إقرار قانون "فرنسة" المواد العلمية بالمغرب.. وأنصار اللغة العربية يرفضون

23 يوليو 2019
أثار مشروع القانون جدلا واسعا قبل إقراره (تويتر)
+ الخط -
صادق مجلس النواب المغربي، أمس الإثنين، بالأغلبية، على مشروع القانون المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، بعد تصويت لجنة التشريع الخاصة بالتعليم والثقافة والاتصال يوم الثلاثاء الماضي على المشروع.

وبعد الجدل الذي أثاره قانون إصلاح التعليم، خاصة في ما يتعلق بتدريس بعض المواد العلمية باللغة الفرنسية، صوّت لصالح مشروع القانون 241 عضوا ينتمون لفرق العدالة والتنمية، والتجمع الدستوري، والأصالة والمعاصرة، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، وأيّد 144 برلمانيا المادتين الثانية و31 المثيرتين للجدل، فيما اعترض برلمانيان عن فريق العدالة والتنمية، وامتنع 118 عضوا من فريقي العدالة والتنمية والاستقلالي عن التصويت.

وسجّلت جلسة التصويت غياب رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، إدريس الأزمي الإدريسي، والذي قدّم استقالته من رئاسة الفريق في رسالة نصية بعثها إلى القيادة السياسية للحزب وأمينه العام رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، على خلفية موقف الحزب من مشروع القانون، إلى جانب رفض رئيس الحكومة المغربية السابق، عبد الاله بنكيران، للقانون، واعتباره ضد "مصلحة الشعب المغربي".

وفي تعليق على تمرير مشروع القانون، قال رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الدكتور فؤاد بوعلي، لـ "العربي الجديد": "موقفنا واضح من القانون، فهو لن يحل الإشكال التربوي والتعليمي في المغرب، بل هو اجترار للفشل، وخضوع لسيطرة اللوبي الفرنكوفوني، ومؤشر على غياب استقلالية القرار السياسي، ودليل واضح على أنّ الأحزاب السياسية قد أخلفت موعدها مع اللحظة التاريخية وسقطت في شرك (الفرنسة) وفرض أجندة اللوبي الفرنسي".

وأضاف بوعلي: "بعد المصادقة على القانون، ننتظر الإجراءات التنظيمية التي ستعقبه، لكننا مقتنعون أن هذا القانون تغيب فيه الرؤية والجدية ومصداقية القرار السياسي، لذلك نعول على المجتمع المدني للتصدي له بعد أن تخلت الأحزاب عن أدوارها الوطنية".

وفي خضم الجدل حول مواد القانون، وخاصة المتعلقة باعتماد اللغة الفرنسية لتدريس المواد العلمية والتقنية، عبر أساتذة لـ"العربي الجديد"، عن تأييدهم لاعتماد اللغة الفرنسية باعتبارها الخيار العلمي المتاح في ظل الحديث عن صعوبات اعتماد اللغة الإنكليزية، وعدم جدوى اللغة العربية في تدريس العلوم.

وقال أستاذ مادة الرياضيات، مراد اشقندي، لـ"العربي الجديد": "لا أجد أي إشكال في اعتماد الفرنسية لتدريس المواد العلمية والتقنية لطلاب المرحلة الثانوية، بل على العكس أعتبر ذلك أمرا إيجابيا ويصب في مصلحة الطالب، ويجنبه العديد من الصعوبات والعراقيل المعرفية التي قد تواجهه مستقبلا، سواء في الجامعات والكليات أو المعاهد الخاصة".

وتابع اشقندي: "أجد أنه من باب المبالغة الحديث عن ضرب مقتضيات الدستور، أو التقليل من قيمة اللغة العربية، مادامت المادة الثانية من القانون تتحدث عن تنويع لغات التدريس إلى جانب اللغتين الرسميتين للدولة، وهما العربية والأمازيغية". مستدركا "صحيح أنّ الإنكليزية هي لغة البحث العلمي المعتمدة في العديد من الدول المتقدمة، لكن في ظل مشكلات استخدامها في المغرب، فخيار الفرنسية يبقى الأفضل"، مشيرا إلى فشل سياسة تعريب التعليم التي اعتمدت في البلاد خلال فترة السبعينيات.

في المقابل، أوضح المستشار في التخطيط التربوي، محمد اقديم، لـ"العربي الجديد"، أن "الهندسة اللغوية التي يبشر بها القانون تحمل في طياتها مشروع إبادة للغات الوطنية"، مشيرا إلى أن "القانون قام بأكبر عملية التفاف على الدستور الذي ينص على أن اللغتين الرسميتين للمغرب هما العربية والأمازيغية. قام القانون بإفراغ هذا المقتضى الدستوري من محتواه بآلية ملتوية اسمها التناوب اللغوي، والذي لا يعني عمليا سوى فرض لغة غير دستورية في النظام التربوي المغربي بحجة الانفتاح على اللغات الأجنبية".

وأكد وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، أنّ "القانون بالغ الأهمية كونه يشكل أول قانون في تاريخ التشريع المغربي في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي يعتمد اللغات الأجنبية، وهذا سيمكن بلادنا من التوفر على إطار مرجعي ملزم للجميع، ويوفر شروط الإقلاع الحقيقي للمدرسة المغربية".

وشدد الوزير على أنّ "اللغة العربية ستحتفظ بمكانتها باعتبارها لغة أساسية للتدريس، مع الحاجة إلى تقوية وضعيتها وتجويد مناهجها وبرامج تدريسها، وتجديد المقاربات البيداغوجية والأدوات المتعلقة بها، حتى يتمكن كل حاصل على البكالوريا من إتقانها".

وتابع: "يأتي ذلك إلى جانب تخويل اللغة الأمازيغية مكانتها التي تليق بها، إذ سيتم تطوير وضعها في المدرسة، ومواصلة المجهودات الرامية إلى تهيئتها بيداغوجيا لتعميمها تدريجيا على مستوى التعليم الابتدائي والثانوي".



ويتكون مشروع القانون من 10 أبواب تضم 60 مادة، وديباجة من ضمن ما جاء فيها "التنصيص على إرساء مدرسة جديدة مفتوحة على الجميع، تتوخى تأهيل الرأسمال البشري مستندة إلى ركيزتي المساواة وتكافؤ الفرص من جهة، والجودة للجميع من جهة أخرى".

 

وتجدر الإشارة إلى أنّ بدايات نقاش "فرنسة التعليم" كانت في عام 2015، بعد قرار وزارة التربية الوطنية بتدريس المواد العلمية والتكنولوجية في المرحلة الثانوية باللغة الفرنسية، وتوجيه وزير التربية والتكوين المهني المغربي السابق، رشيد بن المختار، مذكرة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أكد فيها على أهمية "تصحيح الاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية" وتدريس المواد التعليمية في السلك الثانوي التأهيلي باللغة الفرنسية.

دلالات
المساهمون