01 نوفمبر 2024
إنهم يتباهون بالخيانة
في هذا الزمان الذي تعد فيه بوابة الصهيونية الطريق الأساسي لأي نظامٍ يريد أن يمرّر أموره، ويحقق مصالحه، ويؤكد على إضفاء شرعنةٍ على استبداده وسياسته الفاسدة، ظل هذا الكيان الصهيوني كلمة السر. في عرف هؤلاء، من تعرّف على كلمة السر تلك سلم، واستطاع أن يمر من دون أضرار، وربما بمكاسب كبيرة. هكذا تطوّر الأمر بالنسبة لهذا الكيان الصهيوني في مسألة القبول الكامل والتطبيع الفاعل والقيام بكل ما من شأنه من خطابٍ وعلاقاتٍ تصبّ، في النهاية، في مشاهد إعلامية وإعلانية لترويج هذا الكيان وقدراته والإمساك عن كل أمرٍ يقلقل الأمور بالنسبة له، أو يزعج سمعه. في ظل هذا الوضع، صارت، كما قلنا مرارا وتكرارا، مستحيلات هذا الكيان ممكنةً وممكنات العرب مستحيلة، وبدا الكيان الصهيوني ممثلا في دولته الخبيثة آمنا ناعما بالاستقرار، حتى كلمات الشجب والاستنكار توارت إلى الأبد، ولم نعد نستمع إليها.
ها هي سياسات الكيان الصهيوني صارت معلنة، ومن كل طريقٍ لا تتخفى ولا تتوارى، بل يعلنها ذلك الكيان بكل بجاحةٍ، ومن غير أي كلام مخففٍ أو مجامل. في قابليات الوهن يتمدّد الصلف الصهيوني، الكيان الصهيوني يقتحم تقريبا في مشهدٍ متكرّر المسجد الأقصى، ويعمل حثيثا على تهويد القدس، ويقوم بكل عملٍ يحاول أن يمكّن لرؤيته في أن تكون القدس عاصمة لهذا الكيان، وكذلك فهو يواصل كل سياسته الاستيطانية، من غير أن يعقّب عليه أحد، وتتوارى الأصوات الرسمية، وكل الأصوات العربية، وتواصل إسرائيل كل مشروعاتها الاستيطانية، والسيطرة على مفاصل المناطق المحتلة، وتوهم الجميع بحل سياسي، وتلقي بأوهام وأحلام زائفة في مفاوضاتٍ، يمكن أن تحقق السلام، ولكنه، في النهاية، السلام المفروض وفق الطبعة الإسرائيلية، السلام الصهيوني بكل أشكاله وشروطه. وتبدو كل الأمور التي تتعلق بهذا الكيان أمرا إسرائيليا محضا مع صمتٍ لسلطةٍ توصف بأنها فلسطينية. وفي النهاية، لا تقوم تلك السلطات إلا بخطب ود إسرائيل والإذعان لمساراتها في صناعة السلام الإسرائيلي، وفق رغباتها وأهوائها.
ولدت من رحم تلك الحالة أخطر ظاهرة في الوطن العربي، هي المتصهينة العرب. كتب
صاحب هذه السطور عن ذلك، ورصد بعض الخطاب الذي يحاول أن يشيع تلك الظاهرة، ويمكّنها، ويؤسّس لعلاقات تطبيعية، وفق مقترحاتٍ تطلق باعتبارها قنابل دخان، ومعامل اختبار لمقولات من الخطورة بمكان، لا تعترف فحسب بالأمر الواقع الذي فرضه الصهاينة، ولكن تروّجه إطارا وتتبنى وجهة النظر الصهيونية بحذافيرها، فيخرج ذلك كله علينا، وعلى أسماعنا، يستخدم كل مصطلحات العدو، ويمرّرها في خطابٍ شديد التسميم، ويجعل تلك التنازلات واقعا يمكن على الأرض، ويقدم له الأسانيد الواهية من كل طريق، ظاهرة المتصهينة العرب تنتشر بين فئةٍ من المثقفين والمفكرين وبعض الرسميين، يشكلون في الأفق "لوبي صهيونيا" خطيرا هذه المرة يؤسّس في بلاد العرب، عنوانه زيارات غير رسمية، وتصريحات فاضحة فاجرة، واقتراحات يسمونها واقعية، وما هي إلا تعابير عن الوقوع والسقوط المريب في حالةٍ من الانهزامية حيال المشروع الصهيوني بكل قسماته ورغباته، والتنازل عن أصل القضية.
