ووفقاً لمصادر مقربة من مليشيا "الخراساني"، التابعة لـ"الحشد"، والتي تعرف بقربها من الحرس الثوري الإيراني، وكانت قد شاركت في معارك عدة داخل العراق وسورية، فإنّ "سليماني ألغى مشاركته في المؤتمر وبعث بممثلين عنه، كونه لا يريد إحراج الحكومة العراقية في الوقت الحالي، بسبب تزايد الضغوط الأميركية عليها بعد إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب".
وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ "المؤتمر الذي شارك فيه عدد من ضباط الحرس الثوري، إضافة إلى ممثل عن الحكومة الإيرانية هو محمد آل صادق، والسفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، كان مقرراً أن يشهد تكريماً لقاسم سليماني بشكل شخصي، لكن ذلك لم يحدث". وأوضحت أنّ قائد فيلق القدس، والذي يعرف بمسؤول الملف العراقي والحرس الثوري بشكل عام، "لن يكون في المشهد العراقي كما في السابق، وسيكون دور الخارجية الإيرانية هو الرئيس في هذا الملف".
وبينما شهد مؤتمر "دمنا واحد" مشاركة إيرانية لافتة، من خلال عدد من العسكريين الإيرانيين بالحرس الثوري، وجميعهم غير معروفين داخل المشهد العراقي، إضافة إلى ممثلين عن النظام الإيراني وأعضاء سفارة طهران في بغداد، فقد خلا في المقابل من أي تمثيل لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أو رئاسة الجمهورية والبرلمان، باستثناء حضور نواب تابعين لتحالف "الفتح"، فضلاً عن برلمانيين من كتل أخرى معروفين بعلاقتهم الوثيقة بإيران، مثل النائب عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللويزي.
وفي السياق، علّق عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب محمد رضا، على هذه المعلومات بالقول إنّ العقوبات الأميركية على إيران "محرجة للعراق"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الذين شملوا بهذه العقوبات يقدّرون وضعنا حالياً". ورأى رضا أنّ "الحديث عن إلغاء زيارات لمسؤولين أمنيين كبار وقادة بالحرس الثوري الإيراني للبلاد، تجنباً لإحراج بغداد، هو أمر جيّد وصحيح"، مؤكداً أنّ "وضع العراق أمنياً واقتصادياً لا يحتمل أن يدخل ضمن محور أو محاور متعددة، أو أن يكون كذلك طرفاً بالحصار على إيران". وأشار إلى أنّ بلاده "من الأساس ترفض فكرة هذه العقوبات".
من جانبه، وصف النائب عباس السروط، عضو تيار "الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم، في حديث مع "العربي الجديد"، هذه المعلومات بأنها "جيّدة". وبينما قال إنّ بلاده "لن تسمح بأن تكون محطة انطلاق للعدوان على إيران"، اعتبر أنّ إلغاء زيارة سليماني بهذا التوقيت "إيجابية" حتى لا يدخل العراق "بالمعمعة"، على حد تعبيره.
أمّا الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد العبيدي، فقد علّق على تلك التسريبات بالقول إنها "غير ذات أهمية، كون سليماني يدخل البلاد بين الفينة والأخرى، وكثير من زياراته لم ترصدها وسائل الإعلام. كما ينتقل إلى سورية براً عبر العراق ويلتقي بقيادات الحشد"، موضحاً أنه "خلال الأشهر الماضية رصدت له صور عدة، بينها في وسط بغداد، مع رجل الدين المقرّب من إيران مهدي الصميدعي، وأخرى قرب الحدود العراقية السورية".
وأضاف العبيدي في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "بروز دور السفير الإيراني، إيرج مسجدي، في الفترة الأخيرة، قد يكون بداية لتقليل ظهور أو فاعلية جنرالات الحرس الثوري في العراق، وذلك ضمن مشروع طهران لإعادة ترتيب أوراقها في الساحة العراقية بعد هزيمة داعش، وبعد التصعيد الأميركي ضدّها في المنطقة".