إنقاذ الأوطان وتهريب الأموال

23 اغسطس 2016
تدافع الأتراك في الخارج نحو تحويل مدخراتهم إلى الداخل(Getty)
+ الخط -



عقب قيام الثورات العربية في نهاية عام 2010 وبداية عام 2011 رصدت البنوك المركزية في الدول التي شهدت ثورات طفرة في تحويلات العاملين في الخارج أو ما يطلق عليهم (المغتربون)، بل وتم في ذلك الوقت وصف الطفرة بالتاريخية وغير المسبوقة من قبل وزراء وجهات مسؤولة بهذه الدول.

وأثرت طفرة التحويلات الخارجية للمغتربين سوق الصرف في تلك الدول، ودعمت احتياطياتها من النقد الأجنبي، وغذّت الموارد الدولارية لدى قطاعها المصرفي والمالي.

وحالت هذه الطفرة دون حدوث انهيارات في قيمة العملات الوطنية بدول ثورات الربيع العربي، خاصة مع التداعيات الخطيرة لزيادة الاضطرابات الأمنية وفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال وتوقف الإنتاج وتراجع الصادرات الخارجية.

حدث ذلك في مصر وتونس واليمن، فقد أنقذ المصريون العاملون في الخارج بلادهم خلال العام المالي 2011-2012 من كارثة مالية ونقدية بسبب تهاوي الاحتياطي الأجنبي بشكل سريع وهروب الأموال الساخنة والاستثمارات الأجنبية من البلاد، ورفعوا تحويلاتهم للداخل خلال العام بمعدل 43.5%.

ووفقاً لبيانات صادرة عن البنك المركزي المصري فقد ارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج لتسجل أعلى مستوى في تاريخها، خلال العام المالي 2010 -2011 (عام الثورة) لتصل إلى 12.6 مليار دولار، مقابل 9.8 مليارات دولار في العام السابق 2009 - 2010.

كما قفزت تحويلات المصريين في الخارج إلى 17.8 مليار دولار في عام 2011-2012.

واستمر الارتفاع بعد ذلك، إذ تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن إجمالي صافي التحويلات الخارجية للبلاد ارتفع إلى 19.3 مليار دولار في عام 2012-2013 وهو العام الذي حكم فيه د. محمد مرسي، وجاءت الزيادة انعكاساً لزيادة التحويلات الخاصة، وأهمها تحويلات العاملين في الخارج، خاصة في منطقة الخليج.

وتكرر الموقف في تونس واليمن، بل وتكرر في دول شهدت إصلاحات سياسية سريعة عقب اندلاع ثورات الربيع العربي، وإن لم تشهد ثورات مباشرة مثل المغرب.

الموقف يتكرر أيضاً عقب فشل الانقلابات العسكرية، وأحدث مثال على ذلك ما حدث في تركيا عقب انقلاب 16 يوليو/تموز الفاشل، فقد تدافع الأتراك العاملون في الخارج نحو تحويل مدخراتهم إلى الداخل لمساندة القطاع المصرفي والاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي.

كما عوَّض الأتراك انخفاض حجم العملة الأجنبية في السوق، بنسبة 6.2%، والناجم عن هروب استثمارات أجنبية من البلاد في أول أسبوعين أعقبا محاولة الانقلاب الفاشلة، وقام الأتراك أيضاً ببيع ما يملكونه من عملة أجنبية وصلت قيمتها إلى 10.8 مليارات دولار خلال الأسبوعين للحيلولة دون انهيار عملتهم.

عندما تشعر الشعوب بأنه يتم احترام اختياراتها في تحديد مصيرها، وتشارك في صنع القرارات التي تحدد حاضر ومستقبل بلادها، هنا تتدافع نحو التنازل عما في حوزتها من نقد أجنبي وعدم الاحتفاظ به، لا أن تقوم بتهريب أموالها إلى الخارج كما يفعل عادة المحسوبون على السلطات الحاكمة بالدول القمعية.




المساهمون