أعلنت الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية، صباح اليوم السبت، أنها بدأت أمس الجمعة تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص الالتزام بالاتفاق النووي، ومنحت مهلة ثالثة لشهرين للأطراف الأوروبية قبل الشروع في تنفيذ المرحلة الرابعة من تقليص التعهدات.
وقال المتحدث باسم الوكالة، بهروز كمالوندي، في مؤتمر صحافي في طهران، إن بدء هذه المرحلة جاء لعدم التزام باقي أطراف الاتفاق النووي بتعهداتها، مؤكداً أن إيران تتوجه نحو إنتاج مليون وحدة طرد مركزي.
وأضاف المسؤول الإيراني أن طهران "تتعامل بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، لافتاً إلى أن بلاده "لا تريد حالياً أن يطاول خفض التعهدات موضوع الرقابة الأممية على برنامجنا النووي".
وعزا كمالوندي سبب هذه التقليصات إلى "مشاكل واجهتها إيران، كان معظمها بسبب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي"، قائلاً إن "الأطراف الأخرى لم تفِ بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي".
كذلك اعتبر أن هدف بلاده هو "إيجاد التوازن بين التعهدات والواجبات تجاه الاتفاق النووي"، مؤكداً أنه في حال نفذت الأطراف الأوروبية "تعهداتها فنحن أيضاً سنعود إلى تعهداتنا"، لكنه أشار إلى أنه "لم يبق الكثير من الوقت أمام الأطراف الأوروبية".
ودعا أوروبا إلى "أن تستعجل في حال أرادت أن تقوم بخطوة، لأن العودة إلى مرحلة ما قبل تقليص التعهدات تأخذ وقتاً".
وحول طبيعة خطوات المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات النووية، قال إنه "بناء على تعليمات الرئيس الإيراني، يتوجّب على هيئة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ أنشطة بحثية وعلمية وتسرع وتيرتها وفقاً للاحتياجات التقنية من دون مراعاة القيود المفروضة على ذلك في الاتفاق النووي".
وفي السياق، أوضح أن بلاده تتخذ أربع خطوات في إطار المرحلة الثالثة، قائلاً إن "الخطوة الأولى تشمل مجال تطوير أجهزة الطرد المركزي واليوم قد أبلغنا الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك".
وقال إن الخطوة الثانية "هي ضخ الغاز إلى أجهزة IR6s (الطرد المركزي)"، مشيراً إلى أن بلاده رفعت القيود الزمنية في هذا الخصوص، وقائلاً "كان من المقرر أن نبدأ ذلك في العام الحادي عشر بعد التوقيع على الاتفاق النووي، لكننا بدأنا بذلك اليوم".
والخطوة الثالثة، بحسب قوله، هي "تشغيل الجيل الرابع لأجهزة الطرد المركزي على شكل سلسلة العشرينية قبل انتهاء موعد القيود المفروضة في هذا الجانب بعد 11 عاماً من التوقيع على الاتفاق النووي".
وأضاف أن الخطوة الرابعة "هي ضخ الغاز إلى سلسلة العشرينية من أجهزة الطرد المركزي من طراز IR6"، لافتاً إلى أن القيد الزمني على ذلك كان "سينتهي بعد شهرين، لكننا من اليوم أنهينا هذه القيود".
وتابع أن إنتاج "سلسلة الثلاثينية (أي سلسلة مكونة من 30 جهازاً من هذا الجيل) في برنامجنا سيجرى لاحقاً".
وأوضح كمالوندي أنه بالخفض الجديد للتعهدات، تكون إيران قد أنهت 5 من أصل 8 قيود يفرضها الاتفاق النووي المبرم عام 2015 على برنامجها النووي، قائلاً إن هذه القيود الثمانية هي حول "مفاعل آراك للماء الثقيل ومصنع إنتاج الماء الثقيل، وإعادة تدوير الوقود المستخدم ورفع احتياطيات اليورانيوم المخصب ونسبة التخصيب، والبحوث النووية، ومنشأة فردو والاحتياطيات النووية ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية" على الأنشطة النووية الإيرانية.
وأشار إلى أن بلاده لا تريد في الوقت الحاضر أن تمس خطواتها "موضوع رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والشفافية في هذا المجال".
واعتبر أن الخطوات التي تتخذها إيران لخفض تعهداتها النووية "لا تنتهك قوانين الوكالة"، قائلاً "لأننا لا نريد انتهاك هذه القوانين فلن ننسحب من البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية".
ويستشف من تصريحات كمالوندي أن المرحلة الرابعة لتقليص التعهدات النووية بعد الشهرين، في حال لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع الأطراف الأوروبية، على الأغلب ستشمل تفعيل منشأة فردو لتخصيب اليورانيوم ومفاعل آراك للماء الثقيل.
كذلك أشار إلى أنه "لم تعد هناك قيود على تخصيب اليورانيوم" لكنه أكد أن إيران "لا تريد رفع نسبة التخصيب إلى أكثر من 20% لعدم الحاجة إلى ذلك".
وفيما أعلن المتحدث الإيراني أن بلاده بدأت ضخ الغاز إلى الجيل السادس من أجهزة الطرد المركزي على شكل سلسلة مكونة من عشرين جهازاً منذ أمس الجمعة، أشار كذلك إلى أن زيادة أعداد هذه السلسلة إلى 30 عدداً هي ضمن برنامج إيران خلال المرحلة المقبلة.