أخطر ما يلحظ، في الآونة الأخيرة، مع تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط الكبير، ومع وجود إشكالات خطيرة، لكثير من نظم الحكم القائمة، خصوصا مع تمرير مقولة الإرهاب في تعميةٍ مقصودةٍ، يقصد من خلالها تمرير كل الأمور التي تتعلق بأمان إسرائيل وتأمينها واستقرارها، والأخطر أن يأتي ذلك بغطاء أو مباركة رسمية من موظفين سابقين في أجهزة مخابراتية، أو في أجهزة سياسية سابقة. ويعبر في ذلك في مؤتمراتٍ تتعلق بالشرق الأوسط، تتهافت عليها تلك الشخصيات المتصهينة لتعبر عن رؤاها الخبيثة واللقيطة، وبما تعبر عنه في خلطةٍ سحريةٍ ما بين الرضا الصهيوني وتصاعد ما تسمى محاربة الإرهاب الموسوم بالإسلامي، بحيث تعقدت الأمور واختلط الخطاب وتقاطعه بين مصالح عدة، وبدأت الأمور في تمرير جملةٍ من السياسات الكبرى، تحت جنح هذه التعميمات، ليبرز خطابٌ يمكن تسميته، من دون تجاوز، خطاب الخيانة. أخطر من هذا، يبدو هذا الخطاب حينما يصدر على ألسنتهم، وكأن هؤلاء يتباهون به، على الرغم من مضمونه الفاضح وأهدافه المريبة.
يتراوح هذا الخطاب بين مدح للكيان الصهيوني وقدح لكل المصادر التي تتعلق بالممانعة
والمقاومة، فها هو أحدهم يتحدّث عن أن من الأصلح أن تكون هناك دولة إسرائيلية يعيش فيها الإسرائيليون، ويقترح عدم قيام دولة فلسطينية، وإنما الاكتفاء بدولةٍ إسرائيليةٍ، تضم الفلسطينيين واليهود وتنضم لجامعة الدول العربية، وها هو يواصل التباهي بفجور خطابه، مؤكدا أنه حتى يعيش العرب في الدولة بالشراكة اليهودية العربية، فلا يكون ذلك فاعلا إلا بإدارة يهودية ناجحة.. وفي مقام تبريره هذا قوله الخطير لأن قيادة دولة فلسطينية بإدارة عربية، تكون زيادة دولة فاشلة في العالم العربي على الدول الفاشلة عربيا، وما أكثرها، وتتكامل تلك الرؤية الفاجرة، بقوله إنه يجب ألا نتعامل مع اليهود على أنهم أعداء، على خطورة خلطه بين اليهودية والصهيونية، يجب أن لا نتعامل معهم على أنهم أعداء، بل على أننا "أبناء عم" نختلف معهم على "وراثة أرض"، وأن الفيصل في الحكم من يقدم دليلا، ماذا يمكن أن نسمّي ذلك إلا أن يشكل تمريرا وتباهيا بخطاب الخيانة.
إلا أن القول الذي يقطع كل قولٍ بخطاب الخيانة الفاضح الذي يؤكد مخاطبا العرب أن اليهود اليوم هم عصب الاقتصاد في العالم، وأن على العرب أن يتوقفوا عن نقد إسرائيل، "أيها العرب، لن توقفوا إسرائيل عند حدها، ولن تعترف بكم إلا إذا أصررتم على أن تكونوا جزءا من إسرائيل". حتى أميركا تتقرب من إسرائيل، ودول العالم كلها، في رأيه تفعل كذلك، إن التقرّب يحل المشكلات، ولماذا لا يكون لنا مع اليهود تحالفٌ ضد أعداء الشرق الأوسط، وأكثر من هذا أن يتطاول خطاب الخيانة على المقاومة والشرفاء، متهما أهل المقاومة بأنهم أخطر على الفلسطينيين من نتنياهو، فهو يقترح على أهل فلسطين في النهاية إنهاء حماس (المقاومة) مقابل مدّهم، أي الفلسطينيين، بكل سبل العيش مع الإسرائيليين. إنها رؤية يعبر بها أحد المتصهينة العرب عن عينةٍ من خطاب الخيانة ذلك ليتحرّك بعد ذلك إلى تجريم المقاومة واتهامها وبراءة إسرائيل من كل ذنب أو غصب أو احتلال، فمن الفجور حقا أن يتباهى هؤلاء بخطاب خيانتهم. هذا أخطر ما يحدث في بلاد العرب.
