إلا وسعها

05 سبتمبر 2018
+ الخط -

(1)
"الحكاية ببساطة: لا تنشغل بغير الطريق. وإذا كنت قد اخترت أن تكون كاتباً، فليس عليك أن تنشغل بغير الكتابة، ولكي تفعل ذلك عليك أن تقرأ أضعاف ما تكتب، وتنشغل بأسلوب ما تكتبه قدر انشغالك بمضمونه، لكنك لن تستطيع فعل ذلك، إلا إن عملت بجدية تمكنك من الانتظام في دفع الإيجار".

كان ذلك درساً مبكراً تعلمته، فحماني من انهيار كان يمكن أن يفتك بي كما فتك بآخرين كنا نحسن الظن بقدراتهم ومواهبهم، والدروس المبكرة يُفترض بها ـ إن ظلت حاضرة في بالك ـ أن تساعدك على التماسك في مواجهة زلازل الحياة المتكررة والمفاجئة، لكنك أيضاً مطالب دائماً بتذكّر أن أخطر صفاتك كإنسان هو النسيان، ولذلك فالتعلم من درس ما، لا يجعلك محصناً ضد نسيان ما تعلمته، ولا يقيك إلى الأبد من أن تكون عرضة للتصدع واللخبطة وتكرار الأخطاء ومطاردة الأحلام التي تبدو لك مستحيلة، ولا خير في حلم لا يبدو في بدايته مستحيلاً.

كنت يومها في منتصف الطريق إلى السنة الرابعة والعشرين من عمري، حين وجدت نفسي في الشارع مع زملائي، عقب أن أغلق النظام صحيفتنا التي كان انتشارها وتأثيرها قد أدار رؤوسنا، وصوّر لنا أن ذلك النجاح سيدوم طالما ظللنا حريصين على مواكبته وتطويره، لكن الواقع اللئيم أعاد تذكيرنا بحقائق الحياة في مصر، حيث يتغير مصير الإنسان والذين خلّفوه بكلمة يقولها صاحب السلطة، وأحياناً بكلمة لم يقلها بعد، بل وبتعبير وجه، يقوم رجاله بتحويله إلى كلمات تعصف بمن لا حيلة لهم سوى كتابتهم.

كنت حسن الحظ لأن نجاح صحيفتنا أتاح لي أكثر مما كنت أحلم به: قراء بالآلاف تنهمر رسائلهم عليّ كل أسبوع، وصداقات حميمة بأسماء كبيرة تتلمذت على يديها قبل أن أعرفها بسنين، وشغف بالكتابة والتحصيل والاكتشاف، ومحاولة دؤوبة لتطوير أسلوب تجرب أثره على قارئ تتوثق علاقتك به كل أسبوع، وحين انهار كل ذلك فجأة، كان بعض زملائي يتخيل رد الفعل الغاضب الذي ستقوم به الجماهير الغفيرة التي تشتري عشرات الآلاف من النسخ من صحيفتنا كل أسبوع، وكان البعض الآخر يحاول فهم ما جرى ويبحث عن سِكَك للوصول إلى من يساعد في لم الليلة ومنح فرصة جديدة للبقاء على قيد الحياة بشروط مقبولة وغير مذلّة، وكنت مع آخرين يشبهونني في الهم والتجربة، نفكر في شيء وحيد هو الطريقة التي يمكن أن ندفع بها الإيجار بعد شهر، ونشكر الأقدار لأنها شاءت أن تُغلق صحيفتنا بعد أيام من "نزول القبض".

كنت أسعد حظاً من زملاء متزوجين ويعولون، لكنني لم أكن أمتلك رفاهية التوقف ولا وقاحة العيش عالة على أصدقائي الكبار، برغم كل ما كنت أتلقاه من عروض كريمة بالمساندة والدعم، وحين كانت نفسي الأمّارة بالاستهبال تذكّرني أنني تجاوزت لحسن الحظ مرحلة كتابة الأخبار والتحقيقات، إلى مرحلة يعتبرها البعض أعلى، كنت بدوري أذكّرها بموعد الإيجار وبتجارب التلطيم في الشوارع والمطارح، وأطالبها بأن تشكر الله لأنني وجدت أساتذة يُقدّرون ما كنت أفعله، ويساعدونني على أن أعمل وأجتهد وأتعلم.


