بات دوبي دي غوسمان، أبرز مذيعي النشرات الإخبارية المحلية في شبكة "آيه بي إس-سي بي إن" العملاقة للمرئي والمسموع، كمئات المراسلين الفيليبنيين عاجزاً عن مزاولة مهامه، بعدما خسرت مجموعته المعروفة بانتقادها اللاذع للسلطة الحاكمة رخصتها التشغيلية.
ومن شأن إغلاق إذاعات الشبكة ومحطاتها التلفزيونية المحلية، البالغ عددها 53 والتي تبثّ بست لغات، أن يحرم ملايين الفيليبيين من مصدرهم الرئيسي لمواكبة المستجدات والترفيه عن النفس.
فقد اضطرت هذه الشبكة العملاقة للبث الإذاعي والتلفزيوني، والتي خاضت أيضاً غمار الإنترنت، إلى الإغلاق إثر انخفاض عائداتها الإعلانية بعد رفض مجلس الشيوخ تجديد رخصتها التشغيلية، علماً أنها معارضة لسياسة الرئيس الشعبوي رودريغو دوتيرتي.
وأقرّ غوسمان بعد تقديمه، الجمعة، آخر نشرة إخبارية تلفزيونية في المنطقة الشمالية من جزيرة لوسون بأنها "واقعة أليمة".
وتحسَّر المذيع التلفزيوني من الاستوديو الواقع على بعد 240 كيلومتراً إلى الشمال من مانيلا قائلاً: "تزاولون مهامكم بمسؤولية وتفعلون ما في وسعكم لتغيير حياة المواطنين، لكنكم تخسرون منبركم في نهاية المطاف".
وكان مجلس الشيوخ الفيليبيني قد صوت، في يوليو/ تموز، ضد قرار منح رخصة جديدة مدتها 25 سنة لشبكة "آيه بي إس-سي بي إن" التي انتهت صلاحية رخصتها في أيار/مايو. وقد ردت المحكمة العليا الاستئناف المقدم إليها.
وكانت هذه الشبكة التي تملكها عائلة لوبيز الثرية تبث برامجها بلا انقطاع منذ العام 1953، ما عدا خلال الفترة الممتدة من 1972 إلى 1986 في عهد الديكتاتور فرديناند ماركوس الذي يكنّ له دوتيرتي الإعجاب.
ولم يوفر الرئيس منذ وصوله إلى سدة الحكم في 2016 فرصة لمهاجمة وسائل الإعلام التي تنتقد سياسته، لا سيما حملته الدامية والمثيرة للجدل ضد الاتجار بالمخدرات.
ومع أنه ينفي أن يكون له أي تأثير على تصويت مجلس الشيوخ، إلا أنه كان قد تعهد في السابق بمنع تجديد رخصة "آيه بي إس-سي بي إن".
وقد استمرت الشبكة ببث عدد كبير من نشراتها الإخبارية وبرامجها الشعبية بالكابل والإنترنت بعد انتهاء صلاحية رخصتها، في مايو/ أيار.
غير أن انخفاض العائدات الإعلانية إلى حد بعيد دفع المجموعة إلى تخفيض تكاليفها تخفيضاً شديداً.
وقالت مديرة الأخبار في "آيه بي إس-سي بي إن" ريجينا رييس إن "عائدات الإعلانات (المتأتية من المجال الرقمي) لا تضاهي للأسف تلك التي يدرّها البث التقليدي. وهنا يكمن التحدي بالفعل".
ومن المرتقب أن تتوقف الشبكة عن بث غالبية برامجها الاثنين، بعدما أغلقت الكثير من محطاتها المحلية الجمعة. واضطر كثير من مراسليها ومذيعيها إلى التنحي وباتت آلاف الوظائف على المحك.
وقد اضطلعت "آيه بي إس-سي بي إن" التي تمتلك شبكة واسعة من القنوات في الأرخبيل لعقود بدور بارز في نشر المعلومات، لا سيما في ما يتعلق بالكوارث الطبيعية، كالأعاصير والزلازل أو حتى وباء فيروس كورونا الجديد.
وهي تشكل مصدر المعلومات الوحيد لسكان كثر، لا سيما هؤلاء الأكثر انعزالاً أو الذين لديهم نفاذ محدود أو معدوم لشبكة الإنترنت. ففي بعض المناطق، يعول الصيادون على أخبارها لمعرفة إن كانت الأحوال الجوية مؤاتية لركب البحر، بحسب رييس.
وإذ لاحظت المراسلة التلفزيونية في باغيو (شمال مانيلا) ميكاييلا إيلاو أن "النفاذ إلى الإنترنت أو الإذاعة أو الصحف غير متوافر للجميع"، نبّهت إلى أن "انقطاع البث التلفزيوني يحرم السكان من معلومات موثوق بها".
وقد وصفت جمعية المراسلين الأجانب في الفيليبين إغلاق قنوات الشبكة المحلية بـ"اليوم القاتم جدًا لوسائل الإعلام المستقلة" في البلد الذي يحتل المرتبة الـ136 من أصل 180 في تصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود". وصرحت "إنها مأساة وطنية كان من الممكن تفاديها، تسبب بها هؤلاء الذين من المفترض بهم حماية الفيليبيين من المحن".
وفي وسع "آيه بي إس-سي بي إن" أن تقدم طعناً جديداً، لكن الأمر لن يجدي نفعاً إلا في حال غيّر أعضاء من مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه مؤيدو الرئيس رأيهم.
(فرانس برس)