من غرائب جلسة بحث الثقة للحكومة التونسية في البرلمان، أن كل النواب وقفوا تصفيقاً لرئيسها بعد بيانه، وكان تصفيقاً حاراً ووقوفاً، ما كان يوحي لوهلة بأن الرجل سيبقى في منصبه رغماً عن أنف رئيس الجمهورية وأحزاب الائتلاف الحاكم. غير أن الحبيب الصيد لم يجنِ من هذا التصويت أكثر من ثلاثة أصوات فقط، ولم يسعفه إلا 27 نائباً احتفظوا بأصواتهم، ليغادر الحكومة من أصغر الأبواب، بعد أن دخلها من أكبرها بحصوله على أغلبية أصوات المجلس عند تعيينه.
وسيسأل رئيس الحكومة التونسية المستقيل نفسه اليوم، ماذا ربح من ذهابه إلى مجلس النواب وماذا خسر بالتحديد؟ وسيتساءل مقيلوه أيضاً من أحزاب الائتلاف، عمّا خلّفته جلسة البرلمان التاريخية، بمقاييس كثيرة، للمشهد السياسي التونسي.
وجاءت هذه الجلسة لتكشف حالة الانفصام السياسي الذي تعيشه الساحة السياسية التونسية، وحقيقة ممارساتها، وقلقها المزمن. فقد أحال الصيد، وهو أول مكاسبه، إلى طبيعة النظام الذي لا يزال رئاسياً بالممارسة، على الرغم من احتكامه إلى البرلمان، وكشف عن طبيعة العلاقات بين مؤسسات الدولة، وشقّها التنفيذي بالخصوص، ونبّه خلَفَه إلى ما ينتظره من أسلوب حكم، وطريق وعرة كثيرة التوازنات، وإلى نسيج علاقات معقدة تخضع لمعايير تونسية خالصة.
غير أن الصيد الذي كرر مراراً وتكراراً أنه غير متشبث بالمنصب، لم يكن متناسقاً في مواقفه، وتبيّن أنه يُعدّ لمستقبل سياسي لعله يكون قريباً، على الرغم من أن بعض الفاعلين انزعجوا من إشارة سابقة لنا بأنه قد يكون يهيّئ لدخول قرطاج، إلا أن كل الاستنتاجات المنطقية الواضحة، تقود إلى الاعتقاد بأنه بالفعل يمهد لذلك، ولكنه خسر داعماً قوياً، هو حركة النهضة، بسبب خطوة تعنّت لم تكن في الحسبان، عندما أصر إلى آخر لحظة على الذهاب للبرلمان، وبالأسلوب الذي توخّاه، وأحرجها نسبياً.
ولكن الذين يعرفون الساحة التونسية، يعرفون أنها متقلبة، وأن الغضب قد يتحوّل إلى ودّ، والودّ إلى قطيعة، تماماً كما تحوّل حوالي مائتي صوت من مساندين للصيد منذ عام ونصف العام، إلى مناهضين له، وبالسرعة التي صفّق بها كامل المجلس لخطابه، ثم دعاه إلى الرحيل.
وسيسأل رئيس الحكومة التونسية المستقيل نفسه اليوم، ماذا ربح من ذهابه إلى مجلس النواب وماذا خسر بالتحديد؟ وسيتساءل مقيلوه أيضاً من أحزاب الائتلاف، عمّا خلّفته جلسة البرلمان التاريخية، بمقاييس كثيرة، للمشهد السياسي التونسي.
وجاءت هذه الجلسة لتكشف حالة الانفصام السياسي الذي تعيشه الساحة السياسية التونسية، وحقيقة ممارساتها، وقلقها المزمن. فقد أحال الصيد، وهو أول مكاسبه، إلى طبيعة النظام الذي لا يزال رئاسياً بالممارسة، على الرغم من احتكامه إلى البرلمان، وكشف عن طبيعة العلاقات بين مؤسسات الدولة، وشقّها التنفيذي بالخصوص، ونبّه خلَفَه إلى ما ينتظره من أسلوب حكم، وطريق وعرة كثيرة التوازنات، وإلى نسيج علاقات معقدة تخضع لمعايير تونسية خالصة.
غير أن الصيد الذي كرر مراراً وتكراراً أنه غير متشبث بالمنصب، لم يكن متناسقاً في مواقفه، وتبيّن أنه يُعدّ لمستقبل سياسي لعله يكون قريباً، على الرغم من أن بعض الفاعلين انزعجوا من إشارة سابقة لنا بأنه قد يكون يهيّئ لدخول قرطاج، إلا أن كل الاستنتاجات المنطقية الواضحة، تقود إلى الاعتقاد بأنه بالفعل يمهد لذلك، ولكنه خسر داعماً قوياً، هو حركة النهضة، بسبب خطوة تعنّت لم تكن في الحسبان، عندما أصر إلى آخر لحظة على الذهاب للبرلمان، وبالأسلوب الذي توخّاه، وأحرجها نسبياً.
ولكن الذين يعرفون الساحة التونسية، يعرفون أنها متقلبة، وأن الغضب قد يتحوّل إلى ودّ، والودّ إلى قطيعة، تماماً كما تحوّل حوالي مائتي صوت من مساندين للصيد منذ عام ونصف العام، إلى مناهضين له، وبالسرعة التي صفّق بها كامل المجلس لخطابه، ثم دعاه إلى الرحيل.