لم أستغرب حين أغضب ذلك بعض رفاق التجربة الشهيدة، ولم أتوقف طويلاً عند ما كان يصلني من اتهامات من بعضهم بخيانة التجربة، لأنني لم أتوقف عندها أطول من اللازم، ولم أراهن مثلهم على الجماهير التي كنت أزعم أنني أعرفها أكثر منهم، ولا على السلطة التي لم أكن مستعداً لتحديها ولا راغباً في انتظار رضاها ولا قادراً على مواجهة المزيد من غضبها، فكل ما كنت أريده أن أواصل التعلم والعمل والقراءة والفرجة والصعلكة مع الأصدقاء والسهر مع الأساتذة والانتظام في دفع الإيجار.

(2)
كانت السنين التي تلت ذلك القرار عاصفة ومشحونة بالتجارب والخوازيق والمساخر، لكنني أدين لها بالكثير، وأعترف بتقصيري في حمد الله تعالى على ما حباني فيها من نِعَم وعطايا، أهمها أنه قوّاني على رفض الارتباط لفترة أطول بأي تجربة أدرك أنني أخطأت في دخولها، وأنه أعانني على تحمل نتائج الرفض والتغيير مهما كانت عسيرة، ولا أنشغل أكثر من اللازم بما مضى من نجاح أو فشل أو محبة أو كراهية أو تقدير أو تجاهل أو بهجة أو نكد، ولا أدعي لنفسي أنني حصلت بذلك على وصفة للسعادة وراحة البال، فقد أشقيت نفسي وأشقيت من أحب على الدوام، بعناء التفكير فيما هو قادم من أيام وأحلام وتحديات، دون أن أمنحهم وأمنح نفسي فرصة للراحة والروَقان، وهو شقاء لا أتمنى الشفاء منه أبداً.

الإنسان ابن تجاربه الأولى، وقد أحسن الله إليّ حين رزقني مبكراً بأقسى ما عشت من تجارب، فلم يعد يخيفني في هذه الدنيا شيء سوى المرض العضال والحبس الانفرادي، عافانا الله وإياكم منهما وفرّج كرب من ابتلي بهما، أذكر أنني جربت الحبس الانفرادي ليلة واحدة، كدت أصاب فيها بالجنون، وما زلت أجد صعوبة كلما اقتربت ذاكرتي من تفاصيلها أو حاولت الكتابة عنها، وحين زرت معتقل الخيام في جنوب لبنان بعد تحريره، أصبت بنوبة هلع جاهدت في كتمانها عمن حولي، بعد أن دخلت إلى زنازين الانفرادي التي لا تتسع إلا للسجين واقفاً، وقد كانت على بشاعتها أحسن حالاً من ما روي لي عن زنازين انفرادية في معتقلات عربية تتسع للسجين نائماً دون أن يكون بوسعه أن يتقلب على جنبيه.