ها هي سياسات الكيان الصهيوني صارت معلنة، ومن كل طريقٍ لا تتخفى ولا تتوارى، بل يعلنها ذلك الكيان بكل بجاحةٍ، ومن غير أي كلام مخففٍ أو مجامل. في قابليات الوهن يتمدّد الصلف الصهيوني، الكيان الصهيوني يقتحم تقريبا في مشهدٍ متكرّر المسجد الأقصى، ويعمل حثيثا على تهويد القدس، ويقوم بكل عملٍ يحاول أن يمكّن لرؤيته في أن تكون القدس عاصمة لهذا الكيان، وكذلك فهو يواصل كل سياسته الاستيطانية، من غير أن يعقّب عليه أحد، وتتوارى الأصوات الرسمية، وكل الأصوات العربية، وتواصل إسرائيل كل مشروعاتها الاستيطانية، والسيطرة على مفاصل المناطق المحتلة، وتوهم الجميع بحل سياسي، وتلقي بأوهام وأحلام زائفة في مفاوضاتٍ، يمكن أن تحقق السلام، ولكنه، في النهاية، السلام المفروض وفق الطبعة الإسرائيلية، السلام الصهيوني بكل أشكاله وشروطه. وتبدو كل الأمور التي تتعلق بهذا الكيان أمرا إسرائيليا محضا مع صمتٍ لسلطةٍ توصف بأنها فلسطينية. وفي النهاية، لا تقوم تلك السلطات إلا بخطب ود إسرائيل والإذعان لمساراتها في صناعة السلام الإسرائيلي، وفق رغباتها وأهوائها.
ولدت من رحم تلك الحالة أخطر ظاهرة في الوطن العربي، هي المتصهينة العرب. كتب
أخطر ما يلحظ، في الآونة الأخيرة، مع تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط الكبير، ومع وجود إشكالات خطيرة، لكثير من نظم الحكم القائمة، خصوصا مع تمرير مقولة الإرهاب في تعميةٍ مقصودةٍ، يقصد من خلالها تمرير كل الأمور التي تتعلق بأمان إسرائيل وتأمينها واستقرارها، والأخطر أن يأتي ذلك بغطاء أو مباركة رسمية من موظفين سابقين في أجهزة مخابراتية، أو في أجهزة سياسية سابقة. ويعبر في ذلك في مؤتمراتٍ تتعلق بالشرق الأوسط، تتهافت عليها تلك الشخصيات المتصهينة لتعبر عن رؤاها الخبيثة واللقيطة، وبما تعبر عنه في خلطةٍ سحريةٍ ما بين الرضا الصهيوني وتصاعد ما تسمى محاربة الإرهاب الموسوم بالإسلامي، بحيث تعقدت الأمور واختلط الخطاب وتقاطعه بين مصالح عدة، وبدأت الأمور في تمرير جملةٍ من السياسات الكبرى، تحت جنح هذه التعميمات، ليبرز خطابٌ يمكن تسميته، من دون تجاوز، خطاب الخيانة. أخطر من هذا، يبدو هذا الخطاب حينما يصدر على ألسنتهم، وكأن هؤلاء يتباهون به، على الرغم من مضمونه الفاضح وأهدافه المريبة.
يتراوح هذا الخطاب بين مدح للكيان الصهيوني وقدح لكل المصادر التي تتعلق بالممانعة
إلا أن القول الذي يقطع كل قولٍ بخطاب الخيانة الفاضح الذي يؤكد مخاطبا العرب أن اليهود اليوم هم عصب الاقتصاد في العالم، وأن على العرب أن يتوقفوا عن نقد إسرائيل، "أيها العرب، لن توقفوا إسرائيل عند حدها، ولن تعترف بكم إلا إذا أصررتم على أن تكونوا جزءا من إسرائيل". حتى أميركا تتقرب من إسرائيل، ودول العالم كلها، في رأيه تفعل كذلك، إن التقرّب يحل المشكلات، ولماذا لا يكون لنا مع اليهود تحالفٌ ضد أعداء الشرق الأوسط، وأكثر من هذا أن يتطاول خطاب الخيانة على المقاومة والشرفاء، متهما أهل المقاومة بأنهم أخطر على الفلسطينيين من نتنياهو، فهو يقترح على أهل فلسطين في النهاية إنهاء حماس (المقاومة) مقابل مدّهم، أي الفلسطينيين، بكل سبل العيش مع الإسرائيليين. إنها رؤية يعبر بها أحد المتصهينة العرب عن عينةٍ من خطاب الخيانة ذلك ليتحرّك بعد ذلك إلى تجريم المقاومة واتهامها وبراءة إسرائيل من كل ذنب أو غصب أو احتلال، فمن الفجور حقا أن يتباهى هؤلاء بخطاب خيانتهم. هذا أخطر ما يحدث في بلاد العرب.