤون العلميّة والتقنية في الرئاسة الإيرانية سورنا ستاري، قد أعلن أنّ هجرة الطلّاب الجامعيّين لإكمال دراساتهم العليا في الخارج أمر طبيعي ورائج في كل الدول وغير مقلق، إلا أن خلق الظروف الملائمة لعودة هؤلاء ضرورة قصوى، واصفاً الأكاديمين بالثروة التي تجب استعادتها، وهو ما يساعد في حل الكثير من مشاكل البلاد.
في وقت سابق، نشرت صحيفة "جمهوري إسلامي" أنّ نحو 180 ألف إيراني من النخب وحملة الشهادات العليا يهاجرون خارج البلاد سنوياً. وفي العام الماضي، نشرت صحيفة "خراسان" تقريراً أشارت فيه إلى أن الهجرة باتت تشمل المتفوقين في المدارس، وذكرت أنّ 62 في المائة من تلاميذ المدارس الحاصلين على ميداليات وجوائز في المسابقات العلمية الوطنية والدولية تركوا إيران، ومعظمهم ذهبوا إلى أميركا وكندا.
وأشار رئيس نقابة العلوم الرياضية محمد علي دهقان إلى أن معظم الطلاب الذين يهاجرون للحصول على شهادات عليا هم من جامعتي طهران وشريف، أبرز جامعتين في البلاد، قائلاً إن 60 في المائة من حملة الجوائز غادروا إيران خلال السنوات الأربع والعشرين الماضية، و40 في المائة عادوا إليها لاحقاً. هذه النسبة، وإن كانت جيدة نوعاً ما، إلا أنها غير كافية، لا سيما أن البلاد تعاني مشاكل اجتماعية واقتصادية، وتتطلب وجود خبرات ومتخصصين وكفاءات عالية تساهم في حلها، وبالتالي التخفيف من الهجرة، أو أقله التشجيع على العودة إلى البلاد بعد فترة.