والغريب أنني تأثرت بتجربة الحبس الانفرادي القصيرة جداً، أكثر بكثير من تأثري بتجربة التعذيب التي سبق أن تعرضت لها، والتي لم أمتلك بعد شجاعة مواجهتها نفسياً للكتابة عنها، وما زلت أتصدع كلما قلبت في أوراقي القديمة، وشاهدت تقرير الطبيب الشرعي الذي يصف آثار التعذيب بشكل مفصل، فأستغرب كيف تحملت ذلك في سن مبكرة، فأعزو ذلك أحياناً إلى إحساس الاعتقال السياسي الذي يملأ صاحبه بفخر وكبرياء، قد يمنحانه إن كان حسن الحظ صلابة تدهش جلاديه، وأعزوه في أحيان أخرى إلى تجارب مخففة من التعذيب في مرحلة الطفولة، وهي منطقة أخرى في حياتي لا أزال أتصدع كلما حاولت الاقتراب منها، وإن كنت أحمد الله على أنها ظلت حاضرة دائماً في ذهني، وأنا أتعامل مع أسرتي، خصوصاً حين تنتابني نوبات الغضب التي تظل كريهة مهما كانت نادرة، وليس هناك ما هو أخطر من التعامل معها بوصفها أمراً طبيعياً يمكن التسامح معه أو عدم الاشتغال عليه.

(3)
لم تكن طفولتي لطيفة على الإطلاق، ولولا أمي متعها الله بالصحة والعافية، لما نجوت منها على المستوى المادي والنفسي، لكنني مدين لتلك الطفولة الكريهة بوعي مبكر بطبيعة الحياة وباستعداد لا بأس به للتجاوز والاستمرار، يساعدني على النجاة من التبلّد طويل المدى، فالتبلّد اللحظي نعمة من الله في أيام الشدة، بدأ ذلك الوعي ربما بعد أن خضت محاولتين طفوليتين للانتحار في سن الحادية عشرة والثانية عشرة، تحولت كل محاولة منهما إلى مسخرة لاحقاً بسبب غرابة المواد المستخدمة فيها، لكن الأكثر خطورة كان ما تلاهما من محاولات معنوية للانتحار في أبشع صوره، أعني الانتحار بقبول الأمر الواقع والهروب الدائم من آثار ماضيك، وهي محاولات أقلعتُ عنها حين أحببت، ثم تزوجت بمن أحببت، فبدأت مرحلة مختلفة في حياتي، لا تزال الأغنى والأجمل، لكنها لم تكن وردية ولا سهلة، خصوصاً بعد أن جربت فيها همّاً جديداً ومربكاً، هو تحجيم تدخلات الروح القلقة، وفرملة النفس الطماعة، التي لا يمكن أن تتعايش مع المتاح حتى وإن كان كل ما تمنّته من قبل، وهي معركة دائمة بل ويومية، يبدو وصفها على الورق أسهل بكثير من محاولة الإمساك بمعناها بشكل كامل، ليمكن فهمها أملاً في حسمها يوماً ما، وهو أمل إن تحقق فقدت الحياة معناها.


ولعل أصعب ما يواجهك حين تختار لنفسك حياة كهذه، ألا تتيح لك الظروف فرصة للتوقف كي تلتقط أنفاسك وتتأمل ماضيك بالبطء، وحتى الكتابة عنه تؤجلها دائماً، لأنك تشعر أن التعجل فيها الآن وأنت ما زلت تحاول الفهم والتعلم، يمكن أن يوقعك في فخ الرثاء للنفس، فتتناسى تحت وطأة التلذذ بالشكوى كل ما منحته لك الدنيا من بهجة وفرص. لا أذكر الآن من الذي كتب أن الروايات إذا أراد أصحابها لها أن تعيش، لا بد أن تُكتب بعد الأربعين، لكنني أذكر أنني تأثرت بتلك المقولة التي سمعتها في شرخ الشباب، وظللت أرددها كلما قال لي صديق إنني لا بد أن أكتب رواية عن هذه المرحلة أو تلك التجربة، وها هو العمر قد شَرَخ، وأصبحت اليوم في الرابعة والأربعين من عمري، ولم تعد كتابة ما جرى مجرد رفاهية أو اختياراً فنياً مهماً، بل صارت ضرورة حياتية لمجرد تذكّره في مقبل الأيام.