ويحظر الاتفاق النووي اختبار إيران للجيل السادس لأجهزة الطرد المركزي على شكل سلسلة مكونة من 30 عدداً قبل عام 2030.
كما أشار كمالوندي إلى أن إيران ليست بصدد تغيير عدد أجهزة الطرد المركزي، المسموح باستخدامه وفقاً للاتفاق النووي، وهو 5060 جهازاً في منشأة "نطنز" و1044 جهازاً في منشأة "فردو"، بينما كان العدد المستخدم قبل التوقيع على الاتفاق النووي قرابة 19 ألفاً.
زيارة مرتقبة لمدير الوكالة الذرية
وتأتي هذه التطورات غداة إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مساء الجمعة، أن مديرها العام سيلتقي مسؤولين إيرانيين كباراً في طهران خلال نهاية الأسبوع.
وقالت الوكالة، في بيان، إن "المدير العام بالوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا سيتوجه إلى طهران السبت، للقاء مسؤولين إيرانيين كبار الأحد في الثامن من سبتمبر/ أيلول"، وذلك مع استمرار التوتر بين إيران والولايات المتحدة حول الاتفاق النووي بين طهران والقوى الكبرى.
وقبل بدء المرحلة الثالثة، كانت إيران قد بدأت تنفيذ مرحلتين من تقليص تعهداتها، شملت المرحلة الأولى رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.76 في المائة وإنتاج المياه الثقيلة. وتخطت طهران، في البدء، الحد المسموح به في الاتفاق النووي، إذ تجاوز مخزونها من اليورانيوم حاجز 300 كيلوغرام، إلى 316 كيلوغراماً، فيما لم تتخط بعد حاجز 130 ألف طن في إنتاج الماء الثقيل، رغم رفع القيود عن ذلك، إذ يستغرق ذلك وقتاً، لكن وفقاً للتصريحات الإيرانية، العمل يجرى على قدم وساق على هذا الصعيد.
أما المرحلة الثانية فشملت وقف تعهد واحد فحسب، وهو رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 4.5 في المائة، أي أكثر من 3.67 في المائة، المنصوص عليه في الاتفاق النووي، مع تأجيل تفعيل مفاعل آراك للماء الثقيل، بالرغم من أن إيران قد أعلنت قبل تدشين هذه المرحلة أن ذلك يمثل خطوتها الثانية.
"نادي الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية"
في السياق، رحب أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، بـ"تأسيس نادي الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية". فيما ردّ وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على اتهامات نظيره الأميركي مايك بومبيو ضد إيران بـ"الابتزاز"، بعد خفض تعهداتها النووية، قائلاً إن الإدارة الأميركية "هي التي تمارس الابتزاز".
واتهم شمخاني وسائل إعلام "معادية" بـ"إسناد سياسة الضغط الأقصى الأميركية من خلال شن حرب إدراك شديدة"، مرحباً باقتراح لجنة "مواجهة العقوبات الأميركية" البرلمانية حول تشكيل "نادي الدول الخاضعة للعقوبات".
وأضاف أن جميع التيارات السياسية الإيرانية "تتفق على مقاومة العقوبات في الظروف الراهنة"، معتبراً أن واشنطن "قد أدركت من خلال تجارب ماضية أن الجمهورية الإسلامية قد بلغت قدرات ملفتة في مواجهة التهديدات".
وعلى صعيد حرب التصريحات، غرّد ظريف على "تويتر" مخاطباً بومبيو "الوزير بومبيو، ما هو الابتزاز بشكل دقيق؟ أليس الابتزاز هو نقض قرار للأمم المتحدة وفرض عقوبات على الطرف الملتزم به؟".
وأشار ظريف إلى تقديم واشنطن "الرشوة" للقبطان الهندي لناقلة "آدريان دريا 1" في حال أبحر بسفينته إلى بلد يمكن احتجازها فيه، ليخاطب بومبيو متسائلاً "أليس اقتراح الرشوة لسرقة النفط وفرض عقوبات على من يرفضها ابتزاز؟ أو ربما مطالبة إيران بالاستسلام وتجويع شعبها؟".
وختم ظريف تغريدته بسؤال "هل تلك التصرفات ابتزاز أم خطوات إيران القانونية وفق الاتفاق النووي" لخفض التعهدات.
وكان وزير الخارجية الأميركي قد اعتبر، أمس الجمعة، أن قرار إيران بخفض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي هو أمر "مرفوض"، مطالباً الأوروبيين بـ"إنهاء الابتزاز" الذي تمارسه طهران.
ومن جهته، قال القائد العام للجيش الإيراني، عبد الرحيم موسوي، في تصريحات، اليوم السبت، أوردتها وكالة "فارس" إن "أي اعتداء" على بلاده "سيجعل الأعداء في وضعية أكثر انعداماً للأمن في المنطقة"، معتبراً أن ذلك "يشكل ردعاً أمام تهديداتهم".
واعتبر أن "جبهة المقاومة ستفرض الهزيمة على أميركا"، قائلاً إن "نهاية الكيان الصهيوني قريبة والجميع سيراها".