بالأمس مثلاً، كان الإنترنت رحيماً بي، فأكملت مكالمة طويلة مع أمي دون أن ينقطع الخط أو يتشوّش الاتصال، وهالني أنني كلما حكت لي شيئاً عن طفولتي أو شبابها، أشعر أن ما تحكيه مألوف لي، وأن أصداء منه تتردد في ذاكرتي، مع أنني كنت في بداية حديثنا ألومها لأنها تحكي لي هذه الذكريات لأول مرة، وحين تطمئنني أن النسيان طارئ سببه تغير الأماكن وتعدد التجارب، وأنها حين اتكأت على ذاكرتها في ساعة الجد لم تخذلها، أحكي لها ما قاله لي الطبيب عن الجينات وآثارها المدهشة والمفزعة، وأقول لها ضاحكاً إنني لا أريد من جيناتها إلا الذاكرة، أما الباقي فسأتنازل عنه طائعاً مختاراً، ومع أنني لم أرث عن أبي رحمه الله ولعه بالأرشفة والتوثيق، لكنني حافظت من حين لآخر على عادة كتابة رؤوس الأقلام فيما يشبه مشاريع المَحَاضر، لكن المشكلة أن تفسير الكثير من رؤوس الأقلام تلك وتحويله إلى كتابة تفصيلية يحتاج إلى وقت طويل وبال رائق لا ينشغل بأداء الالتزامات ودفع الإيجار.

(4)
في مثل هذه الأيام قبل أربعة سنوات، اتخذت واحداً من أصعب قرارات حياتي، هو مغادرة مصر طلباً للرزق والحرية، بعد أن ظللت لعدة أشهر عاطلاً عن العمل ومهدداً في حريتي وأمني، ولم تكن الطريقة التي اخترت أن أعيش بها حياتي في السنوات السابقة، تؤهلني للمزيد من البقاء دون عمل في انتظار الفَرَج، أو المخاطرة بما علي من مسئوليات والتزامات، لا يزال عندي الكثير لأحكيه مستقبلاً عن كواليس تلك المرحلة التي تشكل الآن عماد ثقتي بنفسي، بعد أن اكتشفت أن قدرتي على الرفض لم تتغير في مناخ الترهيب، عما كانت عليه في مناخ الترغيب.

كنت محظوظاً والحمد لله لأنني سافرت في الوقت المناسب، قبل أن تبدأ مرحلة الضرب بيد من حديد على كل من يختلف مع السلطة، بعد فترة من الاكتفاء بالتشويه والتخوين والحملات الإعلامية الممنهجة وقطع الأرزاق، ولم أندهش حين أحيلت بعد سفري بفترة قصيرة بعض البلاغات التي قدمت ضدي إلى النيابة العسكرية مصحوبة باتهامات من العيار الثقيل، تمت الإشارة إليها كثيراً في مقالات وبرامج وتدوينات وتغريدات، ومع أنها سبّبت إزعاجاً كبيراً لأقاربي ومعارفي، إلا أنني لم أنشغل كثيراً بتفنيدها.

ولم يكن وراء ذلك التجاهل إلا إدراك واقعي، لحقيقة أن من رددوا تلك الاتهامات وصدقوها، وجدوا فيها مبرراً منطقياً لكراهيتهم لآرائي ومواقفي التي كان من الطبيعي أن تختلف معهم في أوقات استقطاب حاد كالتي لا زالت تعيشها البلاد، وهؤلاء على كل حال لن يصدقوا أبداً أنني لست مشغولاً بإثبات وطنيتي لأحد، وأنني لست مهتماً بإقناع الكثيرين برأيي كما يظنون، أو كما تصور لهم أبواق السلطة، ولن يصدقوا أن كل ما يهمني في الحياة أن أجد وقتاً للقراءة والفرجة والتعلم والسفر، فأجد بعدها ما أكتبه وأحكيه وأتحدث عنه، وهو توجّه في الحياة أدين بتكوينه لكل تجارب الماضي، لأنها علمتني أن أتعامل مع الحياة بواقعية شديدة، دون أن يدفعني ذلك للتنازل عن مبادئي، ولذلك لم أتفاعل مع تجربة السفر بمرارة وغضب، بل رأيت فيها بكل تحدياتها بداية جديدة أعادت تشكيل علاقتي بكل شيء في الحياة، فالسفر ميلاد جديد، شريطة أن تتقبل معاناة أن تولد من جديد، وتدرك أن معنى الولادة من جديد ليس معنى رومانسياً ومبهجاً بالضرورة، بل يمكن أن يكون عكس ذلك في بعض الأحيان، لكنه يظل أجمل وأفضل من الموت أو التجمد أو الجري في المكان أو مطاردة أشباح ماضٍ لا تريد أن تصدق من فرط ارتباطك به أنه قد ولّى، وأنك بحاجة إلى أن تتجاوزه وتعيش زمناً غيره.

(5)
بفضل الإنترنت، لم يعد السفر غربة كاملة كالتي عاشها أبناء جيلي من قبل مع أهاليهم المسافرين في مناكبها لطلب الرزق، لكن الإنترنت في الوقت نفسه لم يُصمّم لتجاوز مشاعر الحنين والأسى والفقد والشجن والاشتياق، بل هو على العكس قد يعمل على تأجيجها بشكل تكون عواقبه وخيمة لو لم تنتبه إليه، خصوصاً حين يتعلق الأمر بأحباب سبقوك إلى رحاب الله، أو قرروا أن يدفنوا أنفسهم بالحيا بشكل أو بآخر، أو بأحباب يتعرضون للظلم في غياهب السجون، في مصير تدرك جيداً أنه كان يفترض أن يكون مصيرك، فتخرس نفسك الأمّارة بالشكوى، حين يطيب لها تذكيرك بما يمضي من عمرك دون أن تحقق أحلاماً يجب أن تحققها، وتسأل الله في كل حين السلامة للمظلومين، والصبر لأهاليهم الذين لم تعد تستغرب حين يطلب منك بعضهم ألا تتحدث عنه، لكي لا يسوء وضعه في السجن أكثر، وتأسف حين يظن بعضهم الآخر أن ما قد تكتبه عن مأساة من يهمه، يمكن أن يحدث فرقاً ما، في واقع تبلدت فيه المشاعر والأفهام.

لكنك في كل حال لا تضيع وقتك في ما هو أبعد من أداء واجبك وما هو أكبر من طاقتك، وتذكر نفسك دائماً أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو معنى يصعب على الكثيرين تقبله، خصوصاً بعد أن عاشوا أياماً رأوا فيها كيف ينجح التضامن الجماعي في تغيير الكثير من الأوضاع الخاطئة، وهل يمكن أن تلومهم إن واصلوا إنكار الواقع المر، أو خارت قواهم إزاءه، أو سخطوا عليه بشكل تلوم نفسك حين تستغربه.

تذكِّر نفسك أيضاً بأهمية أن تحرص على أخذ مسافة ما تسمح لك بتأمل الواقع وتحليله، دون أن تتورط فيما هو أبعد من التعبير عن رأيك بشكل يريح ضميرك، وتذكير نفسك بأن أكبر مهمة كانت ولا زالت ويجب أن تشغلك مستقبلاً هو الاهتمام بتكوين رأيك والتعبير عنه بشكل يرضيك ككاتب، وليس الدفاع عنه ولا إقناع أحد به ولا الانشغال بأثره، بل الانشغال بمراجعته وتطويره، ناظراً من حين لآخر إلى الساعة الرملية التي تذكرك بأنك لم تعد تمتلك رفاهية إضاعة الوقت فيما هو أبعد من القراءة والفرجة والكتابة والتذكر والحكي والهري إن لزم الأمر، والحفاظ على ما تبقى من الصحة التي بدّدتها برعونة، والبقاء في بيتك، لا تغادره إلا للشديد القوي واللطيف المبهج والمفيد الملهم، والأهم من ذلك كله: الانتظام في القراءة والكتابة ودفع الإيجار، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.